17 نوفمبر، 2024 2:49 ص
Search
Close this search box.

الماسونية (8) اتصف تنظيم المتنورين بالغموض والتجسس

الماسونية (8) اتصف تنظيم المتنورين بالغموض والتجسس

 

خاص: إعداد- سماح عادل

ننتقل للتعرف على تنظيم التنويريين بالتفصيل في محاولة لفهم ما يعرف بالماسونية والجدل المثار حولها.

النشاط والتنظيم..

على الرغم من كل الرؤى حول منظمة المتنورين ونظريات المؤامرة، كانت الدلائل تشير إلى أن المنظمة لم تكن أكثر من مجرد منتدى للنقاش الراديكالي الجذري، على أن تكون أعمار الأعضاء على الأقل 18 عاما، مع استبعاد النساء واليهود والوثنيين والرهبان وأعضاء الجمعيات السرية الأخرى.

الأسماء المستعارة للأعضاء والمدن كانت في كثير من الأحيان مستوحاة من الأساطير اليونانية والرومانية. مثل ميونخ أطلق عليها اسم «أثينا». وقد أعد فرانز خريطة للمنظمة بأكملها، التي وأطلق عليها اسم ألمانيا «آشور» ثم قام بتقسيمها إلى ثلاثة مراكز رقابية وسماها «أكايا» و«إثيوبيا» و«أبيسينيا» وتعني (الحبشة) ثم قام بتقسيم هذه المراكز إلى محافظات أخرى، كل المقاطعات والدلائل والاتجاهات مع كل الأسماء المستعارة كانت ضمن الخريطة التي أعدها فرانز.

تم إعداد قوائم القراءة المناسبة لمختلف رتب الأعضاء. في 1778 كان على قائمة القراءة العديد من الأعضاء مثل سينيكا وأبكتاتوس وبلوتارخو كريستوف فيلاند مارتن وكلود ادريان هلفتيوس، وكان هناك فلاسفة آخرون من فلاسفة الأدب والأخلاق، كما أن هناك العديد كتابات الأدب الفلسفي الأخرى التي لابد أن تقرأ. كان هناك تسلسل هرمي صارم في النظام. أعضاء الإدارة فقط هم الذين كانوا على اطلاع بأهداف منظمة المتنورين الحقيقية. أما الغرباء والأفراد من الدرجات الدنيا لا يعرفون شيئا سوى أنها منظمة معتدلة سياسيًا وأنها تؤكد على نمو شخصية الفرد وتنوير فكره. وقد كان كل عضو يقدم تقريرًا للعضو الأعلى منه رتبة.

غموض..

كانت هناك تلميحات قوية وواضحة بين الأعضاء لفرض المزيد من الغموض على المنظمة، وقد أصبحت هذه الخطوة أقوى مما كانت عليه خصوصًا بعد مجيء فرانز. أما وايسهاوبت فقد كان متأثرًا بأصحاب الأفكار الباطنية الغامضة، وخاصة الذين يمتلكون أسرار المعرفة. قام فرانز بتصنيف المنظمة ضمن ثلاث فئات كل فئة مكونة من ثلاث درجات: المبتدئ ومنيرفال ومنيرفال المتنور. الطبقة الثالثة تحتوي على فئتين من الدرجات، درجات ذات غموض وسرية قليلة نسبيًا وهي: الكاهن (VII°) والأول أو الأمير (VIII°)، ودرجات شديدة الغموض والسرية وهي: الدجال (IX°) والملك (X°). ـ

الدرجة الأولى

I º    مبتدئ

II º   منيرفال

III º  منيرفال المتنور

الدرجة الثانية (محفلين)

محفل القديس يوحنا – المحفل الأزرق

IV º  المتنورين – درجات عادية        I º مبتدئ

II º سفين أو بارع

III º سيد

محفل القديس أندرو – المحفل الأسكتلندي

V º   كبير متنورين

VI º  قائد متنور أو الفارس الأسكتلندي

الدرجة الثالثة (مكونة من قسمين)

درجات أقل غموض وأقل سرية

VII º الكاهن

VIII º       الأمير أو الأول

درجات شديدة الغموض والسرية

IX º  الدجال

X º   الملك

الطبقة المتحضرة..

في البداية كانت المنظمة لا تقبل إلا الشبان فقط، يبدأ الشاب بدرجة (مبتدئ). وقد كان يتم التركيز على الطبقات الاجتماعية المتحضرة أكثر من العادية. إن اجتماع أفراد ممن لديهم ميول فكرية مشتركة ومتوافقة مع رئيس المنظمة أو الجمعية يعتبر من أهم ركائز الجمعيات السرية، وقد كانت منظمة المتنورين من أشد الجمعيات السرية التي تحرص على توافق أفكار الأعضاء ويعد من أهم عوامل تفوقهم على غيرهم.

بالإضافة إلى التدقيق الذي انتهجه فرانز في وثائق الأعضاء الجدد وتوثيق العضويات كان أيضاً من أكبر الدلائل على أن المتنورين كانوا متفوقون على جميع أشكال الماسونية الأخرى، وكان من شأن تلك الطرق ألا تتسبب في تدهور المنظمة، كما أنها تعتبر الحل الوحيد الذي سيعيد للماسونية نقائها الحقيقي.

كان لدى المنظمة آلية معينة في قبول الأعضاء الجدد، فعند التحاق عضو جديد يقول له معلمه أن الهدف الرئيسي هو تطوير شخصيته الأخلاقية ومبادئه الإنسانية، ومساعدة الناس في العثور على مكانهم المناسب في المجتمع وفي العالم. يقوم هذا المبتدئ بأداء القسم على أن يحافظ على السرية التامة وأن يقدم مصلحة المنظمة على مصالحه الشخصية، وعليه أن يقدم وصفاً دقيقاً ومفصلاً عن عائلته وعن مهنته، وماهي الكتب التي يقرأها، وأسماء أعدائه وأسباب الخلافات التي وقعت بينه وبينهم، وماهي صفاته الجيدة والسيئة، وأسماء الأبوين وأصدقائهما، وماهي اهتماماتهم ومصالحهم.

ويتم كتابة تقارير شهرية عن المبتدئ، ويسئل عن الكتب التي استفاد منها خلال هذه الفترة. يعتمد تقدم المبتدئ إلى مستويات أعلى على تجنيده لأعضاء جدد، وأيضاً بعد مقابلة مع معلمه الذي تم اختياره عن طريقه يمكن ترقيته إلى المستوى التالي بعد سنتين. في الدرجة الثانية، يمكن تعيين (المنيرفال) من المرة الأولى التي يتصل فيها مع أعضاء آخرين في المنظمة. وقد تم تصميم طقوس (لدرجة منيرفال) ويقوم بهذه الطقوس لإزالة أي شبهة حول أن هدف المنظمة هو إسقاط الحكومة أو إسقاط سلطة الكنيسة. وأن المنظمة قد قطعت عهدا لخدمة الجنس البشري مع الصمت الأبدي عن وجود المنظمة، والتأكيد المتكرر على التضحية بالمصالح الشخصية في سبيل سيادة المنظمة.

دعم الأعضاء لبعضهم..

يحصل المنيرفال على جائزة النظام الأساسي، مع التزامات إضافية ودراسات موسعة ومتخصصة للغاية. ويقوم الأعضاء بإبرام وعوداً بمساعدة بعضهم البعض في نفس المنطقة التي يتواجدون فيها، بما في ذلك المساعدة في الحصول على طلبات (سفر الطلاب)، والمساعدة في كتابة وإصدار كتب بعضهم البعض، ومقاطعة المكتبات التي عارضت إصدار كتبهم أو قامت بتأخير إصدارها، كما أنهم قطعوا وعوداً بالاعتراف العلني لبعضهم البعض.

وحسب رسالة خاصة لـ (فرانز) و(وايسهاوبت) جاء فيها أنهما خططا لإنشاء جامعة حرة، مع مكتبة تحتوي على أعمال أدبية وعلمية. وجعل الدراسة على درجة من الإنسانية، ودراسة كتب المؤلفين الكلاسيكيين، بالإضافة إلى الأفكار الثورية. في الدرجة الثالثة، منيرفال المتنور، ومهمته هي البدء في التشديد على تطوير شخصية أولئك الذين يريدون تحقيق مزيد من التقدم. وكان من المعروف أيضاً أن أعضاء الدرجة الثالثة يقومون بقيادة مجموعات معينة من الأشخاص، وبعضهم كان من قادة المنظمة ولكن لا يعرف أعضاء المنظمة العاديون ذلك، وكانوا يقومون بذلك لتحقيق أعلى درجات الكمال في المنظمة والتطوير السريع للأعضاء العاديين. يتم تعيين مسؤول من الدرجة الثانية على عضوين إلى أربعة أعضاء من (المستوى الثالث) من الدرجة الأولى، كل ذلك يتم من خلال إطار تنظيمي معقد.

التجسس على الأعضاء..

