18 ديسمبر، 2024 8:10 م

حتى في أمريكا دولة عميقة

حتى في أمريكا دولة عميقة

قال الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامببتاريخ 5/3/2023، في خطاب أمام حشد من مناصريه خلال المؤتمر السنوي للقادة المحافظين، إستمر لساعتين، بأنه سينقذ أمريكا من التحول إلى “كابوس شيوعي بذيء” و ذلك عبر التخلص من “الدولة العميقة”، و قلب سياسات الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، إذا حصل على فرصة ثانية للرئاسة، مؤكداً على كونه الشخص الوحيد الذي يمكنه جعل أمريكا عظيمة من جديد، ومتوعدا بإقتلاع “الدولة العميقة من جذورها، وقال ترامبسأمحو الدولة العميقة تماماً، سأطرد البيروقراطيين غير المنتخبين و قوى الظل المرضى، إنهم أناس مرضى“. و قال أيضاً “إذا أعدتموني إلى البيت الأبيض سنكون أمة حرة. سينتهي حكمهم، إننا لم نعد دولة حرة، ليست لدينا صحافة حرة، ليس لدينا أي شيء حر“.

نحن نشكو من أن الدولة العميقة في العراق هي سبب دمارنا، و لكن أمريكا و على الرغم من وجود الدولة العميقة فيها، و بإعتراف ترامب، فإنها الدولة الأولى في العالم. و ذلك لأن الحاكم الفعلي لأمريكا هو الشعب، حيث بلغت نسبة المشاركة في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 تساوي 67%, بينما في إنتخابات البرلمان العراقي لعام 2021 كانت نسبة المشاركة تساوي 20%.

العامل الثاني لقوة أمريكا هو إستقلال القضاء عن المتنفذين، حيث أن الشعب الأمريكي هو القاضي الفعلي في المحاكم الأمريكية عن طريق تمثيله فيهيئات المحلفين، التي تتكون من 12 عضواً، التي تصدر القرار بحق المتهمين بكونهم مذنبين أو غير مذنبين، بينما في العراق فإن القرارات تصدر من قبل القضاة الذين عادةً يخضعون لإرادة المتنفذين.

العامل الثالث لقوة أمريكا هو أن الإدعاء العام يتبع إلى الرئيس الأمريكي و هو المسئول التنفيذي للحكومة لتطبيق القانون و إقامة العدلفي أمريكا. و يقوم الرئيس الأمريكي بترشيح المدعي العام و يوافق عليه مجلس الشيوخ. إضافة ً لذلك فإن لكل ولاية أمريكية مدعي عام خاص بهاعادة ما يتم انتخابه لمدة 3 سنوات. بينما في العراق فإن الإدعاء العام هو جزء من السلطة القضائية، و رئيس المحاكم هو المسئول عن رئيس الإدعاء العام، و لذلك يكون دوره شبه معدوم كما نلاحظ ذلك على أرض الواقع.

العامل الرابع لقوة أمريكا هو أن الموارد الأولية و الصناعة بكافة أنواعها و منها صناعة الأسلحة و إنتاج الكهرباء و الزراعة و الصحة و التعليم العالي بيد القطاع الخاص، و كل هذه القطاعات هدفها الربح المادي مقابل الخدمات التي تقدمها و الإنتاج الذي تبيعه، و مصدر تمويلها هو الإقتراض من البنوك الأهلية، و لا يمكن أن تحدث سرقات مالية في مثل هكذا نظام، كما يحدث في العراق، حيث بلغت الأموال المسروقة 600 مليار دولار منذ 2003 كما صرح بذلك مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء السابق لصحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 12/3/2023.