سار بدراجته الى الطريق في ساعة الظهيرة ولم يكن سيرا سريعا كما تعود دائما فهو مدرك دائما ان في العجلة الندامة وان التأخر لحظات او دقائق افضل بكثير من سرعة عاقبتها ندم او فاجعة .
لم يكن الامر الذي استوجب خروجه من البيت مهما لكنه اختار الخروج لشراء بعض الحاجيات التي لم يكن التخلي عنها ليس ممكنا الا انه يريد ان يتم اعداد مستلزمات وجبة الضيافة بما يليق وعلى افضل الصور لهذا اوقف دراجته بالقرب من المتجر المخصص لبيع الادوات المطلوبة واشترى بضع حاجات ودفع الثمن ثم عاد الى دراجته وضغط الدواسة وسارت به في طريق العودة وما مضت الا لحظات واذا بسيارة مسرعة تدهسه وترميه من فوق دراجته ارضا وتمضي بسرعتها دون ان يتوقف سائقها ولم يكلف نفسه الوقوف على حالة المصاب ولم يبادر الى نقله الى المستشفى بل هرب كأي مجرم ارتكب جريمة قتل .اجل ارتكب جريمة قتل ربما لم يكن متعمدا الا ان هروبه جعل جريمته النكراء تلك جريمة قتل عمد فهو بهذا لا يستحق عطف او عفو لأن تصرفه كان تصرف قاتل .
تجمع الناس حول المصاب وفاتهم ان يسجلو ا رقم المركبة اذ شغلهم الاهتمام بإسعاف المصاب عن تسجيل رقم المركبة او ملاحقتها فقد بادروا الى استدعاء الجهات المسؤولة وتم حمله الى المستشفى واجريت له الاجراءات اللازمة كان الرجل مصابا بنزيف في الدماغ اضافة الى رضوض في اماكن متفرقة وفطر في في الساق كانت حالته خطيرة استوجبت مضاعفة جهود الكادر الطبي المتخصص وبحمد الله تعالى ومننه تم ايقاف النزيف ونقل من غرفة العمليات وادخل في ردهة العناية المركزة ومضت ساعات وساعات ,هي ساعات الخطر المحتمل لم يكن غير الله تعالى البر الرحيم قادر على ان يأخذ به الى بر السلامة والامان .
اجتمع الاهل وترددت الدعوات وهل لغير الله تعالى ترفع الدعوات وذرفت من عيون الاحبة دموع هي في الحقيقة كلمات حب وحنان تهتف بكل اخلاص يا رب انت الشافي المعافي .
ترى هل فكر ذلك الذي دهس هذا الرجل وتركه في مكانه ولم يبادر الى اسعافه بل ولى هاربا كأي مجرم ارتكب الجرم ان في الفرار وسيلة للنجاة او البراءة من الاثم ,ان كانت العيون قد غفلت عنه فأن عين الله لا تغفل.
سؤال يطرح نفسه عن المادة القانونية التي تتخذ في مثل هذه الحالات في حال توصل الجهات المسؤولة الى الجاني واي عقوبة ستوجه قانونيا….؟
الجواب هو الاتي.
جريمة الدهس استنادا للمادة 36,37من قانون المرور رقم (8) لسنة 2019
“يعاقب من دهس شخصًا وهرب بالسجن مدة من 7 إلى 10 سنوات، ويدفع غرامة قدرها من 5 ملايين دينار إلى 9 ملايين دينار وفقًا للفقرة الثالثة من المادة رقم 36 من قانون العقوبات العراقي، وتسقط عقوبة السجن حال تم التراضي بين الطرفين، لكن إذا مات الشخص ربما لا تسقط عقوبة السجن.
اعتبار عدم مبادرة سائق المركبة المرتكب جريمة دهس بنقل المصاب او تقديم العون له اذا تعذر نقله ظرفا مشددا لأغراض تطبيق المادتين 135 و 136 من قانون العقوبات”.
لن يهرب الجاني واعتبار هروبه ظرفا مشددا قانونيا هو ايضا ظرف مشدد اخلاقيا وعشائريا ولن تناله شفاعة.
انني اتوجه للجاني بهذه الاسئلة:
لوكان هذا المجنى عليه اب لك او اخ او قريب اوصديق هل ترضى لغيرك ان يدهسه ويفر…؟
وماذا لو لم يجتمع حوله اولئك الغيارى الطيبين اما كان يمكن ان تسوء حالته لا سمح الله بما لا يمكن اسعافه وما لا يمكن ان ينفعه اي اجراء طبي …؟
او ما تلقيت لوما من نفسك او ضميرك…؟
لا أظن من يرتكب مثل هذا الفعل يحمل ضميرا حيا او نفسا لوامة …
لا أدري هل كان صغيرا في العمر فيحتمل وليه الوزر واللوم او كان تحت تأثير مسكر او مخدر او حبوب كبسلة فيكون الامر اشد لان الاستهانة بأرواح الناس تستوجب ايقاع العقوبة على كل من تسول له نفسه ارتكاب هذا الجرم.
اخيرا اقول لكل من فعل امرا كهذا
ان غفلت عنك العيون فأن عين الله لا تغفل كما ان الاجهزة الامنية جادة في اقتفاء اثار كل الجناة وستنجح في الوصول الى الحقيقة وتقديم الجاني للعدالة..
قلوبنا تهتف :ان لنا في الله تعالى ثقة وان الله لا ينسى .