يوجد في المنظمة عناصر للتجسس على الأعضاء. وفقاً لكتيب كتبه وايسهاوبت «مبدأ التجسس المتبادل مع جمعية يسوع»، وكان وايسهاوبت يطبق تنظيم جمعية يسوع في المنظمة حيث كان يؤمن بالنموذج التنظيمي للجمعية. وايسهاوبت كان أعمى تماما عن حقيقة أن وجود نظام التجسس المتبادل سيدمر تدريجيا الثقة المتبادلة بين الأعضاء. وقد أدى ذلك إلى الصراعات الداخلية، وأصبح في نهاية المطاف أحد الأسباب الرئيسية التي تضر بالمنظمة، حيث قام بعض عناصر التجسس بالتعاون مع السلطات لمجرد وجود خلافات شخصية بينهم وبين الأعضاء الآخرين.

المحفل الأزرق..

كان هناك أعضاء من المستوى الثالث يشاركون في اجتماعات الأعضاء من الدرجة الثانية، على الأقل مرة واحدة في الشهر، وذلك للاستماع إلى تقارير من مرؤوسيهم في الدرجة الثانية، ومناقشة أفضل السبل لتحقيق التقدم وحل المشاكل، ويتم تسليم محاضر هذه الاجتماعات إلى الرؤساء.

أول ثلاثة رتب في الدرجة الثانية، تندرج تحت مستوى واحد وهي متطابقة إلى حد كبير مع درجات (محفل القديس يوحنا) أو «المحفل الأزرق» في الماسونية، وهذه الدرجات كان يطلق عليها في المحفل الماسوني «مبتدئ» و«بارع» و«سيد». ولا يتم الاحتفاظ بنتيجة الطقوس الخاصة التي كانت تمارس في هذه الدرجات. وقد تم التحالف بين المنظمة والماسونية من خلال هذه الدرجات بالذات، وهي التي فتحت الطريق لتجنيد أكبر عدد من الأعضاء الجدد. كما أن الدرجتين «قائد متنور» و«كبير متنورين» تقابل نفس الدرجات في (محفل القديس أندرو) أو «المحفل الأسكتلندي» أو «المحفل الأحمر». أيضاً ليس من الضروري أن يكون العضو ماسونياً لينظم إلى المتنورين، كما أن درجة المتنورين العاديين تساوي أول ثلاث درجات في الماسونية.

ويخضع المرشحون للحصول على درجة «كبير متنورين» لتحقيق شامل في علاقاتهم بالمنظمات المغلقة والسرية الأخرى ودوافعهم للحصول على هذه الدرجة. وعند البدء في هذا التحقيق يقام طقوس مشابهة إلى درجة كبيرة لطقوس الماسونية، كما أن ذلك ينطوي على أربع التزامات، أن يبادر المرشح إلى إعطاء وصفا مفصلا لصفاته الخاصة والمميزة، وأن يستمر في المساعدة على تجنيد أعضاء جدد، وتقديم مصلحة المنظمة على مصلحته، والتعاون مع أعضاء آخرين من نفس الدرجة في إدارة الاجتماعات في الدرجة الثالثة.

القائد المتنور..

الدرجة السادسة، ويدعى (القائد المتنور) أو (الفارس الإسكتلندي)، وهو ملتزم بكل وجهات النظر من خلال اليمين الذي يؤديه، والمتضمن تركه أي نظام آخر في الماسونية عدا المتنورين، وعدم الانتماء إلى أي جمعية سرية أخرى. تبدأ طقوس هذه الدرجة مع مأدبة مصممة وفقاً للقربان المسيحي المقدس، حيث يتم توزيع الخبز والخمر على الأعضاء. المنظمة مقسمة على شكل «فروع» (محافل) داخل الأقاليم، وقد كانت الأقاليم تسمى «مقاطعات» حسب خريطة فرانز، وكل عضو من الدرجة السادسة يعين كقائد عام على لفروع الموجودة ضمن إقليم معين. وأعضاء هذه الدرجة «قائد متنور» يقودهم حاكم، ويقوم بإعطائهم براءات الاختراع عند إنشاء محافل جديدة بواسطتهم. وكان يتم اختيار أماكن جغرافية إستراتيجية لإنشاء المحافل والفروع فيها. وقد عملت الفروع على التسلل إلى المحافل الماسونية ذات الأنظمة الأخرى (المختلفة عن نظام المتنورين) من أجل تحويلها لتصبح تحت إدارة المتنورين. وإذا فشلت الفروع في ذلك فإنها تقوم من جديد للعمل بنشاط لكن هذه المرة لغرض تدمير تلك المحافل الماسونية التي لم ينجحوا في اختراقها وتحويلها.

كانت أغلب درجات «الفروع» مكونة من أعضاء الدرجة الثالثة، ويطلق على الأعضاء “Epopter” «إبوبتر» بشكل عام، ويطلق على الرؤساء “Hierophants” «هايروفانتز».

درجة الكاهن..

