18 ديسمبر، 2024 11:00 م

السقوط بأسم الوطنية

السقوط بأسم الوطنية

يبدو ان الوطنية صارت مفردة سهلة جداً لأن يتحدث بها الجميع ، وربما صارت بابا يلجه بعض ممن يسوقون انفسهم على انهم الاشرف ، الاحسن ، الافهم ، الاكثر حرصا على مسيرة وتجربة العراق،
بعضهم من سياسيي الصدفة واكثرهم ممن يقدمون انفسهم على انهم من فئة كبار رجال الاعلام والصحافة والتحليل السياسي وخبراء في المنهج الستراتيجي ، وهم في حقيقتهم رجال صالونات ومقاهي الثرثرة وصومعات الصفقات ، وعبيد لمن يدفع لهم كي يكونوا ابواقاً للتزمير الاجوف والتطبيل المقرف ، ومن دون حياء او خجل يتحدثون بأسم الوطنية نقداً وتشهيراً وتجريحاً ، وكأنهم صمام امان العراق ، ولولاهم لضاع العراق ، وضاعت كل القيم والمباديء ، وهم الاعرف بحقيقة انفسهم ، وحقيقة توجهاتهم وسوء نواياهم .
انا لا اعترض على الرأي اياً كان مصدره ، انما اقول اننا عندما ندعو للتغيير والاصلاح علينا ان نكون جزءا من منظومة فكرية اصلاحية منتجة ، تؤطرها القيم الوطنية والانتمائية ، وأن نكون متفاعلين ومنسجمين في الرؤية والاستنتاج ، وأن نتعامل مع الوطن بموجب الضمير الحي والاندفاع الحقيقي للتغيير ، وهذا للاسف لم يحصل ، وكان الخط الرديف السيء هو كثرة الاصوات النشاز ممن يدعون انفسهم بالمحللين السياسيين اللذين يصدعون رؤوسنا كل يوم من عمان والقاهرة واسطنبول وعلى وفق ترتيب واضح ومنسق بين تلك الشخصيات الهجينة والفضائيات الساقطة التي تدفع من دون ان تعرف نتائج تلك الدفوعات ، ومن هو الذي يستحق ان يقبض .

ادعاءات زائفة
تنظيرات لامعنى لها ، وتصريحات جوفاء ، وتحليلات هزيلة كلها تنطلق من عقول منحرفة تتحكم بها نوايا شريرة تنشد الوصول الى اهداف تدميرية لايهمها مصلحة العراق بقدر ماتريد ان تحققه من غايات ذاتية ومصالح شخصية ، تصاغ فبركتها ضمن الادعاءات الزائفة بأسم الوطنية التي غالباً ماتؤطرها طروحات لاتنسجم مع الواقع المعاش وليس لديها القدرة الاصلاحية بمفهومها الوطني ، والاهم من ذلك ، ان مجمل مايقال وما تبثه بعض الفضائيات من تصريحات لمن يتحدث بأسم الوطنية لم يبتعد اطلاقاً عن توجيه اللوم والانتقادات متمسكاً بالاعتراض والرفض لكل مايمكن ان يشكل بداية لمنطلقات ربما ستكون اكبر فيما لو اتيحت لها الفرص لكي تغنى بالحوار والمناقشات .
والمثير للشك في النوايا التي يزعم اصحابها انها منطلقة من الشعور
بالوطنية ، ان هذه الاطراف عندما تنتقد لم تقدم البديل الافضل الذي يمكن أن يؤسس لمراحل التطور والتغيير الذي نبغيه جميعا لما يمكن ان يفيد البلد والشعب ، انما هو كلام غوغائي مدفوع الثمن لاطائل من ورائه الا الندم يوم لاينفع الندم .

مفردات السوء
من جانب اخر ، فالطبقة السياسية معنية بهذا الامر ايضا ، نحن في وقت اصبح لزاما علينا ان نراجع تجربة السنوات التي مضت منذ 2003 ولحد الان ، وان نحدد بالدقة والتفصيل حجم الاخطاء التي احاطت بتلك التجربة ، لاينبغي ان تأتي التصريحات والتنظيرات من قبل ساسة البلد وفق سياقات المرحلة الحالية ، لانها اساسا امتداد او انعكاس للمراحل السابقة التي كانت فيها مفردة الوطنية غائبة او مغيبة ، وحلت محلها عدة مفردات منها المصلحية والانتهازية والمحاصصاتية والمحسوبية ، والحديث كان يجري انذاك بل ولحد الان عن الوطنية كأتجاه للتغطية على مفردات السوء التي طغت على التجربة السياسية وانحرفت بها نحو الهاوية مخلفة ورائها طبقة سياسية متهالكة ومتشبثة بأداعات فارغة وطروحات عقيمة استمرت ليومنا هذا لكون تلك الطبقة لم تنظر الى الوراء وما خلفته من سوء من اجل الاصلاح وتجاوز الاخطاء السابقة بحيث فقدت القيمة الوطنية هويتها وعمقها وهيبتها واصبحت مفردة بائسة تتداولها السن السياسين في كل المناسبات والتصريحات ، وصار البعض الكثير من السياسيين ابطال ومنظري القنوات الفضائية المنحرفة والتي تتصيد في الماء العكر دون رقيب او مسائلة
فالوطنية ، لمن يفهم معناها ، هي قيمة تتإسس في عمق الروح الانسانية من تراكمات التجربة الحقيقية والصادقة ومعاناتها في مساحة الانتماء للوطن والانحياز للشعب ، وهبى ثورة ضد كل الظلم والاستبداد والتعسف ونموذج حي للاهداف الانسانية التي تنتفض ضد السياسات المنحرفة والسيئة التي تهمين وتضطهد الانسان والمجتمعات ، وبعكس من لايفهم هذا المعنى ، فمصيره السقوط باسم الوطنية في الهاوية
[email protected]