احد الزملاء عنون مقالة له تعليقا على زيارة سياسي لسياسي بـ ” زيارة الزيارة ” التي أوضح فيها وروّج بان هذه الزيارة ستغيّر تأريخ البلاد والجيران والعالم ، استفزتني المبالغة فكتبت له على الخاص من باب الاحترام ” شنو يعني تقصد كبّة الكبّة ” ومنذ ذلك اليوم تجمّدت علاقتنا حتى اشعار آخر !
و ” أزمة الأزمة ” لاهي زيارة الزيارة ولا كبّة الكبّة ، انها بكل بساطة تعبير عن واقع حالنا الذي نعيشه مع طبقة سياسية أنهكت حياتنا وافقدتنا بوصلة الامل رغم كل صبرنا وتحملنا ، ويقول الفلاسفة انه بالامكان ايصال اعقد الافكار بأبسط الكلمات ، فكانت أزمة الازمة توصيفا واضحاً لنتائج التفكير والعقلية التي قادت و تقود ومصرّة على قيادة البلاد والعباد من أزمة الى أزمة أنكس منها ” واتعس ولم اجد افصح تعبيراً عنها الا في قصيدة للشاعر البابلي موفق محمد والتي يقول فيها ” ألم ترَ ان لا حمار في العالم يشبه موفق محمد/ فهو الوحيد الذي يسير على قدمين اثنين/ هو في الستين من عمره / ولا يملك شبراً في المعمورة / ولا زاوية في زريبة / يخرج وحيداً عارياً كما خلقه الله / يعود مثخناً بالجراح / جراء السياط التي تشترطها الأزمات / التي تعصف بالبلاد” !!
عشرون عاماً من الفشل المركّب والاصرار عليه في كل مناحي حياتنا ، يبدو كما لو انه عامداً متعمداً لإغراق البلاد وجرّها خائضة من مستنقع أزمة الى مستنقع آخر أوحش واقذر يجلدنا بسياط الفقر والجوع والجهل وتيهان المستقبل والأخطر فقدان الأمل فاصبحت حياتنا بلا نكهة بلا طعم بلا لون بلا فرحة حقيقية ، وحتى الحقيقية منها تسرقها هذه النوعية الغريبة من البشر كما فعلوا بحصول شبابنا على كأس الخليج ، عصروا فرحتنا عصراً باستثمارهم السياسي لهذه القضية الى ابعد المديات فحوّلوا صنّاع الفرحة من كائنات صاحبة منجز الى كائنات لاحول لها ولا قوة !!!
ثم فتحوا علينا ازمة الدولار الى مديات اصابت عظم فقراء هذا الوطن المنكوب باللصوص ، بل أصابت حتى الطبقة المتوسطة فضربتها أزمة الدولار تحت الحزام ، وكالعادة السبب اميركا كما لو انهم يتحدثون الى اناس اغبياء لايعرفون ان اس الازمة تهريب الاموال الى الجيران الاعزاء وغسيل الاموال وهما سببان خيوطهما بيد حيتان الفساد في البلاد من السياسيين القابضين على حركة الدولار في السوق ، والكوميدي في المشهد ان البنك المركزي بعد تغيير محافظه بليلة واحدة فقط يصدر بيانا يقول فيه ” لاعلاقة لنا بازمة الدولار ” !!
ستمضي ازمة الدولار صعودا او نزولاً بالقبول الواقعي لها حكومة وشعباً ، ولن ننتظر طويلاً لنشهد أزمة جديدة من طراز جديد سياسية او اقتصادية او امنية نتلهى بها حتى تحضير الازمة الاخرى ، والطامة الكبرى ان العقلية نفسها التي خلقت كل تلك الازمات هي نفس العقلية التي تقود البلاد وهي نفسها التي ستخوضنا في مستنقع جديد ، وهذا المشهد ليس تشاؤمياً ، فنحن نكتوي بنيرانه منذ عقدين من الزمن المر !!!