11 يناير، 2025 12:00 م

الجعجعة !

الجعجعة !

الجعجعة: صوت الرحى
“أسمع جعجعة ولا أرى طحنا”
وفحل جعجاع: أي شديد الرُغاء
والجعجعة أيضا: أصوات الجمال إذا إجتمعت.

وفي مدينتنا كان أحدهم يُلقب َبالجعجاع , أي لا تجد عنده إلا القول الفارغ , فيقال “يُجعجع” , أو “خليه إيجعجع” , وأحيانا  يقولون “يحجي بوش” , والبوش يعني أن المحرك يدور لكنه لا يحرك العجلة لإنفلات أسنان تعشقه بمحور الدوران.

ويبدو أن الجعجعة أصبحت ظاهرة سياسية عارمة في ميادين تفاعلات الخسران والضياع العربي الجديد , فالكل يجعجع , وما يتحقق عبارة عن إنجازات لأصحاب المصالح والغايات لا أكثر ولا أقل.

فقد أنتج العرب أطنانا مليونية من الكلام المنطوق والمسطور , وما أنجزوا  كيلوغراما واحدا من العمل الواعد بالنمو والرقاء والتواصل المعاصر مع الحياة.

فما أكثر جعجعة الكراسي والبرلمانات وأصحاب المعالي والسيادات , ولا نرى حول جعجعتهم طحنا , أو ما يطعم من الجوع ويؤمن من خوف.

إنها محنة الجعجعة العربية , التي تعيشها الأجيال وبنشاط فائق على مدى عقود ساخنة , حتى لتحولت الجعجعة إلى قيمة سلوكية وأخلاقية ودستورية , تمارسها البرلمانات وترفع راياتها وتحقق رغباتها تحت زوابعها الرعدية , وبروقها الأنانية التي لا مثيل لها في تأريخ الشعوب.

فالكل يجعجع والأواني فارغة , والفقر عميم , وسوء الأحوال المعيشية يتفاقم , ولا تجد قانونا إنسانيا منصفا للرعاية الإجتماعية في بلدان متخمة بموارد النفط.

ولا نزال جميعا نجعجع ونرغو , ونبحث عن إرضاء لنزوات البعير الهائج في أعماقنا , والذي إندلع لسانه وتهطل لعابه , وراح يدور متأججا يبحث عن ناقة تهدئ روعه , وتسلبه طاقات ما فيه.

وكأن أكثر ما نكتبه عبارة عن جعجعة , ومعظم ما أتينا به , لا يساوي “زوبعة في فنجان” , بل أنه إمعان في الهرولة فوق رمال الخسران وعواصف البهتان.

فهل سنتوقف عن الجعجعة , وسنسبق القول بالعمل , أم سنبقى ننادي حي على الكلام؟!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات