17 نوفمبر، 2024 7:29 ص
Search
Close this search box.

رواية نانا.. تعقيدات المشاعر وصعوبة ممارستها في مجتمع مغلق

رواية نانا.. تعقيدات المشاعر وصعوبة ممارستها في مجتمع مغلق

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “نانا” للكاتب الفلسطيني “خليل ناصيف” تحكي عن الصراعات النفسية التي تدور داخل امرأتين إحداهما متأكدة تماما من ميلها الجنسي نحو النساء والأخرى تقع في الوسط، لا تعرف هل هي تميل إلى النساء أم تفضل أن تكون بصحبة رجل يكملها، لذا فهي تفضل الهروب لأنها لا تريد أن تعرف ولا تستطيع.

الشخصيات..

اعتمدت الرواية بالأساس على ثلاث شخصيات امرأتين ورجل، لكنها ركزت أكثر على المرأتين كبطلتين للرواية وكان للرجل مساحة أقل بالإضافة إلى شخصيات ثانوية، واهتمت الرواية برصد شخصية “نانا” ودوافعها وأحاسيسها وصراعها النفسي في مواجهة تقاليد وعادات مجتمع محافظ، ومحاولاتها المختلفة لأن تكون ذاتها بغض النظر عن كيف يراها الآخرون، في مقابل “صابرينا” التي لم تكن تفهم ذاتها بشكل جيد ولا تعرف ماذا تريد.

الراوي..

اعتمدت الرواية على تعدد الأصوات، حيث حكت كل شخصية من الثلاث عن نفسها بضمير المتكلم مما أعطى ثراء للحكي ومكن الشخصية من التعبير بحرية عن ما يدور بداخلها وعن تشابكات أفكارها وأحاسيسها، لكن كان في الخلف دوما راو عليم يكمل الحكي بضمير الغائب ويحكي أشياء أخرى عن الشخصية. بدأ الحكي بصوت يوسف وانتهي بصوته لكن بعد ذلك كان كشف هام انتهت به الرواية.

السرد..

الرواية عبارة عن 176 صفحة من القطع المتوسط، ركزت بشكل كبير على حكاية “نانا” ثم حكاية “صابرينا” في تقاطعها مع “نانا” وتفاعلها معها، ثم حكاية “يوسف” وحبه ل”صابرينا”، وانتقلت ما بين أربعة أماكن في مصر والأردن ولبنان ورام الله. لكن كان مكمن إبداع الكاتب هو تقطيعه للزمن، حيث قدم وأخر في الزمن ليعطي تشويقا أكبر للقارئ أو ربما ليحتفظ بانتباهه كاملا. فنجده يحكي في زمن حديث ثم يعود بالحكاية إلى زمن أقدم، ثم يعود للزمن الحديث وهكذا، كما اعتمد على دفتر رسائل في الحكي، وأتت النهاية مفاجئة لكنها لم تكن سعيدة فالقصة كانت حزينة في مجملها.

الانجذاب إلى انثى..

عانت “نانا” من مشكلة حياتية حددت مسار حياتها فيما بعد، وهي الانجذاب إلى الإناث، أو كما يقال الميل الجنسي المثلي، لكنها وبسبب أنها تعيش في مجتمع محافظ عانت من النظرة المجتمعية لها ومن شعورها بأنها موصومة، رغم أنها تنتمي لطبقة الأغنياء الذين ربما لا يعانون مثلما يعاني الفقراء من قيود المجتمع وأحكامه. وجدت رفضا من قبل الأهل ومن قبل المحيطين، ولكنها مع ذلك كانت تعرف ماذا تريد وماهي اتجاهاتها وميولها الجنسية، وكيف تستمتع وتشعر بالاكتمال.

ظلت تعاني لأنها لم تجد شريكة لها تستمر طويلا معها، أحبت “صابرينا” لكنها مشيت عندما أحست أن صابرينا لا تبادلها نفس المشاعر وتكتفي بعلاقتها بزوجها “ميشيل”، وحين وجدت “ندى” لم تستمر معها طويلا، لتعود ل”صابرينا” مرة أخرى وتلاحقها بحبها. تعذبت لأنها لم تجد انثى تشاركها نفس المشاعر والأحاسيس والرغبة في البقاء طويلا. بالإضافة إلى أن حياتها انتهت نهاية مـساوية بالموت بالمرض.

لكن اختلفت مشكلة “صابرينا”، حيث أنها لم تكن تعرف على وجه الدقة هل هي تميل للذكور أم للإناث، كانت تتجاوب مع “نانا” لكن تجاوب غير كامل، وتجد الأمان بالقرب من رجل يرعاها ويفهمها لكنها مع ذلك أخفقت في تجربتي زواج، بل لم تحسم ميولها الجنسية مع ذاتها لذلك ظلت حائزة طوال الوقت وتميل إلى الهروب، لا تستجيب تماما ل”نانا” ولا تندمج في علاقة حب مشبعة مع “ميشيل” أو زوجها الأول، لكنها رغم هروبها المستمر وقعت تحت سلطة “نانا” التي أبت ألا تتركها حتى بعد موتها فأرسلت لها جسمانها ليكون معها إلى نهاية العمر.

الحرب وبشاعتها..

لم ترصد الرواية فقط تعقيدات الميل الجنسي المثلي في المجتمع المحافظ، وإنما صورت بشاعة الحرب وقسوتها حين نقلت مشاهد حية من الحرب في لبنان في عام 2006 ومشاهد القتل والتفجير، وشعور المسعفين حينما ينقلون الجثث أو المصابين، وقتل الأطفال بدماء باردة والشعور بالخوف والرعب في ظل فوضى الحرب.

متفرج متورط..

كان “يوسف” أشبه بمشاهد ومتفرج على علاقة “نانا” و”صابرينا”، لكنه مع ذلك كان متورطا في حب “صابرينا” التي لم تحسم أي شيء، ورغم أنه بدا في البداية رجلا خائنا لا يهتم بزوجته إلا أنه ظل يحب “صابرينا” وقتا طويلا وينتظر تجاوبها. الرواية اهتمت بالمشاعر والأحاسيس وتعقيداتها، ولم تقدم أية أحكام فقط رصدت تلك المشاعر والأحاسيس بشكل محايد وبلغة عذبة.

الكاتب..

“خليل ناصيف” كاتب فلسطيني، ولد في مدينة رام الله من عائلة تعود جذورها إلى مدينة اللد الفلسطينية. كتب عددًا من القصص القصيرة والروايات والقصائد النثرية منذ عام 2007. وتشمل أعماله “وليمة النصل البارد” (2014) و”الغابة التي قفزت من الصورة” (2017). وروايتي ” نانا” و”دومينو”

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة