19 ديسمبر، 2024 9:06 ص

المقاومة السياسية..النظرية والتطبيق (مجلس النواب العراقي مثالاً)

المقاومة السياسية..النظرية والتطبيق (مجلس النواب العراقي مثالاً)

لقد لعَب مُصطلح “المقاومة السياسية” دوراً هاماً في إعلاء نجم الكثير من الشخصيات السياسية والإعلامية وخاصة من هُم تحت خيمة “مجلس النواب” العراقي بدورتيه . لما لهذا المُصطلح من جاذبية عاطفية بل وحتى منطقية عند الكثير من أبناء الشعب العراقي , لما كان للاحتلال الأمريكي من دورٍ تخريبي تعددت أشكاله وتنوعت أساليبه والتي كان في مـُقدمتها , الأسلوب السياسي الذي اعتمدته الولايات المتحدة الأمريكية في التأثير على شخوص الحكم والسياسة في العراق بهدف جر العراق دولة وشعباً إلى مستنقع التبعية (بشكل مباشر أو غير مباشر) , كما هو الحال في بعض الدول العربية والخليجية .

ومن هنا جاء بروز مصطلح “المقاومة السياسية” ليوازي في وجوده “المقاومة الميدانية” و “المقاومة الثقافية” وغيرها من أشكال المقاومة المشروعة والتي كانت ضرورة آنية وإلزاماً ظرفياً في فترة ما قبل إنسحاب قوات الإحتلال الأمريكي (العسكرية) من الأراضي العراقية , ولكن ما يجب أن يـُلتفت له . هو هل إن في إنخفاض بل وإنعدام حالات المقاومة الميدانية والعسكرية , تبرير مشروع يتشبث به بعض دُعاة “المقاومة السياسية” في إنكفائهم وإبتعادهم عن ساحة المواجهة السياسية مع الجانب الأمريكي وإنشغالهم بمعارك شخصية ومشاريع مصلحية بعيدة كل البعد عن ما وعدوا به وتبنوه في برامجهم الإنتخابية والتي تزينت بشعارات (المقاومة) و (مناهضة الإحتلال) على إمتداد أعوام مضت , وهل إن إنسحاب الجند والعتاد هو إنسحاب لرجال السياسة والتأثير . والجواب على كِلا التساؤلين (كلا) , فالسياسة الأمريكية ما زالت ً تسري في عروق الكثير من مفاصل الدولة العراقية بجوانبها التشريعية والتنفيذية والقضائية , ولهذا السريان تأثير يؤدي بالنهاية لمداراة المصالح الوجودية (الغير مشروعة) للولايات المتحدة في داخل العراق , وإن السكوت (الغير مبرر) من قبل بعض دعاة “المقاومة السياسية” تجاه هذا التأثير والإنجرار الغير مباشر لهو سكوت مخيب للظنون والآمال , بل ودليل قطعي على زيف ولائهم لمشروع “المقاومة السياسية” الذي كان سبباً أكيداً في ظهورهم بهذه القوة من بين إضطرابات الساحة السياسية في العراق .

ولهذا فإنَ نظرية “المقاومة السياسية” بمضمونها المبني على (دفع الأذى السياسي بمشروعية صوت النائب) و (الوفاء والدفاع عن مصالح ومكتسبات المقاومة الميدانية) تبدو اليوم بحاجة مـُلحة لوجوه جديدة , تنتقل بها من واقع الشعار المطبوع إلى واقع التطبيق الملموس , هذا التطبيق الذي لا يمكن أن يوجد إلا بتحقيق جانبين مُهمين , الأول هو التَمكين لِمن له الإنتماء السياسي والولاء العقائدي لمشروع “المقاومة” في العراق وهذا أمر يُرجع فيه للتاريخ القريب , والثاني هو إبعاد المُتسلقين والمتبنين لنظرية “المقاومة السياسية” والذين لم يكن لهم أي مواقف أو تحركات تساهم في تحقيق أهداف هذا المشروع . وهذا الجانب يتعلق كثيراً بمدى الوعي المترسخ في عقلية أبناء وأنصار مشروع “المقاومة” في العراق . والذي سيؤدي إلى تصويب رأيهم ودفعهم للإدلاء بصوتهم لمن هو حقاً على قدر مسؤولية تطبيق المشروع .

أحدث المقالات

أحدث المقالات