لكي نعرف من هو القائد الميداني الحقيقي (للدولة الإسلامية) لابد من الإشارة الى ان مصرع أبوعمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر وهو مصري (اسمه عبدا لمنعم عز الدين بدوي)، جعل العقيد بكر القائد الفعلي للدولة، لأنه استنادا لتلك المعلومات هو الذي عرض على البغدادي (الإمارة) في اجتماع خاص في الساعات الأولى من مصرع سلفه ولأنه هو الذي أعاد هيكله التنظيم بالكامل وجعله الرقم الأول في مواجهة الدولة العراقية .
ورغم وجود مخاوف بين كوادر ألدوله الاسلاميه من العقيد حليق اللحية المتفرنج والذي لم يكن احد من تنظيم الدولة يعرفه قبل تولي البغدادي القيادة بأقل من شهرين لكنه تنبه للأمر وأطلق لحيته وتغيير مظهره وطريقة حديثه بالاستشهاد بالآيات ألقرانيه والأحاديث النبوية وبدا وكأنه قائد أفغاني يذكرنا بقلب الدين حكمتيار الذي استقبله ريغن بالبيت الأبيض ووصفه بالثأر من اجل الحرية !!! .و خلال الأسابيع اللاحقة بدأ العقيد الغامض يعقد اجتماعات خاصة بالبغدادي الذي أصبح مصغيا له تماما و لا يقدم على أي قرار دونه لأجل إعداد هيكلة التنظيم وتلافي أخطاء الماضي.
استفاد العقيد من النظام الأمني في ظل نظام صدام حسين حيث شكل جهازا امنيا صارما يحميها من الداخل وعين لقيادته ضابطا وزميلا سابقا له يدعى( أبو صفوان لرفاعي) كلفه بقياده فرق ضاربه من ٢٠ مقاتلا وصلت خلال أشهر الى ١٠٠ مقاتل لا تأخذ أوامرها الا من القيادة مباشرة ولا تتبع لأي أمير منطقة لكي لا تتسرب الأوامر ومهمتها التصفية والاغتيالات ضد أي شخصيه تشكل خطرا على التنظيم من داخله او خارجه أضافه الى حماية البغدادي وإبعاده عن أي لقاء مباشر مع القيادات الفرعية لكي لا تؤثر عليه ..
كانت الأوامر تصل لفرق الموت عبر قيادات (مجلس الشورى) الذي شكله العقيد وجميعهم من العراقيين وتم اختيار هؤلاء بمعرفة العقيد الخاصة وأكثرهم من الذين عملوا في الاجهزه الأمنية في النظام السابق وعلى درجة عالية من الثقة أوكلت لهم مهمة تصفية من يبدو منه انشقاق او عصيان من رجالات دولة العراق او حتى القادة الميدانيين او القضاة الشرعيين بصفة سرية أضافه إلى من يتم رصدهم ويتخذ قرار بتصفيتهم من الشخصيات الحكومية والأمنية العراقية .
كما شكل جهازا آخر يضمن الموارد المادية بمصادرة أموال جميع الشيعة والأقلية النصرانية والدرزية، وجميع عملاء النظام في المناطق الخاضعة لسيطرتهم حتى لو كانوا من السنة والاستيلاء على مصادر النفط ومحطات توليد طاقة والوقود والمصانع الحكومية وأي مصادر مالية حكومية وفرض إتاوات على الشركات والتجار والصيدليات والمقاولين ووضع نقاط تفتيش على الطرق البرية الطويلة لأخذ أموال من الشاحنات التجارية تصل في بعض الأحيان الى ٢٠٠ دولار.
أدى التدهور الأمني في سوريا الذي وصل الى المواجهة المسلحة الى خلق إشكاليه لقياده ألدوله الإسلامية في العراق التي بدأت مسرورة بعد انسحاب الأمريكيين من العراق واعتبرته نصرا لها . حيث وتوجهت أنظار كوادرها الى سوريا وخاصة السوريين منهم مما طرح مخاوف التصدع والانشقاق .. وعقدت العديد من الاجتماعات لتدارس الموقف الذي كان يهدد بإضعاف دورها في العراق. كان راي البغدادي والعقيد التوجيه لجميع القيادات بعدم التفكير بالذهاب الى سوريا مبررين موقفهم ذلك بان الأوضاع غير واضحة ويجب التريث ولا بد من العمل على إسقاط الحكومة وتفجير الوضع الأمني في العراق لكن تلك الدعوات لم تلقى إذانا صاغية الأمر الذي دفعهما على التهديد بان اي مقاتل سيلتحق بالمقاتلين في سوريا سيعتبر منشقا وخارجا عن الأمير ويستحق عقوبة الإعدام .
لكن هذا القرار لم يمنع التسرب والغليان في الخلايا من المقاتلين العرب ولمعالجه الأمر أمر العقيد بكر تشكيل فصيل من غير العراقيين للتوجه إلى الأراضي السورية واستقطاب أعضاء جدد من الخارج و منع اي مقاتل عراقي من الذهاب معهم لتجنب الانشقاق على ان يكون خاضعا لقياده ألدوله في العراق وتوجيهاتها وأوامرها…
أطلق على التنظيم الجديد المنبثق عن ألدوله الإسلامية تسميه (جبهة النصرة) اختير لقيادته السوري ابومحمدالجولاني. وهناك بعض الروايات التي تشير ان العقيد كان يتلقى تعليماته من جهة خارجية ( مجهولة ) هي التي اتخذت ذلك القرار واسم قائد الفصيل وتمويله وتسليحه للإسراع في إسقاط الأسد الذي خيب جميع التوقعات التي وعد بها العديد من قاده المنطقة للغرب . لكن البغدادي صدم وبدات تساوره الشكوك والوساوس عندما بدا الكثير من المجاهدين من الخليج وتونس وليبيا والمغرب والجزائر وأوربا واليمن يتوافدون الى (جبهة النصرة) بقوة وكثرة ويرفضون التوجه للعراق لتنفيذ العمليات الانتحارية وبدا العقيد والبغدادي يقلقان من صعود نجم الجولاني عالميا مذكرا با سامه بن لادن.
لم يعرف لحد ألان الاسم الحقيقي للجولاني( 39 عاما) سوى انه مواطن سوري ولد في الجولان المحتلة وكان مدرسا للغة العربية . ويؤكد (تشارلز ليستر) المحلل في مركز (h. s. jeans للتمرد والإرهاب) ان هويته لا تزال غامضة رغم انه كان معتقلا في (بوكا) لدى الأمريكيين بعد ان شارك الى جانب المقاتلين العرب ضد القوات الامريكيه وكان مقربا من الزرقاوي وابو عمر البغدادي وأطلق سراحه عام 2008 لينتقل للعيش في لبنان مشاركا في الدعم اللوجستي لتنظيم جند الشام المقرب من القاعدة وعاد لينظم للدولة الاسلاميه في العراق وشارك في اخطر عملياتهم ضد مراكز وتجمعات حيويه.
في كانون الثاني/يناير 2012ظهر اسم “جبهة النصرة” لأول مره بعد هجمات نفذت ضد مواقع للجيش النظامي في منطقة إدلب قرب الحدود التركية في ذات الوقت الذي أعلن فيه أيمن الظواهري – زعيم التنظيم القاعدة- الدعوة إلى الجهاد في سوريا مما دفع بعض الجهات -وخصوصا الأمريكية- للتأكيد أن جبهة النصرة هي إحدى ن خلايا القاعدة في سوريا مما اثأر الشكوك حول هوية ألدوله الإسلامية. لكن المعارضة السورية شككت في نشاطاتها بعد قيام النصره في 17 آذار/مارس بتنفيذ هجوم بسيارة مفخخة ، هز العاصمة دمشق وأودى بحياة 27 قتيلا اغلبهم من المدنيين أعقبتها عمليات مشابهه أحرجت القوى الوطنية في سوريا مما دفع المعارضة السورية منذ البداية للتنديد بما قالت انه( مؤامرة تنفذها جماعات إرهابية تورطت فيها السلطات لتبرير قمعها للثورة ).
وفي شهر آب/أغسطس تركزت عمليات جبهة النصرة ضدا لجيش النظامي في حلب ثاني مدن سوريا ومركزها الاقتصادي وتمكنت من السيطرة على قاعدة الشيخ سليمان، وهي آخر موقع عسكري للجيش السوري في منطقة حلب.حينها شعر العقيد والبغدادي ان صعود نجم جبهة النصرة وتنامي قوه الجولاني واستئثاره بالدعم الخارجي سيقوض دولة العراق ويزيحها عن الساحة خاصة وان الأوضاع في العراق بدأت تتجه نحو الاستقرار الأمني النسبي. لهذا طلب البغدادي من الجولاني بان يعلن عبر شريط صوتي لوسائل الإعلام( ان جبهة النصرة تابعة رسميا لدولة العراق بقيادته ) ليعرف حقيقة نواياه لكن الجولاني اخذ بالمماطلة وطلب وقتا لمناقشه الأمر دون ان ينبس بكلمه واستمر صمته لأيام .
حينها أرسل له البغدادي توبيخا وتقريعا، رد عليه الجولاني برسالة مناوره يبلغه فيها( ان هذا الإعلان لا يصب في صالح الثورة السورية حسب رأي جميع أعضاء مجلس الشورى لديه ) وهو ما اغضب البغدادي الذي اتفق مع العقيد بكر بالتفكير الجدي بمعالجه الأمر قبل ان يفلت زمام الامور.
ذاع صيت الجولاني في أبريل نيسان ، عندما رفض محاولة البغدادي السيطرة على جبهة النصرة كاشفا عن شقاق واسع مع تنظيم القاعدة العالمي . وحاول الجولاني النأي بنسفه عن المزاعم باندماج الجماعتين في جماعة الدول الإسلامية في العراق والشام التي طالب بها البغدادي صراحة.عوضا عن ذلك، تعهد الجولاني بالولاء المباشر لزعيم “القاعدة” أيمن الظواهري، الذي قال، إنه “يقف ضد محاولة البغدادي لاندماج الجماعتين”، وقال، إن “جماعته ستواصل استخدام اسمها جبهة النصرة”. وتعهد الرجل، خفيض الصوت، ألا يغير ولاءه للظواهري من سلوك الجماعة داخل سوريا، وقال: “نقول لأهلنا في سوريا إن جبهة النصرة سنواصل الدفاع عن دينكم وكرامتكم ودمائكم ولن تغير من سلوكها نحوكم أو مجموعات الثوار الأخرى”.
. بدا الجولاني بالقلق الشديد وتقييد حركته رغم الدعم الخارجي الكبير الذي كان يتلقاه وتدفق مئات من الأصوليين للقتال معه واغلبه سبق ان ساهم بإسقاط ألقذافي بل اخذ يجامل جالسيه بمدح دولة العراق والبغدادي عندما شعر بأنه بعث مندسين حوله لمراقبته وربما تصفيته ثم اختفى عن الأنظار وعاش في دائرة قياديه مغلقة في أوكار لم يكن يعرفها سوى المقربين منه لانه يعرف طبيعة خصمه وشراسته .
في تلك الفترة بدأت واشنطن الراغبة بإزاحة الأسد محرجه إمام وسائل الإعلام التي كشفت عمليات القتل والذبح والتفجيرات المروعة التي قامت بها جبهة ألنصره في العديد من المناطق وعددها600 هجوما، من بينها هجمات انتحارية وعمليات مسلحة صغيرة وتفجيرات في المدن الرئيسة وفرض أعراف تشبه ما فعلته حركة طلبان على مواطنيها المدنيين. وتشير وزارة الخارجية الأميركية، التي وضعت جبهة النصرة على قائمة المنظمات الإرهابية في ديسمبر /كانون الأول 2012 ووضعت صوره الجولاني ضمن قائمة اكبر المطلوبين بتهمه الإرهاب إن ألنصره محاولة من قبل (القاعدة) في العراق لخطف الثورة من الشعب السوري لتحقيق أهدافها الدنيئة”.،
وهنا اتخذ العقيد بكر والبغدادي قرارا بتصفية الجولاني ووضعا خطه لإزاحته نهائيا!!!