17 نوفمبر، 2024 1:51 م
Search
Close this search box.

ذنبي إني ناديت بالحرية

ذنبي إني ناديت بالحرية

كُنت أجلس في مطعم عراقي بتركيا وإذا تدخل عائلة باين من ملامحها عراقية، الأم والأخ والشاب ذو عمر العشرينات على مقعد متحرك ، ملامح الشاب المُقعد جميلة من شعر سرح شبه طويل متدلي خصلات الشعر على احدى عينيه ، لكن هناك تشوهات في وجهه والقدم اليسرى ارفع من القدم اليمنى وايضاً يدى اليسرى باين عليها العجز ، انتابني الفضول للسؤال بعد كلمة حمد الله على سلامتكم هل اتيتم للعلاج ؟ ردوا بنعم لكون عجزوا في العراق عن علاج حالة مازن والمقصود الشاب المقعد ، هل هذه التشوهات ولادية او حادث ؟ كان الرد صادم عندما رد الشاب المقعد وقال ذنبي ناديت بالحرية ، استوقفتني هذه الكلمة ذنبهُ نادى بالحرية ، لكن اي حرية هذه لتجعل شاب يعاني الالم !! لكي يعيش الصدمة النفسية بحيث مناداته للحرية جعلته عاجز ، لم نرى او نسمع في البلاد الديمقراطية مصيبه والم كمصيبة مازن وعائلته ، اي حرية تسلب صحتي وشبابي وتجعلني اعيش الالم !!

مفهوم الحرية هي احترام حرية الرأي ورفض العنف والحق بقول ما تريد واتخاذ القرارات بدون خوف او تردد والتظاهر السلمي والتعبير عن الرأي وعدم العبودية ، ما هو ذنب مازن ان يعيش الألم لأن نادى بالحرية؟ لم يكن مازن الوحيد بل الألاف ضحوا بحياتهم من اجل الحرية منهم من استشهد ومن هم جُرح بجروح بليغة ، وعلمت ان مازن كانت اصابته بقنبلة دخانية صناعة ايرانية وفي نفس الوقت حارقة وتتشظى ، ان الحرية موثقة في اكثر دساتير العالم ، لماذا  تُحرم في وطني رغم موثقة في دستور العراق ؟ في القانون الدولي تعتبر الحكومة التي تنتهك الدستور ومواثيقها تعتبر حكومة ديكتاتورية ، لكن هل حكومة العراق ديكتاتورية ؟ لا يمكن ان نطلق عليها ديكتاتورية رغم مافيات الفساد التي تتغلغل في كل مفاصل الدولة ، النظام البرلماني العراقي نظام تقاسم ثروات الشعب شبيه بنظام برلمان لبنان ، مبني على اسس طائفية وعرقية وما يحدث في لبنان سوف يحدث بالعراق عاجلاً أم آجلاً ، لكن الفرق بين الدولتين العراق دولة نفطية غنية والأخرى دولة سياحية تعتمد على السياحة ، لكن سيأتي اليوم بحيث لا تستطيع الحكومة تأمين الكامل لمستلزمات الشعب .

ذنب مازن وكثير من الشباب العراقي عند انبثاق ثورة تشرين عام 2019  ارادوا الحرية لبلدهم مثل باقي البلدان الاخرى التي تنعم بخيراتها ، كانت الحرية بالنسبة للحكومة العراقية وللميليشيات المسلحة في نظرهم معناها الفسوق والتعري وفعل كل شيء مباح ، وكانت الحرية في نظر الشباب الواعي هي محاربة الفاسدين والتمتع بخيرات بلادهم والبناء والاعمار ، كانت الحرية في نظر الاحزاب الإسلامية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كانت الحرية في نظر الشباب المثقف العلم والتطور وازدهار البلاد ، هذا الفرق الشاسع بين الفاسدين الذين يتسترون برداء الدين وبين الاحرار من شباب العراق ، ضحى مازن وغيره من شباب الحرية بأنفسهم لأجل ان يعيش الشعب العراقي بكرامة ،  حكومتنا بأحزابها وتياراتها لم تسلب فقط حريتنا بل تجاوزت وسلبت حتى اجسادنا فكم مازن سوف يدفع الثمن للحرية؟

أحدث المقالات