17 نوفمبر، 2024 1:34 م
Search
Close this search box.

هل استعاد ثغر العراق ” البصرة ” ابتسامته ؟

هل استعاد ثغر العراق ” البصرة ” ابتسامته ؟

لطالما وصفت البصرة ب ” ثغر العراق الباسم ” ولكنها قُهرت وغُيبت بسبب حروب الدكتاتور البائد وتلقف وحوش الظلام ومافيا المخدرات والتبعية والتهريب, للسلطة بعده بارادة المحتل..
السلوك العفوي الراقي لأهالي البصرة في ترحيبهم بضيوف اولمبياد كرة القدم خليجي 25 في البصرة والاحتفاء بهم بشكل كرنفالي بنكهة فرح بصراوية, كان مفاجأة للكثيرين من العراقيين وضيوفهم الخليجيين, وصادم للأطراف التي لا تود إلتئام وحدتهم وتآلفهم التاريخي… وهو يضمر روح إحتجاج ايجابي ناعم, لا يمكن تفسيره إلا بسعي مواطني البصرة الفيحاء للتغيير ونزوعهم للارتقاء وحبهم الصادق لجيرانهم الخليجيين بعد قطيعة مفتعلة, فكانت تظاهرة رفض مدني بهية, لما هو سائد في المحافظة من انفلات السلاح والعنف. تظاهرة ذات طابع مجتمعي بملمح رياضي, تتواصل مع انتفاضة تشرين المجيدة بالمبادئ رغم اختلاف منطلقاتهما وظروفهما, غير أنهما تغرفان من نفس النبع الصافي : ” اريد وطن ” !
كان الكرنفال البصراوي بمثابة إستفتاء شعبي, بمشاركة واسعة ومتنوعة من ألوان المجتمع العراقي وأطيافه لإنجاح الدورة, وحسم الأمور نحو خيار الدولة المدنية المنفتحة ورفض خيار الدولة الدينية المتزمتة المستورد, الغريب عن طبيعة العراقيين…
وكانت التفاتة رائعة وذات مغزى من منظمي حفل افتتاح بطولة الخليج لكرة القدم 25, تقديم العقيد الكفيف علاء العيداني الذي فقد بصره في معارك تحرير الموصل, حاملاً العلم العراقي في اشارة إلى الدور البطولي لقواتنا المسلحة في دحر ارهابيي داعش.
اندهاش الأشقاء الخليجيين وانبهارهم بظروف البطولة, جعلهم يصفون الحدث, أثناء لقاءاتهم بوسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي, بأنه ” كان عرساً بصراوياً رائعاً !”.
وعدّوا شعب البصرة, منتخباً تاسعاً, أُضيف إلى منتخبات الدورة الثمان والفائز الأول بامتياز.
الظاهرة التي أثارت إعجاب وتقدير وتثمين ممثلي الفرق المشاركة في الأولمبياد, اندفاع العراقيين لاشغال مقاعد الملاعب التي لا يتنافس فيها المنتخب العراقي, قبل ساعات طويلة من بدئها… عزاه البعض إلى عطش عراقي مزمن للفعاليات الرياضية الكبيرة, ولكن إلى م تعزو تواجد كبار السن من عجائز وشيوخ وذوي احتياجات خاصة وفاقدي بصر وكذلك أمهات مع أطفالهن, على المدرجات ؟ !
معلق خليجي آخر وصف هذا الحضور المتميز من الجمهور العراقي,
قائلاً : ” هذا مش جمهور رياضي, هذا جمهور وطن “!
وأضاف : ” كانت بطولة استثنائية بفضل العراقيين “.
لقد كان تنادي أهل البصرة لإنجاح المونديال الخليجي وإرسال رسالة بليغة للخليجيين, بأنهم محضر ترحيب وتبجيل مع توق شعبي عراقي لترميم علاقات الأخوة التاريخية التي قوضتها حروب الدكتاتور المقبور والخطاب الطائفي التخريبي اللاحق.
لابد وان الاطراف الغير محبة للعراق والعراقيين ما كانت تتمنى نجاح الدورة بعد أن تفاجأت بهذا الاستقبال الحميمي العراقي الكبير لاشقائهم الخليجيين, ومبادلتهم العراقيين مشاعر الود والعرفان الحقيقي, لذا فإن دعاة سياسة المجافاة لدول الخليج والانعزال عنها وحتى معاداتها يعيشون اليوم أسوأ أيامهم ويعانون هضيمة الفشل !
احتفاء البصاروة المبالغ فيه بضيوفهم وكرمهم, تمثل بمبادرات فردية وجماعية ومجتمعية من منظمات وفرق فنية شعبية تمثل بانوراما التنوع الثقافي العراقي وثرائه من خشابّة البصرة وراقصي الهيوة إلى دبكات
الجوبي من المناطق الغربية و الرقصات الكلدانية والآشورية والكردية, ولم تغب عنها المقامات العراقية وأطوار الاغاني المختلفة, ومنها الموصلية وغنائيات المربعات البغدادية والأغاني الوطنية والطقطوقات الشعرية وأغاني البادية…

ولم يستبعد البعض أن يكون هذا الاحتفاء المبالغ به بضيوفهم الخليجيين ومظاهر الكرم المابعد الحاتمي, من الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني, كان نكاية بإيران ومن يتبعها من تنظيمات ظلامية داخلية اعترضت على مظاهر التحضر والبهجة. لاسيما بعد إحتجاج الإيرانيين المستهجن على تسمية الخليج بالعربي, لتعكير صفو الاحتفالية والمهرجان الرياضي وسلب العراقيين لحظات سرورهم…
كانت الجماهير العراقية تحتاج فرحة, فكان الإنجاز الكروي الذي حققه ” اسود الرافدين ” بالفوز بالبطولة, الذي أثلج قلوبنا. بالرغم من جرعة الإثارة والانفعالات العالية المتباينة, صعوداً ونزولاً, التي وضعونا فيها, بحب, خلال المباراة النهائية امام الفريق العماني.
ومما يستحق الاشادة, الإنجاز العمراني المتحقق بالبصرة بجهود منتسبي دوائرها الفنية والهندسية والخدمية وجماهيرها وبإشراف من الحكومة المحلية ودعم الحكومة المركزية, على ان تستمر عملية البناء لخدمة أهالي البصرة, لاسيما ساكني العشوائيات الذين وُضعوا خلف جدار العزل ( قيل إنه كلف ملياري دينار, كان يمكن بهما بناء عمارات سكنية تأويهم وتحل مشاكلهم ), وذلك لعدم خدش عيون زوار الدورة. وان لا تتوقف عمليات تطوير البصرة عند بناء ملاعب رياضية وطرق موصلة لها ومولات وكورنيش…؟
سندباد ألف ليلة وليلة كان مغامراً يخترق عباب البحار بحثاً عن الجديد والمفيد والغريب, هل هناك من يمتلك روحيته, ويرسم البسمة الدائمة على ” ثغر العراق ” ؟

أحدث المقالات