تتحدث وزير الخارجية الامريكية السابق جورج بومبيو في مذكراته عن دور ايران في افشال إصلاح منظومة الكهرباء في العراق، وخلال لقائه برئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، طلب بومبيو منه الإستغناء عن موارد الطاقة من ايران، فأجاب العبادي” حين تغادر سيأتي قاسم سليماني لكي يراني، أنت يمكنك ان تأخذ موالي، لكن هو سيأخذ حياتي”.
ملاحظات عما ورد.
ـ الكلام صحيح ولا عيب فيه ولا توجد حاجة الى تكذيبه لأنه يمثل واقع حال في العراق، فقد كان المقبور سليماني هو الحاكم الفعلي في العراق، ونائبه السفير الايراني في العراق، وهو عادة من ضباط الحرس الثوري الايراني مع جميع أركان السفارة من الموظفين. الولايات المتحدة الامريكية وجميع دول العالم تعي هذه الحقيقة، ولو سئلت اي عراقي سيكون جوابه نفس جواب العبادي. ولا أحد يجهل بأن سليماني كانت له حصة من النفط العراقي، وايران تبيع الغاز للعراق بأكثير من قيمته في السوق العالمية، ورفضت الحكومات الولائية عرض الشقيقة السعودية الغاز بثمن أرخص بكثير من الغاز الايراني، ورفضت الحكومات الشيعية عرض السعودية بتزويد العراق بالكهرباء.
ـ كذب العبادي عندما زعم ان الأموال التي تسلمها العراق لقاء الإفراج عن الصيادين القطريين الذي اختطفتهم ميليشيا حزب اللله العراقي قد اودعت في البنك المركزي، فقد اعترف محافظ البنك المركزي خلال تلك الفترة علي جعفر العلاق بأن الأموال لم تدخل ابدا الى خزينة البنك المركزي، وأشارت مصادر بأن المقبور سليماني هو من وزع الفدية، من الطبيعي ان كذبة العبادي عادت اليه بمبلغ جيد من الفدية القطرية، لا يوجد كذب بلا مقابل، سيما عندما يكون مصدر الكذبة رئيس وزراء ولائي، وهذا يعني ان رئيس الوزراء كذاب وانكاره لا جدوى منه.
ـ لم يرد العبادي على قول بومبيو بل أوكل المهمة الى متحدث مغمور في ائتلافه وهو (أحمد الوندي بقوله في تأريخ29/1/2023 ” أنّ وزير الخارجية الأميركية السابق مايك بومبيو، لم يسعفه الكذب وهو يروي بطولاته في مذكراته التي صدرت حديثاً. لا يهمنا ما يصفه أصدقاؤه قبل خصومه من تعمده الكذب لتمرير أجندته وطموحه للتّرشح لانتخابات 2024، وتصوير شخصيته على أنه البطل في أحداث عالمية مهمة زمن إدارة ترامب لأمريكا، لكن الذي يهمنا ما ذكره بومبيو عن لقاء مزعوم لم يحدث قط مع الدكتور العبادي، ولأننا نرى في هذا التصريح تعمد الكذب والمساس بكرامة الدولة العراقيةوحكومتها آنذاك، يقول بومبيو في مذكراته: أنه زار رئيس الوزراء حيدر العبادي عام 2017 وحذره من العقوبات الأمريكية لو استمر العراق باستيراد الكهرباء من إيران، وسأله: إذا عرضت الولايات المتحدة دعماً مالياً فهل سيتوقف العراق عن استيراد الكهرباء من إيران؟ ويذكر أن العبادي نظرة إليه مباشرة وقال: حضرة الوزير، حين تغادر، سيأتي قاسم سليماني ليراني، يمكنك أن تأخذ أموالي، هو سيأخذ حياتي“.
يلاحط ان هذا التبرير غير العقلاني يثير السخرية:
اولا: لأنه تضمن أكايب فضائحية، فقد التقى الوزير بومبيو بالعبادي في عدة لقاءات،.
