خاص : كتبت – نشوى الحفني :
فيما يبدو واضحًا أنه حدث نادر بين “واشنطن” و”تل أبيب”، استدعت “أميركا” سفير إسرائيل لديها؛ “مايكل هرتسوغ”، للاحتجاج على قرار استيطاني، وهو ما اعتبره الإعلام الإسرائيلي: “آلية دبلوماسية نادرة”.
وقالت “الهيئة العامة للبث الإسرائيلي”، أمس الأول: “في خطوة استثنائية بين البلدين، استدعت وزارة الخارجية في واشنطن؛ الليلة الماضية، سفير إسرائيل لديها؛ مايكل هرتسوغ”.
وأوضحت أن الاستدعاء يأتي: لـ”محادثة توبيخ في أعقاب إقرار (الكنيست) إلغاء قانون الانفصال في شمال الضفة الغربية”.
وأضافت: “التوبيخ آلية دبلوماسية نادرة للغاية في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة”.
وتُعتبر الخطوة استثنائية؛ وتأتي بعد إدانة أميركية شديدة لقرار (الكنيست) الإسرائيلي السماح لمستوطنين العودة إلى: 04 مستوطنات في شمالي “الضفة الغربية”؛ تم إخلاؤها عام 2005، كخطوة مكملة لانفصال “إسرائيل” عن “قطاع غزة” في عهد رئيس الوزراء الأسبق؛ “آرئيل شارون”.
يضع حدٍ لقانون تمييّزي..
واجتمع “هرتسوغ”؛ مع نائبة وزير الخارجية الأميركية؛ “ويندي شرمان”، التي أعربت عن قلق “واشنطن” العميق من الخطوة الإسرائيلية التي تُجيّز بناء مستوطنات شمال “الضفة الغربية”.
وفي بيان لمكتب رئيس الوزراء؛ “بنيامين نتانياهو”، عقب الانتقادات الأميركية، قال إن: “قرار (الكنيست) بإلغاء أجزاء من قانون الانفصال، يضع حدًا لقانون تميّيزي ومهيّن يحظر على اليهود العيش في مناطق شمال الضفة الغربية”.
وأضاف: “ليس من قبيل المصادفة أن كبار أعضاء المعارضة أيدوا هذا القانون على طول الطريق، ومع ذلك، لا تنوي الحكومة إقامة مستوطنات جديدة في هذه المناطق”.
يعكس رغبة الاستباحة الكاملة للأراض الفلسطينية..
ومن شأن إلغاء “قانون فك الارتباط”، أن يسمح للمستوطنين الإسرائيليين بالعودة إلى مستوطنات “جانيم” و”كديم” و”حومش” و”سانور”، وجيمعها مقام على أرض “جنين”.
وقال منسّق “اللجنة الشعبية الفلسطينية لمقاومة الجدار والاستيطان”؛ “جمال جمعة”، إن الهدف الأساس من هذا القانون هو سياسي بالأساس؛ ويُدّلل على أن فكرة إخلاء المسّتوطنات مرفوضة بشكلٍ قاطع، وحتى ما تم إخلاؤه ضمن مشروع تحويل “الضفة الغربية” إلى (كانتونات) ومعازل تم التراجع عنه.
وأوضح أن العودة إلى المستوطنات الأربع المخلاة في “جنين”، يعكس رغبة الاستباحة الكاملة للأراضي الفلسطينية، لا سيما أن “جنين” كانت صاحبة النصّيب الأقل من حيث الاسّتيطان، إلا أن ذلك الواقع قد يتغير، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية؛ (وفا).
حدث نادر لم يحدث منذ 13 عام !
وكشف مسؤولون أميركيون، عن أزمة عميقة تضرب العلاقات بين “واشنطن” و”إسرائيل”، على خلفية تفجر عدد من الملفات التي أفرزتها سياسات حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”.
ويمتلك “نتانياهو” خبرة واسعة في التعامل مع إدارات الحزب (الديمقراطي)؛ في “واشنطن”، حيث سبق وتعامل مع إدارة الرئيس الأميركي؛ “باراك أوباما”، لمدة ثمانِ سنوات، تخللها أزمات وفتور في العلاقة أحيانًا، لكن “نتانياهو” حال دون وصولها للقطيعة بين البلدين.
وقال موقع (أكسيوس) الأميركي إن العلاقات “الأميركية-الإسرائيلية” تمر بأزمة عميقة بعد أقل من ثلاثة أشهر من عودة؛ “بنيامين نتانياهو”، إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، مشيرة إلى التوبيخ الأميركي النادر لأحد أقرب حلفائها بعد أسابيع من التوترات المتصاعدة بين البلدين.
وأشار إلى أن آخر مرة تم فيها استدعاء سفير إسرائيلي إلى “وزارة الخارجية” الأميركية، كان في عام 2010؛ عندما وافقت “إسرائيل” على بناء جديد في مستوطنة بـ”القدس الشرقية”؛ خلال زيارة نائب الرئيس آنذاك؛ “جو بايدن”، إلى “إسرائيل”.
ونقل الموقع عن مسؤولين أميركيين، تأكيدهم أن تمرير القانون الأخير الذي يُتيح تعزيز الاسّتيطان في “الضفة الغربية”، كان الحلقة الأخيرة ضمن سلسلة مواقف اتخذتها الحكومة الإسرائيلية وأعلنت؛ “واشنطن” رفضها لها.
أزمة مؤجلة..
وقال مسؤولون في إدارة “بايدن”؛ إنهم كانوا يعلمون أن أزمة مع الحكومة الإسرائيلية ستحدث في وقتٍ ما، لكنهم حاولوا تأجيلها قدر الإمكان، مضيّفين أن: “الإدارة الأميركية عّبرت عن مخاوفها حتى قبل أن يؤدي نتانياهو اليمين”، في إشارة إلى المناصب الوزارية التي كان من المقرر أن يمنحها رئيس الوزراء لشركاء مُعينيّن من اليمين المتطرف في الائتلاف.
وقال المسؤولون الأميركيون؛ بحسّب (أكسيوس): “أرادت إدارة بايدن تجنب المواجهة حتى تتمكن من العمل مباشرة مع نتانياهو؛ في مواجهة إيران وتوسّيع اتفاقات إبراهيم، كما سّعى نتانياهو إلى طمأنة المخاوف الدولية بشأن حكومته”.
وبدأت التوترات تتفاقم بعد أسابيع فقط من أداء الحكومة الإسرائيلية اليمين الدستورية، عندما قدم الائتلاف الحاكم خطته لإضعاف المحكمة العليا والمؤسسات القضائية، وأعرب مسؤولون أميركيون بمن فيهم الرئيس؛ “بايدن”، عن مخاوفهم بشأن ما ستُعنيه الخطة للديمقراطية الإسرائيلية.
حوادث عدة في “الضفة الغربية”..
وأشار الموقع إلى تصاعد التوترات بسبب عدة حوادث في “الضفة الغربية” المحتلة، ودعوة وزير المالية الإسرائيلي؛ “بتسلئيل سموتريتش”، إلى: “محو” قرية “حوارة” الفلسطينية، وادعاء الوزير ذاته في مناسبة لاحقة أن الشعب الفلسطيني كان: “اختراعًا” ولا وجود له، فاقم التوترات بين “واشنطن” و”تل أبيب”.
وازدادت حدة تلك التوترات عندما ألغى (الكنيست) الإسرائيلي؛ “قانون فك الارتباط” لعام 2005، وتسمح الخطوة للإسرائيليين بالدخول إلى المنطقة الواقعة بين مدينتي: “جنين ونابلس”، والتي كان المستوطنون الإسرائيليون قد أخلوها عام 2005، ويمكن لهذه الخطوة أن تُزيد بشكلٍ كبير من احتمالات الاحتكاك بين المستوطنين والفلسطينيين في المنطقة الأكثر حساسية واضطرابًا في “الضفة الغربية” المحتلة، بحسّب الموقع الأميركي.
ووصفت “الولايات المتحدة”؛ هذه الخطوة: بـ”الاستفزاز” والانتهاك للالتزامات التي تعهدت بها الحكومة الإسرائيلية لـ”الولايات المتحدة”، خلال الاجتماعات التي عقدت في “العقبة” و”شرم الشيخ”.
ونقل (أكسيوس) عن مسؤولين وصفهم بالمطلعين؛ أن: “استدعاء السفير؛ هرتسوغ، كان نتيجة تمادي الإسرائيليين في تجاوز بعض الخطوط التي رسمتها إدارة بايدن”.
تعامل “نتانياهو” مع الأزمة..
وقال موقع (واللا) الإسرائيلي؛ إن “نتانياهو” يمتلك خبرة كبيرة في التعامل مع الأزمات مع رئيس ديمقراطي، وأحد الأشياء التي تفاخر بها مرارًا وتكرارًا خلال بعض الحملات الانتخابية الأخيرة هو حقيقة أنه تجاوز ثمان سنوات من حكم إدارة “أوباما”.
وأضاف: “بدأ بعض مستشاري نتانياهو بالفعل في استخدام مصطلحات تذكر بتلك التي كانت خلال الأيام المتوترة في العام الأخير من ولاية أوباما”، مضيفًا قال أحد مستشاري رئيس الوزراء في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة: “لنتحدث في عام 2024”.
وأشار الموقع الإسرائيلي إلى أن “نتانياهو” يسّعى لمحاولة تحقيق التوازن بين احتياجاته السياسية الداخلية التي تتطلب تنفيذ سياسات شركائه في الحكومة من جهة، وتهدئة الضغط الأميركي ومحاولة امتصاص غضب “واشنطن” من جهة أخرى.