17 نوفمبر، 2024 9:33 ص
Search
Close this search box.

يان مارتل.. مزج بين الأديان وبين احترام مفردات الطبيعة

يان مارتل.. مزج بين الأديان وبين احترام مفردات الطبيعة

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“يان مارتل” كاتب كندي من أصل إسباني اشتهر بروايته “حياة باي” التي حازت على جائزة البوكر. لغته الأولى هي الفرنسية ولكنه كتب الرواية باللغة الإنجليزية قائلا: “اللغة الإنجليزية هي اللغة التي هي الأفضل لي في التعبير عن دهاء الحياة. ولكن يجب أن أقول أن اللغة الفرنسية هي اللغة الأقرب إلى قلبي. ولهذا السبب نفسه، الإنجليزية تعطيني مسافة كافية في الكتابة”.

حياته..

ولد “مارتل” في مدينة شلمنقة في إسبانيا. التحق في شبابه في المدرسة الثانوية الداخلية في “بورت هوب” في مقاطعة “أونتاريو” الكندية. ونشأ في كلاً من “كوستا ريكا” وفرنسا والمكسيك وكندا. وقضى وقتاً في إيران وتركيا والهند، ودرس الفلسفة في جامعة “ترنت” في مدينة “بيتربورو” في “أونتاريو”، وقضى 13 شهراً في الهند يرتاد المعابد والكنائس والمساجد وحدائق الحيوانات، ثم قضى سنتين في قراءة الكتب الدينية وقصص الضياع. وصدر أول عمل أدبي له في عام 1993 تحت عنوان «سبع قصص».

صدرت رواية “مارتل” بعنوان “حياة باي” في عام 2001 وحازت على جائزة المان بوكر عام 2002. وتم اختيار الرواية من الكتب التي يجب قراءتها في برنامج سباق الكتب في نسخته الكندية على راديو سي بي سي عام 2002. وكذلك حصل على ذات الاختيار في النسخة الفرنسية من البرنامج عام 2004.

وأمضى مارتل عاماً في مدينة “ساسكاتون” في مقاطعة “ساسكاتشوان” منذ سبتمبر 2003 ككاتب مقيم في المكتبة العامة، وتعاون مع الملحن “عمر دانيال” المقيم في المعهد الموسيقي في تورونتو في عمل القطعة الموسيقية «أنت حيثما أنت» التي تستند على نص كتبه “مارتل”، وتحتوي على أجزاء من محادثات هاتفية أُخذت من لحظات يوم عادي.

وأعلنت جامعة “ساسكاتشيوان” في نوفمبر 2005 أن “مارتل” سيكون أستاذ في الجامعة وهو مايزال فيها إلى اليوم.

روايته “بياتريس وفيرجيل” تناولت قضية المحرقة، وشخصياتها الرئيسية هما حيوانات محنطة (قرد وحمار) في متجر للتحنيط.

من 2007 إلى 2011، عمل “مارتيل” في مشروع عنوانه “ما هي قراءة ستيفن هاربر؟”، حيث يبعث لرئيس وزراء كندا كتاب واحد كل أسبوعين يرمز إلى «السكينة» ترافقه مذكرة تفسيرية. كما نشر رسائله والكتاب وردود مختارة في موقع على شبكة الإنترنت مخصص لهذا المشروع. انتهى مارتيل من مشروعه في فبراير 2011، بعد أن أرسل هاربر ما مجموعه 100 كتابا.

أعماله..

  • سبعة قصص (1993)
  • حقائق وراء روكاماشيوز هلسنكي (1993)
  • الذات (1996)
  • بياتريس وفيرجيل (2010)
  • حياة باي (2012)

الجوائز..

  • فائز بجائزة المان بوكر للرواية (2002).
  • فائز بجائزة هيو ماكلينن للرواية.
  • حازت قصته القصيرة حقائق وراء روكاماشيوز هلسنكي بجائزة جيرني 1991.
  • أول كندي يمثل لجنة واشنطن للفنون.

حياة باي..

وتم نقل رواية “حياة باي” لأربعين لغة, وقد نٌقلت للغة العربية من قِبل “دار الجمل” في عام 2006، كما تحولت الى فيلم ناجح حصد أربع جوائز أوسكار عام 2012. صدرت حديثاً عن “المشروع الوطني للترجمة” ضمن الهيئة العامة السورية للكتاب رواية (حياة باي)، ليان مارتل بترجمة: جهاد حسن الباروكي. و مراجعة د. أماني العيد.

الرواية تتحدث عن حياة الطفل “باي” وصراعه من أجل البقاء بعد غرق السفينة التي كان يركبها في المحيط الهادئ، وبرفقته نمر بنغالي؛ إنها مغامرة طفل شائقة تفوق مجرد وصف الأشياء والمعلومات، وتكوين الاستنتاجات والمواقف إلى متعة السرد؛ خيالية في أحداثها كونها تتطرق إلى قضايا روحانية وعلمانية، مشوقة في تفاصيلها لأنها تزيل الحدود بين الإنسان والحيوان. ختاماً تسلط الضوء على العديد من المواضيع بينها: التسامح الديني، الإيمان بالله، والاعتراف بالطبيعة، وغريزة البقاء، إضافة إلى الصراع بين الدين والعلم.

بداية الرواية وصف لحياة بطل الرواية “باي” طفل هندي والده مدير حديقة حيوانات، يتحدث عن الحيوانات وتعلقهم بها ووصف للحياة في الهند أجواء رائعة تعيشها، الرواية في أحيان تبدو كتاب علمي يتحدث عن الحيوانات ومرات تشعر أنك تقرأ كتاب فلسفي عميق، وبعض الفصول تشعر أنه كتاب قصة نجاح وتحفيز .

“باي” بطل الرواية هندوسي في الأصل عندما بلغ 14 عام قرر أن يعتنق الاديان الثلاثة الإسلام والمسيحية والهندوسية. يتحدث في الرواية عن كيفية تعرفه على كل ديانة، وقد كتب عن الإسلام: “تعرفت على الإسلام بعد المسيحية بسنة واحدة، والإسلام يتمتع بسمعه أسوأ من المسيحية آلهة أقل، وعنف أكبر”.

من الحوارات الرائعة في الرواية بعد أن عاش باي يتردد يوم الجمعة على المسجد والأحد يرتاد الكنيسة ويمارس طقوس هذه الديانات بكل صدق دون علم والديه. وذات يوم كان يمشي “بأي” مع والده على الشاطيء والتقو بالإمام الذي علم باي الإسلام والكاهن المسيحي والمعلم الهندوسي، فحدث حوار طويل بينهم.

بعد حوار طويل يقول الثلاثة بصوت واحد لا يمكن أن يكون باي مسلمًا ومسيحيًا وهندوسيًا معًا لا بد أن يختار، ينسحب والد “بأي” منزعج من ابنه. في المنزل والدة “بأي” معاتبه ابنها:

مسيحي ومسلم وهندوسي معًا لماذا يا باي؟

باي: “بابو غاندي قال أن كل الأديان محقة، وأنا أريد فقط أن أحب الله”. بعد ضغوط سياسية يقرر والد “بأي” الهجرة إلى كندا، وفي هذا الصدد يحكي “باي” في الرواية:

“يهاجر الناس بسبب الإحساس المقيت بأنه مهما عملوا بجد فلن يأتيهم عملهم بنتيجة، وأن ما يعمرونه في سنة قد يدمره الآخرون في يوم”.

تسافر العائلة على متن سفينة يابانية إلى كندا مع مجموعة من الحيوانات بعضها مفترسة بهدف بيعها لحديقة حيوانات كندية، تغرق السفينة ولكن ليست هذه هي المأساة! ينجو “باي” وحيدًا على قارب نجاة. ولكن ليس هذا خبر سعيد، فعلى متن القارب مجموعة من الحيوانات من بينها (نمر بنغالي مفترس).

يبدأ “بأي” بوصف حالته في المحيط الهائج مع وجود نمر مفترس آكل جميع الحيوانات في قارب النجاة ولم يبق إلا هو والنمر، وصفه لحالته غير ممل أبداً ينقلك من شعور لشعور آخر مختلف، في البداية يقول “بأي” أنه لا سبيل للخلاص إلا إذا قتلت هذا النمر، لكن بعد فترة يصرخ “بأي” لالا لابد أن أبقيه حيًا.

وفي عام 2010 أُنتج الفيلم الهندي Life of Pi المقتبسه أحداثه من الرواية، وقد حقق نجاحًا كبيرًا حين تم عرضه، كما أنه حاز على 4 جوائز أوسكار، ونال على 11 ترشيح للأوسكار، وتم تصوير هذا الفيلم بتقنية الـ 3D واستخدامت فيه تقنيات الحاسب لتحريك الحيوانات وعمل الخدع البصرية في الفيلم.

ثراء الهند..

في أول حوار لمطبوعة عربية “الرياض” أجراه “عبدالله الزمّاي” يقول “يان مارتل” عن اختياره للهند: “مثل ما يحدث كثيرا في الفن، لقد كان الأمر من قبيل المصادفة ثم أصبح مصيرا. فأصدق جزء في رواية “حياة باي” هو توطئة الراوي. ذهبت إلى الهند من أجل أن أعمل على رواية تقع أحداثها في البرتغال. اخترت الهند لأنه بلد محفز للغاية وأرخص من كندا، لذلك اعتقدت أنها المكان المثالي لكاتب كندي لكي يكتب روايته. لكن تلك الرواية البرتغالية لم يكتب لها الحياة. ولذا صرت في الهند، وبشكل مفاجئ، دون عمل. ما فعلته بعدها هو أني فتحت عيني ورأيت ما كان أمامي، وقد كان ذلك العدد الهائل من الآلهة، في الهندوسية والمسيحية والإسلام والبوذية إلخ، بالإضافة إلى عدد هائل من الحيوانات. حينها جاءتني فكرة (حياة باي)، وقضيت ذلك الحين ستة أشهر في البحث لأجل الرواية.

وعن كم المعلومات في رواية ” حياة باي” يقول: “ليس بالضرورة. بعض الروايات تعد جوانية للغاية وتستكشف عقلية شخصية واحدة، وقد لا تحتوي الكثير من المعلومات عن العالم الخارجي. أما بالنسبة لرواية (حياة باي)، فقد كان شعوري أن الرواية لن تنجح إلا إذا كانت متجذرة في حدث متخيل يحاكي العالم الواقعي. كان لدي شعور بكونها حقيقية. لذا فإن كل المعلومات عن الحيوانات وحدائق الحيوان والدين وتحطم السفن إلخ كانت، مع بعض الاستثناءات القليلة، حقيقية في الواقع. إن توجهي في الكتابة هو مزج سحر الخيال بحيوية الواقع”.

التحضير للكتابة..

وعن طريقته في رواية “حياة باي” وتصميمها قبل كتاباتها يقول: “هذه هي طريقتي في الكتابة. كل كاتب أو كاتبة لديه طريقته التي تناسبه مهما كانت. بعض الكتاب يبدؤون الكتابة فقط دون أن يعرفوا إلى أين تمضي بهم قصصهم، وهذا الأسلوب لا يروق لي. إذ سأشعر كما لو أنني مهندس معماري يتطلب أن يضع مخططًا لمبنى دون أن يعرف ما إذا كان مستشفى أو مسرحًا أو ملعبًا. فمن وجهة نظري، يجب على الشكل أن يتبع الغرض، وما أكتبه في الفصل الأول يجب أن يحدده ما سيحدث في الفصل رقم 100. لذا أخطط وأفكر وأقوم بالبحث وأدون الكثير من الملاحظات قبل أن أبدأ الكتابة. أقوم بنفس الشيء في السفر وأعد نفسي بعناية، بيد أن متعة الجولة سواء في الكتابة أو السفر باقية”.

الدين وعلم الحيوان..

وعن المزيد بين الدين وعلم الحيوان في روايته يقول: “أعتقد أن الدين وعلم الحيوان يمسان جوانب إنسانية فينا. يشترك البشر مع الحيوان في العديد من الحاجات الأساسية، كالخوف والجوع والموطن والحاجة إلى الأمن. لكننا نستطيع أن نصل إلى أبعد مما تستطيعه الحيوانات بقدراتنا وتطلعاتنا البشرية الفريدة. فنحن أذكى بكثير من الحيوانات. ومن وجهة نظري، قارب النجاة في رواية (حياة باي) حيث تقاسم باي (الصبي المتدين) ذاك الحيز الضيق مع الحيوان المفترس كناية عن حالة الإنسان. نحن الكائنات المكرمة إلهيا الذين يجب أن نعبر المحيط ونصل إلى الخلاص”.

وعن الاختلافات بين الرواية والفيلموإلى أي مدى هو راضٍ عن الفيلم يقول: “الفيلم هو تتمة بصرية جميلة للكتاب، وقد أضاف صورا مذهلة للغة. أعتقد أن أفضل تجربة تأتي من قراءة الكتاب أولا ثم مشاهدة الفيلم”.

التأويل للقاريء..

في حوار آخر معه في موقع “ذا توك” يقول “يان مارتل” عن رواياته ونهايتها وقول البعض إنه راوٍ غير موثوق به: “لم أفكر في هذا الأمر حقيقة. في كتاباتي أحاول دائما أن أترك مساحة للتأويل. وهذا – في رأيي- لا يعني أنني غير جدير بالثقة، ولكن يعني أنني شخص منفتح، في النهاية الكتابة اختيار، والفن بطبيعته اختيار. يجب أن يكون القارئ قادرًا على تأويله بالطريقة التي يريدها. في روايتي الأولى “حياة باى” البطل سرد قصتين، وهذه طريقتي المفضلة في الكتابة أن أترك للقراء حرية الاختيار، والتأويل”.

الخيال..

ويجيب عن سؤال هل كان رواية القصص تهمك دائمًا هل كان لديك دائما خيال قوي: “قرأت الكثير في طفولتي، وفي سنوات مراهقتي، وسنواتي المبكرة. كانت القراءة إحدى الهوايات الأساسية في شبابي. أتذكر أنني كنت منبهرًا برواية” تل ووترشيب داون” للكاتب ريتشارد آدامز. الأفلام أيضًا يمكن أن تكون محفزا للخيال أيضًا، ولكنها تجربة أكثر سطحية من القراءة. لأن الشخص عند مشاهدة الأفلام هو شخص سلبي متلقٍ فقط على عكس القراءة. كما أن السينما متلاعبة للغاية إذا ركزت الكاميرا على الهاتف، فيمكنك المراهنة على أن هذا الهاتف سيصدر رنينًا،علاوة على أن السينما مهووسة بالحقائق المطلقة وربما التنميط. على عكس القراءة فهي طريقة رائعة للتعرف على العالم لقد زرت روسيا مرة واحدة فقط. كل ما أعرفه عن روسيا، حصلت عليه من تولستوي، دوستويفسكي، غونشاروف، غوغول، تورجينيف… لذلك، إنها طريقة رائعة للسفر، بمعنى ما”.

جائزة بوكر الأدبية..

فاز “يان مارتل” بجائزة بوكر الأدبية بسبب روايته التي احتلت المرتبة الأولى من بين تسعة أعمال وصلت الى التصفيات النهائية، حصل مارتل البالغ من العمر تسعاً وثلاثين سنة مبلغا وقدره 50000 جنيه استرليني «أي ما يعادل 77360 دولاراً» عن روايته الفائزة.

يقول الكاتب بعد تسلمه الجائزة في حفل خاص بالمتحف البريطاني: «لقد كان كتابي الأكثر حظا من بين الكتب الستة الجيدة التي ترشحت أخيرا للجائزة»، إنه أمر لا يصدق، أخذت أفكر، أنا الفائز بجائزة بوكر والتي تعتبر بالنسبة لي بعيدة المنال ولا تذهب الا للعباقرة، الآن أنا فزت بها، إنه أمر غريب كما لو كان أن هناك شيئاً خطأ».

هناك شيء اجتماعي في الأدب، أنا سعيد جدا أن كتابي سيقرأ، لا يهمني زيادة المبيعات، أنا سعيد لمجرد أن الناس سيقرأونه في المكتبات أو حتى عن طريق نسخة واحدة يتم تداولها بين الناس، أنا لا أهتم اذا اشتروها، أنا لست هنا من أجل المال، اعتقد أن الفن هو آخر أشكال الديموقراطية لدينا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة