18 ديسمبر، 2024 11:54 م

مصيبتنا جراء ساستنا !

مصيبتنا جراء ساستنا !

 اضحت السياسة مصدر قلقنا وتنامي ازماتنا ومشاكلنا ولم يعد ساستنا اكثرة قدرة على التعامل مع السياسة باعتبارها فن الممكن . وباتت صيحات تعلو  كل يوم على لسان المعتصمين والمتظاهرين ليس في العراق فحسب وانما في جميع انحاء العالم ( الشعب يريد  اسقاط النظام ) .  واذا اردنا التمعن بهذه المفردات والتي اصبحت شائعة بين الشعوب والمجتمعات الديمقراطية وغير الديمقراطية لوجدنا انها حياناً فاقدة للشرعية نظراً لان ثلة قليلة هي التي ترددها وليس الشعب كله . اما في العراق قد يعترض احداً ويقول ان المتظاهرين  يمثلون الشعب لانهم خرجوا جراء معاناتهم وهم جزء من معاناة الشعب . السؤال المطروح لماذا نريد اسقاط النظام ، وقد تغير النظام الدكتاتوري الاستبدادي الى نظام ديمقراطي ؟ هل نريد الاستبداد والتسلط ، ام ماذا نريد ؟ . لذا ينبغي النظر  الى الموضوع من زاوية قانونية نجد انه لا يجوز ان يعبر شخص عن اخر لا سيما وان (الشعب يريد اسقاط النظام ) مفردات تسقط العروش وتزلزل الانظمة وتسحق المكتسبات  .  ، وعندما تقولها مجموعة من الناس ولا يقولها كل الشعب فهذا يعني انها  ليست فاقدة  للشرعية فحسب وانما لمحدوديتها وعدم اتساع قاعدتها الجماهيرية  لانها لا تعبر عن عامة الناس . اما اذا نظرنا اليها من جاني اخر نجد ان عدم خروج معظم الشعب ونزوله الى الشارع لا يعني كل من قبع في بيته فهو مقتنع بالنظام وسياساته  . امام هذه المفارقات التي تنتاب الشعوب المختلفة الثائرة او الفوضوية او التي لاتعرف الديمقراطية او التي  دخلت عتبتها ولا تعرف ماذا تعمل ، وتريد تنظيم المظاهرة لا تفه الاسباب . اما في البلدان التي خاضت تجارب طويلة في الديمقراطية وكيفية استخدامها باعتبارها ممارسات يومية وليست شعارات كلامية . لذا لا تنظم التظاهرات الا بوجود حجة دامغة ومطلب جماهيري  ، وبالتالي ستتعطل الحياة المدنية مما يجعل الحكومات في حالة  استنفار وانعقاد دائم لتنفيذ المطالب  . ان بعض ساستنا قد تلاعبوا بمطالب المتظاهرين المشروعة وأفرغوها عن محتواها الوطني  ، لذا يتحتم على المعتصمين والمتظاهرين الحذر من بعض الساسة المتصيدين ورفض الشعارات التي لا تغني ولا تسمن من جوع . والاجدر ان نختار شعاراتنا  المطلبية في التظاهرات تتناسب مع المرحلة والتعبير عن حقوقنا وان مفردات (الشعب يريد اسقاط النظام ) باتت شعارات سياسية وليست جماهيرية  . نعتقد ان استمرار الساسة بمشروعهم التسقيطي لبعضهم البعض بمرأى الرأي العام بغية جر الشعب الى ترديد هذه المفردات سيدخل البلد في دائرة العنف والعنف المضاد ، وتلك هي مصيبتنا جراء ساستنا .