انتهى المونديال الخليجي ونسي الناس الفرحة والجميع صحى من حلم جميل وعادت الحياة الى سابق عهدها وعاد الحديث عن المعانات ولقمة العيش وسعر صرف الدولار ونقص الخدمات وارتفاع الاسعار وانقطاع الكهرباء بالرغم من ان الفوز الذي حققه الفريق العراقي كان كرنفال أثلج قلوب الجميع وفي المقدمة شعب العراق وبالاخص اهل البصرة لما قدموه لأشقائهم العرب من كرم الاستقبال وحسن الضيافه رغم الظروف الماديه، فكان صراخ المشجعين ليس من اجل فوز الفريق وانما دفاع عن الوطن لانهم اثبتوا حقاً انتمائهم العربي ورفضهم للتبعية والذل بطريقة متعمدة ومقصودة كأنها تجديد الولاء للعروبة رغم محاولات الفرس واتباعهم بفرض البدائل المذهبية والطائفية لانتزاع روح الانتماء القومي لابعاد العراق عن محيطه العربي طيلة العشرين سنة الماضية فكانت حقاً ضربه قاصمه لاحلام الفرس التي تهدمت مع أول صافره للحكم باعلان البطولة تحت جذع نخلة بصراوية .. اما الفريق الثاني وهو الجانب الحكومي الذي اراد توظيف المونديال توظيفاً سياسياً واعتبار فوز الفريق العراقي فوز للسياسيين الذين لم يحققوا اي نجاح للعراقيين طيلة عقدين من الزمن وهناك من حاو ل إفساد هذا النجاح باجبار اللاعبين على زيارة بعض القيادات المتنفذة لتجيير الفوز لهم او زيارة أحد الاضرحة، وتلك سقطة اخلاقية معيبة لان الفوز الحقيقي للسياسيين هو رفع المعاناة عن الشعب العراقي بعدما زرعوا بذرتها واينعت واثمرت فقر وذل وجهل وتهجير ومآسي لم تنتهي .. لهذا فاز العراق وخسر السياسيين لان الفرحة صنعها شباب بعمر الورود ومن خلفهم العراقيين جميعاً ليرسموا البهجة على وجه كل مواطن شريف وكل شيخ كبير وكل أم فقد ابنها في السنين العجاف. بالرغم من ان الفرحة حلم موقت بينما المعانات مستمرة ولا يمكن ان تمحيها اغنية احلام ولا سجدة ماجد المهندس لانها نشوة عواطف تنتهي بانتهاء ساعات الفرح وبعدها يصحى الجميع ويعود الناس الى ما تخبئه الايام من مخاوف لان الازمات تكبر وتتفاقم ومنها ازمة الدولار التي باتت مقلقة للجميع وازمة الاسعار وازمة الصراع على المناصب وازمة الفساد وتدهور الاوضاع المعيشية وتراجع احوال الناس وخيط الامل مفقود والقصة لا تنتهي.