ثانيا: انه يتحدث عن كرامة الدولة العراقية، ولا علاقة لكرامة الحكومة بكرامة عميل، ربما تجسدت كرامة العبادي من خلال زيارته لواشنطن وجلوسه قرب الرئيس السابق اوباما الذي تجاهله، ولم يقم له وزنا، فلم يلتفت اليه ويكلمه، مما اضطر العبادي الى النظر في ساعته وترك مقعده. بل نظر اوباما الى حذائه اللامع عدة مرات، ولم ينظر الى وجه العبادي المُحمَر خجلا من الفضيحة.
ثالثا: العبادي ليس دكتور، واتحدى اي نائب في ائتلاف الفتح ان يقدم لنا وثيقة تخرج العبادي من جامعة بريطانية ومنحه شهادة دكتوراة، كان الرجل مصلح مصاعد كما افصحت الصحف البريطانية، ثم افتتح مطعما للكبة والصور منشورة في عدة مواقع.
رابعا: اليس من الأجدر ان يظهر العبادي بنفسه ويكذب الخبر بدلا من نحميل المسؤولية لعضو مغمور لا قيمة له في تحالفة ليخلي مسؤوليته من تكذيب الخبر؟
خامسا: لا يوجد في المذكرات بطولات لصاحبها كما زعم الوندي الكاذب كرئيس ائتلافه، وانما هي وقائع عاشها وكتب عنها بصدق ومهنية، سيما انه مرشح خلال الإنتخابات القادمة، لذلك فقد توخى الصدق في ما كتبه ليكسب الناس اليه، وليس من المنطق ان يكذب على ناخبيه في فترة حساسة، وهو يعرف ان مثل هذه الكذبة تطيح بترشيحه.
ـ لو قارنا بين بومبيو والعبادي من ناحية المصداقية، سنجد انالعبادي ملأ اسماعنا بأكاذيبه، مثلا قائد النصر على داعش لا يعرف ان يمسك بندقية، ولم يخدم في الجيش العراقي، والنصر المزعوم لا حقيقه له، فداعش الإرهابي ما يزال في قوته بإعتراف الولايات المتحدة والحكومات العراقية، ونشاطاته لم تتوقف لحد الآن، وكذبة العبادي (بروسلي العراق صاحب القبضة الحديدية) بأنه سيضرب الفاسدين بيد حديد كانت فضيحة بعد ان حصل على تأييد كامل من الشعب العراق ومرجعية النجف، وتبين ان يد الحديد كانت يدا من ورق، ثم لأنهفاسد فلا يمكنه ان يحارب الفساد، ولا أحد ينسى تورطه في صفقة اتصالات فاسدة وحصوله على رشوة بمبلغ (5) مليون دولار، علاوة على كذبة الصيادين القطريين والمئات من الأكاذيب.
ـ ان كان بومبيو كاذبا في قوله، الا يعرف العبادي الذي عاش في انكلترا بأن من حقه ان يقاضيه في المحاكم الامريكية ويطالب بتعويض كبير بسبب الإساءة لشخصه؟ الم يقي العبادي الدعوى على صحيفة بريطانية أشارت بأنه عمل كمصلح مصاعد في بريطانيا، وفشل في كسب الدعوى، لأن ما نشرته الصحيفة كان حقيقة؟
ـ سواء كانت الزيارة عام 2017 او 2019 فهذا الإلتباس في التواريخ يحدث في المذكرات، ولكن المهم هو القول، وليس تأريخه، وبدلا من مطالبة بومبيو” إثبات ما ذكره رسمياً، من خلال جدول الزيارات وارشيف المحادثات“، ليخرج العبادي بنفسه ليكذب الخبر، ويقيم دعوى، وينهي الموضوع.
ـ أما قول الوندي الأمعي عن الإنتصار والسيادة الوطنية، فهذا أمر مثير للسخرية، عن أية سيادة وانتصار يتكلموا هؤلاء العملاء والجبناء، استروا عرواتكم قبل ان تتحدثوا عن السيادة والكرامة، هل يوجد لعميل كرامة؟ هل يوجد لبلد محتل من قبل ايران وتركيا والولايات المتحدة سيادة.. هزلت وربٌ الكعبة.
ـ كان كلام بومبيو مؤلما بقدر ما كان حقيقة، وهو ان العراق كان بإمرة الولي الفقيه، وان رئيس الوزراء لا يمكنه ان يتخذ قرارادون الرجوع الى المقبور سليماني، فعن اية سيادة واستقلال وكرامة تتحدث حكومة الولائيين؟