في درجة الكاهن، تبدأ طقوس هذه الدرجة بانتقاد السياسة المعاصرة، والحركات الدينية. ويوضح الكاهن أن جهوده تهدف إلى قيادة البشرية بعيدا عن الطرق المسدودة التي وصلوا إليها بسبب سياسات الدول وبسبب الدين، وأن ذلك هو سبب المعاناة البشرية. وأنه يجب إلغاء الملوك والحكام وإنشاء مجتمع جديد بدون طبقات، وبدون دول وبدون حدود. في هذه الدرجة يتم دراسة الفيزياء والطب والرياضيات والتاريخ الطبيعي والعلوم السياسية، والفن، والعلوم الغامضة (مثل السحر والتنجيم). والوصول إلى هذه الدرجة يخضع مباشرة لقيادة النظام العليا. وأعضاء هذه الدرجة يشاركون في اجتماعات في مستويات أدنى أحياناً دون أن يعرف الأعضاء أنهم كهنة، لأن هوياتهم دائماً مجهولة.

درجة الأمير أو الأول، يسمح نظام المنظمة الأساسي لعدد قليل جدا من الأعضاء بالوصول إلى هذه الدرجة. هناك 12 مقاطعة تندرج تحت 12 محافظة، وكانت أسماء المحافظات وعواصمها تحت الأسماء مستعارة. وقد كان بين قيادات المنظمة أعضاء بدرجة «أمير» مثل: المفتشون الوطنيون والمحافظون (ويسمون أيضًا الحكام، ويعين كل واحد على محافظة). وهذه الدرجة ومافوقها ترأسها القيادات العليا في «إدارة المنظمة» “Areopagittenes” (اريوبغيتنز).

الحظر والمنع..

في عام 1780 ظهرت بعض المعارضات ضد أفكار التنوير، وقد سعى الناخب تشارلز ثيودور إلى منع المتنورين، رغم تردده في القيام بذلك. كان تشارلز دوق لدوقية جوليتش ومنطقة بيرغ في 1742, وأصبح ناخبًا لبافاريا عام 1777، وقد كان حاكمًا ليبراليًا، وتميز حكمه بالتعاطف والتسامح تجاه افكار التنوير والمدافعين عنه، إلا أنه واجه ضغوطًا من قبل اليسوعيين أمثال البارون ليبرت مونتنستين وآنا ماريا أحد دوقات بافاريا وغيرهم لاستعادة الرقابة الكنسية على أفكار المتنورين، وقد تمكنوا من إقناع الناخب تشارلز في نهاية المطاف بمنع المتنورين.

وجه اليسوعي فرانك وكاهن الاعتراف دانتز (مدير التعليم في ولاية بافاريا سابقًا) اتهامات إلى أعضاء حركة التنوير بالدعاية إلى تقويض الكنيسة ونشر أفكار التنوير في المدارس البافارية. وقد كانت تصريحات بعض الأعضاء متهورة ضد نظام الحركة ووصفوه بالرجعي وأنه لا يبعث تعاليم المسيحية ولا يولد فخر الانتماء أو أي تأثير اجتماعي، حدث كل ذلك في الوقت الذي زاد فيه أعضاء المتنورين تحت عضوية اسمها (كنيغي)، حينها بدأت التوقعات بأن حركة المتنورين ستثمر قريبًا، وزاد عن ذلك أيضًا التفاؤل اللامحدود بشأن مستقبل مجتمعات بدون طبقية وبلا حدود دولية وبلا أديان وتقليل الاضطهاد من قبل اللامبالاة الساذجة.

في 2 مارس 1785، صدر المرسوم الثاني من الناخب، والذي كان صريحًا هذه المرة بحظر المتنورين. وفي فبراير 1785، قدم أعضاء المنظمة طلب خطي بأنه من حقهم الدفاع عن انفسهم ضد هذه الاتهامات لكنه قوبل بالرفض. وإلى جانب هذا الحظر اصدرت السلطات مذكرة بالملاحقة القضائية للأعضاء الرئيسيين، وذلك بسبب «النكسة الطبيعية» كما سماها المرسوم. وتم تجريد الأعضاء من ممتلكاتهم. وفقد الموظفون الحكوميون وظائفهم. وكذلك أساتذة الجامعات والمعلمين في المدارس. وفقد طلاب الجامعة (المتبنين) الحق في الدراسة، وأغلبهم كانوا من المغتربين. تلقى الجنود والضباط في الجيش الحصانة إذا تعاونوا مع الحكومة. وتم تطبيق الأمر نفسه على القناصل.

العديد من الوثائق أحرقت وبعضها تم اخفائها بعد المرسوم الثاني. وقد تم تتبع الأعضاء من قبل الشرطة وبمساعدة من الأعضاء السابقين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة