مرت علينا واحدةٌ من الذكريات الأليمة, التي تًعتبرُ عند الرعيل الأول للمقاومة, من أشدها ألماً لاستهدافها, مشروع بناء الدولة العراقية الحديثة, تلك هي ذكرى استشهاد العالم المجاهد, السيد محمد باقر الحكيم قدست نفسه الزكية.
بالرغم من مرور عشرون عاماً, على الجريمة البشعة, يؤكدً تيار الحكمة الوطني, أنه مستمر بما كان يخطط له, السيد شهيد المحراب خالد الذِكر, رغم ما تعرض له, من حملات التشويه والسقيط الإلكتروني, ألقت بضلالها الخبيثة, على الساحة السياسية والشعبية, للوقوف ضد تحقيق ما كان يصبو إليه, كل عراقيٍ شريف.
جحافلٌ من أتباع تيار الحكمة الوطني, شيباً وشباناً من كلا الجنسين, يمثلون كل محافظات العراق, زحفت تلك الجموع الغفيرة, مبكرة صوب النجف الأشرف, وعند مرقد الحكيم الثائر حطت رحالها, مجددة البيعة له ولحامل الرسالة, سماحة السيد عمار الحكيم, مؤكدة الثبات على العهد, لم تمنعهم التقولات أو تبدلهم المغريات, ليثبتوا للعالم كله, إنهم أصحاب مبادئ ثابتة.
لقد أثبت أبناء الحكيم عليه الرحمة والرضوان, أنهم حقاً انهم رجال المهمات الصعبة, وأنهم المرابطين في المُلمات, لا تأخذهم بقول الحق لومة لائم, ولا يهابون قولاً أو فعلا, في سبيل مشروعهم وبلوغ هدف تحقيقه, لقد أوصى زعيم تيار الحكمة الوطني, السيد عمار الحكيم, في معرض خُطبته فقال” التزام طريق الحق وإن قل سالكوه, فكان شهيد المحراب الخالد يرى نفسه, ملزما بتحديد الرؤية والمسار والطريق, قبل السير والحركة، والتزام جانب الحق, مهما كانت التحديات والمخاطر والمحددات، فالحق في رؤيته, أولى بالاتباع من غيره, ولذا كان يوصي أبناءه ومحبيه, بضرورة التمسك بالعقيدة السليمة وصدق النوايا, والتمسك بخط العلماء والفقهاء, في حياتهم اليومية, بعيداً عن صخب الحوادث والمتغيرات”
لم يغب عن بال السيد عمار الحكيم, ما يمر به مجتمعنا العراقي, من حالات الكذب, وكيفية الرد عليها فقال” تعلمنا من مدرسة أهل البيت عليهم السلام؛ أن لا نرد السيئة بالسيئة, والخطيئة بالخطيئة والكذب بالكذب، مهما أُسيء إلينا وأُخطئ في حقنا, أو تعرضنا للأكاذيب و الافتراءات” وما أكثر ما تعرض له, تيار الحكمة الوطني, من تلك الحالات السَمِجَةِ الرخيصة.
لقد رحل عن العراق, شهيدنا الخالد الحكيم جسداً, مضرجاً بدماء العزة والكرامة, لكنه باقٍ يحكي للأجيال, قصة الجهاد الحقيقي, المليء بالحكمة والوطنية الحقيقة, والأخلاق الرفيعة والتسامح, واحترام كل الآراء, وتصحيح ما كان شاذاً منها, وكما كان شهيد المحراب, صادقاً في طرحه للأفكار الوطنية, داعياً لوحدته عبر مشروع, استيعاب كل المكونات.
رحل شهيد المحراب, وكأنه يقول اليوم أكملت لكم الجهاد, ورسمت لكم الطريق, لتحقيق بناء الدولة الحديثة, هكذا باختصار نراه, كما أغلب العراقيين الذين عاصروه, صابراً مجاهداً رابط الجأش, محباً للوطن خدوما للموطن, صامداً أمام الباطل, صلدا لا تكسره العقبات.