قانون العمل .. صك “السُخرة” الذي باع العامل العراقي لصاحب العمل !

قانون العمل .. صك “السُخرة” الذي باع العامل العراقي لصاحب العمل !

وكالات – كتابات :
تتزايد عمليات الطرد التعسّفي للعمال في القطاع الخاص العراقي نتيجة مشاكل مالية وأخرى تتعلق برغبات أصحاب العمل في إحداثٍ تغييرات في نوعية العمل أو جودته. وغالبًا ما يتخذ القرار، بحسّبِ المُتضررين، من دون تبليغ مسّبق أو خلال فترةٍ لا تمكنهم من إيجاد بديلٍ مناسب في وقتٍ قريب، ومن دون دفع المسّتحقات المتأخرة أيضًا ببعض الحالات.
وفيما تختص “محكمة العمل” العراقية بالنظر في القضايا المتعلقة بحقوق العامل وأصحاب العمل وما ينجم عنها من شكاوى ودعاوى جزائية، وعلى الرغم من أنه لديها فروعٌ في غالبية المحافظات، إلا أن العمال ينتقدون الكثير من الثغرات في قانون العمل نفسه، التي تؤدي إلى هضم حقوقهم.
الفصل مفاجيء ودون حقوق أو حتى توضيح أسباب..
“حسن سمير”، أحد المتضررين، يبلغ من العمر: (26 عامًا)، وهو خريج “الجامعة التكنولوجية”؛ بـ”بغداد”، عمل كمهندس برمجة في شركة لتقديم خدمات الهاتف النقال، أبلغ صباح 29 كانون ثان/يناير الماضي، بإنهاء خدماته، ونتيجة ذلك منع من دخول فرع الشركة في “بغداد”، ولم يُسمّح له بسّماع أسباب فصله عن العمل ما دفعه للاستعانة بمحامٍ لتقديم شكوى.
ويُضيف في حديثه لشبكة (العربي): “أعمل في الشركة منذ عامين ولم يتم منحي نسّخة عن عقد العمل في العام الثاني بدعوى أن المستشار القانوني غير مخّول من صاحب الشركة بمنحي نسّخة عنه، وكذلك لديَّ راتبان متأخران بذمة الشركة ولم تدفعهما بعد تسّريحي”.
ويتابع: “قدمتُ شكوى أمام محكمة العمل في بغداد؛ وأنكرت الشركة بعد استدعاء ممثل عنها وحضور محاميها، أن تكون قد جدّدت عقدي بعد العام الأول، في تحايل واضح منها، ما عّقد الأمر وجعلها في موقف قانوني أقوى لأنني أيضًا لم أمنح باج؛ (بطاقة عمل)، منذ انتهاء صلاحية الأخير قبل عام لأثبتَ أنني مستمر بالعمل ولم أتركه منذُ تاريخ انتهاء عقد السنة الأولى، وحينما طلبت مني المحكمة شهودًا امتنع زملائي عن الحضور أمام القاضي خشية تعرضهم للطرد أيضًا”.
مشكلات في القانون..
ويقول المحامي “خالد العبيدي”، المتخصص بقضايا العمال وأصحاب العمل والشركات أمام “محكمة العمل”، إن: “تقديم الشكوى يتم وفق أحكام قانون العمل النافذ، الذي يمنح العامل الذي انهيت خدمته الطعن بقرار إنهاء خدمته خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تبليغه، وفي حال لم يُقدم الطعن خلال هذه المدة يُعد متنازلاً عنه، علمًا أن الطعن يكون أمام لجنة إنهاء الخدمة التي تُشّكل بتعليمات يُصدرها الوزير أو أمام القضاء”.
ويُحذر من أن: “هنالك ثغرة أساسية يسّتغلها بعض أصحاب العمل وتضيع على المتضررين حقوقهم، إذ إن قانون العمل لا يُلزم صاحب العمل بتوقيع عقد مُسجل مع العامل يُجدد سنويًا، وكذلك لا يشترط عليه دفع الأجر بانتظام ودون تأخير، ويتم استغلال ذلك بإنكار تمديد العقد أو وجود ديون مسّتحقة للمتضرر”.
وتقول “وزارة العمل” إنها تعترف بعقد العمل التحريري والاتفاق الشفهي وإنهاؤهما يتطلب موافقة وزيرها حصرًا بموجب قانون العمل؛ ولا يمكن أن يتم بشّكلٍ مباشر من صاحب العمل.
ويوضح المتحدث باسم الوزارة؛ “نجم العقابي”، أن: “من يُطرد بشكلٍ تعسّفي بإمكانه تقديم ما يُثبت أنه مارسّ هذا العمل ورفع شكواه، وفي حال تأكدت مظلوميته فإن بإمكانه طلب تعويض؛ (مكافأة نهاية خدمة)، وفقًا للمادة (45) من القانون عن أجر أسبوعين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة؛ ويصدرُ القرار من لجنة إنهاء الخدمة المُشّكلة من الوزارة أو القضاء”.
ويُضيف أن: “قانون العمل يمنع أصحاب العمل من تسّريح العاملين دون الحصول على موافقة تحريرية من وزير العمل؛ ويُلزم صاحب العمل بإنذار العامل قبل فترة 30 يومًا من إنهاء عقده؛ شرط أن تكون هنالك أسباب قانونية ولا يكون الإنهاء تعسّفيًا”.
وفي حال لم تتوافر الشروط القانونية تُطبق على صاحب العمل المادة (52) من القانون؛ وفيها يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة أو يتم دفع غرامة مالية.
ويقول المتحدث باسم “وزارة العمل”؛ إن: “فرق الوزارة التفتيشّية تقوم بأعمالها وتُنفذ زيارات مفاجئة لمواقع العمل؛ وخصّصت خطوطًا لتلقي الشكاوى”.
شروط تعجيزية..
ويؤكد المهندس “عادل فرحان”؛ الذي عمَل في أحد الحقول النفطية بمحافظة “البصرة”، جنوب “العراق”؛ إن: “الشركة سّرحتني من عملي بعد غيابي ليومٍ واحد؛ رغم تقديمي لتقرير طبي يُثّبت أن وضعي الصحي لم يسّمح لي بالعمل، ولدي عقد عمل نافذ فيه بندٌ يسّمح للشركة بإنهاء خدماتي في حال الغياب ولو ليوم واحد؛ ورغم إنه لم يكن منطقيًا قبلت على مضّض لصعوبة إيجادي عملاً بالراتب الذي تم تقديمه ليّ”.
ويُضيف: “قدمتُ شكوى بعد طردي وأرفقت التقرير الطبي وفيه طلب إجازة ليومٍ واحد وفقًا لأحكام المادة (81) من قانون العمل؛ التي تمنحنّي حق طلب إجازة لأسباب مرضية، وجاء ممثل الشركة وأبرز العقد أمام القاضي ولم يحمنّي القانون العراقي رغم عدم منطقية الشرط، لأن قانون العمل أقوى من العقد”.
ويُتابع “فرحان” أن غالبية أقرانه في الشركات النفطية يُعانون من الشروط التعسّفية نفسها، حسّب وصفه، وأيضًا فإن حقوقهم تضيّع بظروف عمل قاسّية وساعات عمل تزيد عن: الـ 10 ساعات؛ رغم أن قانون العمل اشترط ألا تزيد عن الثمانية، وللأسف نادرًا ما تزور الفرق التفتيشّية تلك المواقع ولا يُسّمع للعامل صوت”.
تعديلات لسّد الثغرات..
ويُشدّد عضو “لجنة العمل” النيابية بـ”البرلمان العراقي”؛ النائب “حسين عرب”؛ على: “وجوب قيام الوزارة بواجبها عبر إجراء جولات تفتيشّية مستمرة نص عليها قانون العمل العراقي بهدف التحقق من ظروف العاملين ومعالجة المشاكل وإنصاف المتضررين”.
ويُضيف أن: “اللجنة تلقت مطالب لإجراء تعديل بقانون العمل يسّد بعض الثغرات، وهي تدرسّها حاليًا من أجل صياغتها قانونيًا ومن ثم تقديمها للتصويت نيابيًا كتعديل جديد للقانون”.
ويؤكد رئيس “الاتحاد العام لنقابات العمال”؛ “ستار دنبوس”، في حديثه لشبكة (العربي)، أن: “العامل الذي يُطّرد بشكلٍ تعسّفي من عمله، عليه بموجب قانون العمل اللجوء إلى اتحادنا، ويتم توكيل محامٍ من قبلنا بالمجان ولا نُحمل العامل أي تكاليف ويُنظر بقضيته أمام محكمة العمل، ومن ليس لديه عقد أو لديه مسّتحقاتٍ متأخرة عليه أن يجلب شاهدين إثنين يؤكدان أنه يعمل في المكان الذي يقول إنه طرد منه وأن لديه مسّتحقات وقانون العمل يكفل ذلك”.
ويقول المحامي “عبدالخالق العبيدي”؛ إنه: “في حال ثبّت لدى لجنة إنهاء الخدمة؛ أن إجبار العامل على ترك العمل لم يسّتند إلى سبب قانوني يترتب على صاحب العمل إعادته ودفع أجوره كاملة عن مدة إنهاء العقد بقرار من اللجنة، لكن الشكوى ستّرد ويُلغى التعويض في حال وجدت أحد الأسباب الواردة في المادة (43) من قانون العمل العراقي والتي تُنهي عقد العمل”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة