تمر علينا اليوم ذكرى معجزة الاسراء والمعراج وكيف انها حدث لا تفسير علمي له لانه يدخل في خانة المعجزات الا ان العلم فسر كثير من الظواهر الكونية ومادة الفيزياء تدرس الظواهر العلمية ونتيجة تطور العلوم تشعبت هذة المادة الى عدة تخصصات ومنها علم فيزياء الارض وفيزياء الجو وهناك فيزياء معقدة اسمها فيزياء الزمن وهي عند العلماء تقسم الى ثلاثة اقسام زمن مطلق على قاعدة نيوتن صاحب الجاذبية، وزمن نسبي حسب قاعدة انشتاين النسبية، وزمن بيولوجي .. وهذة الثلاثة حرية بالدراسة لانها ترتبط بظواهر ما وراء الطبيعة ونحن عندنا احداث في الدين الاسلامي سبقت العلم واليوم اصبحت التكنولوجيا والبحوث العلمية واسعة الانتشار وبدت تقرب الفهم فيما يتعلق بالمعجزات ومنها معجزة الاسراء والمعراج الذي اسرى فيها النبي “ص” من مكة الى بيت المقدس ومن ثم الى السماوات ما وراء سدرة المنتهى فهذا يحتاج الى ملايين من السنين الضوئية وقد كتب عن تلك الرحلة كثير من الكتب والدراسات وكيف عايش النبي ” ص” الملائكة وكيف صلى بالانبياء وكيف عاد ووجد فراشه دافئ .. مما يعني ان رحلته حسب الزمن الارضي استغرقت ساعة او اقل واكيد يصعب هذا الفهم على البعض لكن اصل المعجزة يجب ان نأخذها كما هي، وقد بينت ذلك في مقال كتبته في العام الماضي بهذة المناسبة وقد اوضحت فية الى ان معجزة الاسراء والمعراج فعل اختزل الزمن وللتذكر اعيد نشرة لتفسير قوانين الطبيعة وقوانين المعجزات التي تعتبر افعال خارج الزمن كما مبين : –
رحلة الإسراء والمعراج .. فعل اختزل الزمن
هناك معجزات مذكورة في القرآن الكريم لم يستوعبها كثير من الناس ومنهم مثقفون وعلماء اختصاص ذهبت عقولهم نحو المادة في تفسير ظواهر الكون ويعزونها الى الطبيعة وعقولهم لم تتقبل الأشياء الا بالملموس المحسوس وسخطوا من علم الغيب والقدرة الالهية في كثير من المعجزات، وفي احدى المرات حصلت مناقشة بين الدكتور مصطفى محمود وأحد الملحدين فقال الملحد انا لا اؤمن الا بما تراه العين وتتحسس به الحواس فرد علية الدكتور متهكما ممكن ان تتحسس سلك الكهرباء باللمس لكي نتأكد فيه كهرباء ام لا .. لانني لم أرى مرور الكهرباء في حاسة العين .. ثم قال له ممكن ان تتلمس الكالسيوم والمعادن في كباية الحليب التي أمامنا او تجعلني اشاهد ذرتي الهيدروجين وذرة الاوكسجين في الماء .. للاسف كثير من الناس مؤمنين بالظواهر الملموسة والقوانين الوضعية للبشر واعتبروها كافية في تنظيم حركة الحياة ولم يدركو ما يقابلها من الكون قانون الهي واحد يعادل قوانين الدنيا حيث ان قوانين البشر قائمة على قاعدة، فعل مقترن بزمن أي لو تأملت اي فعل بشري لابد وان يقترن بزمن ويأخذ حيّز من الوقت .. والزمن هنا نسبي يتغير مع السرعة فأذا سافرت من عمان الى بغداد بالطائرة تحتاج الى وقت ساعة او اكثر اما اذا سافرت بالسيارة تحتاج الى ١٢ ساعة بمعنى اي فعل لابد وان يستغرق وقت من الزمن الا القانون الالهي الذي لم يستوعبه الملحدون وهو فعل بدون زمن اي ” كن فيكون ”
” أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ”
فأذا بعرش بلقيس امام النبي سليمان فعل بدون زمن ..
“سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ”
رحلة الإسراء والمعراج فعل اختزل الزمن
” فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ
مولد السيد المسيح بقدرة كن فيكون متخطياً فترة الحمل للمرأة اي فعل تخطى الزمن .
” إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ”
هذه الوقائع التي أشار اليها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم مؤشرات ترينا قدرته سبحانه على ما يسمى بظواهر الطبيعة
قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ
اي أفعال خارج قدرات البشر كالامطار والرعد والصواعق والزلازل والاعاصير التي لا يستطيع الانسان من صدها او التحكم بها وانما مرئيات لكي يتفكر البشر من خلالها بعظمة الله وقدرته بفعل كن فيكون .. بمعنى المقصود من هذا الكلام ان الاسراء والمعراج هو فعل تخطى الزمن وتخطى الافاق العلمية التي تعني بدراسة الظواهر الطبيعية وكذلك تخطى الكم الهائل من القوانين الوضعية لان جميعها لا تعادل حرف الكاف والنون من القانون الالهي” كن فيكون ” لانها معجزات الله التي اعتبرها العلماء نوعان منها خوارق كونية للدلالة على قدرة الخالق التي أختص بها لنفسه والشواهد كثيرة كما بينا ومنها الاسراء والمعراج التي تمت بقدرة كن فيكون ” وكذلك جعل النار برداً وسلاماً على ابراهيم .. وهناك معجزات للدلالة على النبوة مثل عصا موسى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ .. وايضاً يد موسى وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِىَ بَيْضَآءُ لِلنَّٰظِرِينَ وكذلك فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ ۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍۢ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ .. جميعها دلالات على قدرة الخالق سواء معجزات كونية او كرامات لتأكيد النبوة .. مما يعني ان هناك كثير من الناس المؤمنين من حيث اشراق قلوبهم وادراكها للحق لا تحتاج الى معجزات وهناك المكذبون المظللة افكارهم لا تنفع معهم آلاف المعجزات وقد وصفهم القرآن الكريم أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ.