منذ تدهور سعر صرف الدينار الاخير وارتفاع قيمة الدولار والعملات الاجنبية الاخرى الى مديات غير مسبوقة ولسان الناس يلهج بالشكوى من الغلاء الفاحش لمختلف السلع الاستهلاكية المنتجة محليا والمستوردة على حد سواء , وتداعيات ذلك على الانشطة الاقتصادية والخدمات , كل شيء لم يبقى على سعره , وتم صعوده نحو الاعلى بشكل غير منطقي ..
الإجراءات الحكومية وقرارات البنك المركزي لم تكن فعالة ,بل مع كل قرار تبدء موجة من الغلاء , بحيث سجل سعر صرف الدينار ادنى مستوى له , ولا يلوح في الافق المنظور امل في انخفاض سعر صرف الدولار .
الوعود التي بذلتها الجهات المالية والسياسية بان ار تفاع سعر الصرف امر مؤقت , وانه تحت السيطرة لم تتحقق على ارض الواقع , لان المعالجات قاصرة وعاجزة وبعيدة عن الاسباب الحقيقية للتدهور ولا تمس جوهر المشكلة الا وهي تهريب العملة الصعبة والوطنية وغسيل الاموال الى دول الجوار ,حتى ان العراقيين اصبح واضحا لهم ان اقتصاد دول الجوار يعتمد في جزء منه على استمرار السياسة المالية والنقدية العراقية الخاطئة وتهريب
الاموال والتي لا تراعي المصلحة الوطنية العليا والسيادة .
كما ان القاء اللوم على الولايات المتحدة للعقوبات التي فرضتها على بعض البنوك المتهمة بغسيل الاموال لم يعد مبررا مقنعا للناس , ويتساءلون لماذا لا تتخذ الحكومة اجراءات شديدة ضد الفاسدين ومخربي الاقتصاد الوطني وانقاذه من هؤلاء , وحماية قوت المواطنين من التلاعب وتثبيت الاسعار ومراقبة المنتفعين والمضاربين ممن خلقوا الازمة وسرقوا اجورهم الشحيحة في وضح النهار ..
سوط الاسعار يلهب ظهر شعبنا الا حفنة ممن يخدمهم الوضع الحالي , وفي ظل بطالة كبيرة واتساع الفقر وتفاقم المعاناة , والاسواق في حالة ركود لم يشهد البلد مثيلا منذ اطاحة النظام السابق, والمفارقة الحكومة تصدر البيانات عن ارتفاع احتياطي النقدي الى ما يقرب من مائة مليار دولار ولكن لا ينعكس ذلك على الحياة المعيشية للناس ولا الاوضاع الاقتصادية , فالحركة التجارية شبه متوقفة , ومبيعات المفرد ضئيلة , ومنهم من يلوم نفسه لفتح محله لأنه حتى وان باع شيئا فانه في اخر النهار يتضح انه خسران , واكثر من هذا ان بعض اصحاب الاسواق يقول ان المستهلكين خفضوا كميات مشترياتهم الضرورية على امل ان تقدم الحكومة على حلول تعيد قيمة الدينار الى حالها , و خلق فرص العمل الحقيقية التي تكاد ان تكون معدومة الان , والاخطر انه لا يفسح المجال لنشاطات اقتصادية وخدمية مولدة لوظائف للعاطلين عن العمل مما ينذر باختمار ثورة الجياع والمحرومين .