هذا الرجل مميز ويحق الامتياز ولا يعني غيره ليس له انجاز وان اختلفت الاراء فلا يعني بخلافه عدم الصحة ولكن غايات هذا الرجل تاتي بالصميم وعلى الجرح كما يقولون .
اعتدنا على قراءة سيرة الاعلام ان نقرا سنة الولادة والوفاة وماذا عمل وسفراته ومن اساتذته وماهي مؤلفاته ، وهذه السيرة ليس فيها اشكال وهي تجعل القارئ على اطلاع تام بمراحل عمر المترجم له ، ولكن السيد الافغاني بسبب ما يعيشه الشرقيون من ويلات واضطرابات يرى انه بامس الحاجة الى التوجيه والارشاد .
يقول السيد محمد باشا المخزومي الذي كتب مجموعة خاطرات هذا الرجل الثوري المفكر يقول عندما فكرت بالكتابة عنه قال لي ما فائدة ان تكتب ولد سنة 1254 وعمرت اكثر من نصف قرن وهجرت او نفيت من بلادي وتركتها تعيش الاضطرابات واكرهت على مبارحة الهند واجبرت على الابتعاد عن مصر، ونفيت من الاستانة واغلب عواصم الارض هكذا خاطرات لا تسرني واقصد لا تسرني ليس لاني سجنت او نفيت بل لاني لم انل مرتبة الشهداء .
يقول محمد باشا ان كلمة خاطرات اعترض عليها احد اصحابنا اللغويين مدعيا ان معناها وساوس وقل خواطر ، فتبسم الافغاني وقال يقول الفيروز ابادي خذ لغتكم من اعجمي ، فقل خاطرات ولا تبال بمن فسد لسانهم ولا يصلحون الا الى الاجوف! والمهموز! ولا يحسنون جملة تنفر حبة القلب او تطرب السمع ، ولماذا هذا التعمق في اللغة والتعقيد فاتركها كما هي خاطرات
ويقول المخزومي انه اكمل جمع الخاطرات وحررها في زمن السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1310هـ الى سنة 1314 الموافق 1892 م وعلى خوف واحتراز من ان يكشف امره لان هنالك من يخشى من افكار الافغاني لانها تحرك روح الثورية والجهاد ضد الظلم ، ومن هنا نتقين الى مدى اهمية الافكار التي كتبها المؤلف نقلا عن عقل ولسان السيد الافغاني
وعندما اطلعت وبشكل عابر على خاطرات السيد الافغاني حقيقة انها مليئة بالجهاد والحكمة والعبر والصدق ، يقول المخزومي عندما اعلن الدستور العثماني خاطبني ممن يعلم بوجود الكتاب مخطوط عندي بان الفرصة مواتية لنشر الكتاب وكذلك وصلتني رسائل من مصر ممن لا اعرفهم يطلبون مني نشر الكتاب .
وحقيقة والقول للمخزومي خشيت من نشره بسبب خاطرة “الاحزاب في الشرق “، وهذه الخاطرة هي طبق الاصل لما يحدث اليوم في الشرق فلم اطبعه .
وانا حقيقة ان دواعي كتابتي لهذا المقال هي مقولة قصيرة لهذا الرجل عبارة عن رأيه بالاحزاب فقد كتب يقول : الاحزاب السياسية في الشرق نِعم الدواء ، ولكنها مع الاسف لا تلبث الى بئس الداء…اخترت هذه المقولة قبل ان اقرا راي المخزومي انفا
اليست هذه العبارة تنطبق قلبا وقالبا على الاحزاب السياسية في الوطن العربي قاطبة وعلى العراق خاصة ، ولكن ما الذي يستحق التوقف عنده ؟
السيد الافغاني توفي سنة 1897م وفي هذا التاريخ لا توجد دولة عربية مستقلة ولا يوجد اي حزب عربي تمكن من الاستحواذ على السلطة فكلها قابعة تحت سلطة الاحتلال سواء كان عثماني انكليزي فرنسي ، وتوفي السيد ولا يوجد حزب على السلطة وكانه قرا ثقافتهم ونفسياتهم بما سيقومون به عندما يتربعون على السلطة وهذا هو الواقع وفي بلدي بدءاً من حزب الفاشي العربي العفلقي الاشتراكي الى واقعنا اليوم فقد قسمت الوزارات على الاحزاب والتعيين فيها يعني الانتماء الى الحزب الذي يتبعها ، والشعارات التي كانوا يرددونها قبل سقوط الطاغية اصبحت حبر على ورق .
ولما في هذه الخاطرات من مواضيع تهم الشرقيين فقد كتب مؤلف الكتاب المخزومي في مقدمة الكتاب انه الى الشرقيين .