إستراتيجية فرنسا للشرق الأوسط .. خطة “باريس” لإقصاء “طهران” مستحيلة !

إستراتيجية فرنسا للشرق الأوسط .. خطة “باريس” لإقصاء “طهران” مستحيلة !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

اقترنت أبعاد قمة (بغداد-2) في “الأردن” بمشاركة دول الجوار العراقي والرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”، بالكثير من التحليلات وردود الأفعال المختلفة.

وقد حظي لقاء وزراء خارجية “إيران والسعودية”، بجانب مشاركة الرئيس الفرنسي في القمة، باهتمام وسائل الإعلام أكثر من أي شيء آخر. وسلطت وسائل الإعلام الضوء على مشاركة “ماكرون” وتصريحاته حول العديد من القضايا الإقليمية؛ بل ونفوذ “طهران”؛ بحسب (احسان اسقايي” في تقريره التحليلي المنشور بصحيفة (آرمان ملي) الإيرانية الإصلاحية.

وقد سعى الرئيس الفرنسي إلى الدخول نوعًا ما في منافسة دومينو دبلوماسية مع “إيران”. وقد ألقى بأول قطعة في هذه اللعبة، والورقة الأخيرة سوف تقدم بحسب مزاعم “ماكرون” صورة جديدة للمنطقة.

وقد بدأ هذه اللعبة في حين أنه لا يعرف بالأساس لمن ملعب الشرق الأوسط ؟.. ومعنى الأمن في هذه المنطقة ؟.. والتداعيات السلبية والإيجابية لأي تحرك في هذه المنطقة ؟.. لقد أدلى الرئيس الفرنسي بتصريحات تتعلق بالدور الإيراني، توحي بأنه تجاهل تمامًا هذا الدور.

وحسبما أوردت صحيفة (النهار) اللبنانية؛ فقد صرح: “أنا مقتنع منذ البداية بأنه لا يمكننا إيجاد أي حل لمشكلة “لبنان وسوريا” إلا في إطار حوار لتقليص التأثير الإقليمي الإيراني”.

لكن بعد ذلك اتضح أن (النهار) أخطأت في ترجمة تصريحات “ماكرون”، وللتعليق قال “مجتبى أماني”؛ السفير الإيراني في “بيروت”: “صحيفة (النهار) قامت بتحريف تصريحات (ماكرون) عن إيران في قمة (بغداد-2) بالأردن”. وغرّد على (تويتر): “استفادت بعض وسائل الإعلام الداخلية من خبر صحيفة (النهار) المُحّرف عن تصريحات الرئيس الفرنسي، لكن الخبر الدقيق كما أوردت صحيفة (لوموند) الفرنسية هو: لقد اقتنعت منذ البداية في ضوء النفوذ الإيراني بالمنطقة، أن المسائل المتعلقة بلبنان وسوريا لا يمكن حلها إلا إذا وجدنا إطارا للنقاش يشمل إيران”.

مع هذا؛ فالتحركات الفرنسية بالمنطقة تُثبت أن هذا البلد بصدد تنفيذ مخططات معينة في الشرق الأوسط.

ماذا تُريد “فرنسا” من الشرق الأوسط ؟

كل ما يلي مرتبط بتغيير “الولايات المتحدة” أولوياتها الإستراتيجية فيما يخص الارتباط بالمنطقة. فلم يُعد الشرق الأوسط أولوية بالنسبة لـ”الولايات المتحدة”؛ حيث ربطت “واشنطن” أولوياتها الإستراتيجية؛ قبل سنوات، بالسّيطرة على “بكين” وقضية “تايوان”؛ بغرض بناء حلقة حصار جديدة عسكرية حول “الصين”.

والمؤكد أن لـ”الولايات المتحدة” أولويات إستراتيجية أخرى، لكن لن تترك الشرق الأوسط الذي هو أولوية إستراتيجية لـ”الولايات المتحدة” وتعوض خالية الوفاض وتترك المنطقة لـ”الصين”.

من هذا المنطلق تسعى؛ بذريعة الأمن وتطوير “العراق” بل والشرق الأوسط، لإدخال شريط إستراتيجي؛ (أي أحد أعضاء الترويكا الأوروبية وتحديدًا فرنسا)، إلى هذا المعترك.

في المقابل؛ سوف تمتلك “باريس” حصة كبيرة من مبيعات السلاح والاستثمارات في هذه المنطقة، لكن الأهم بالنسبة لـ”الولايات المتحدة” هو إملاءاتها وسوف تُحقق جزء من ذلك بواسطة “فرنسا”، والجزء الثاني بواسطة شركاءها الإقليميين، والجزء الثالث بواسطة القواعد العسكرية في المنطقة.

وبدأت “فرنسا” وجودها الرسمي في الشرق الأوسط بـ”طهران”، والحديث عن الدور الإيراني في المنطقة.

هل يمكن الحد من نفوذ “إيران” ؟

تعهد الرئيس الفرنسي بالتحرك بداية من الشهر المقبل في تنفيذ مشروعات توفير بدائل جديدة للواردات العراقية من “الغاز الطبيعي” والكهرباء، من مثل مشروعات ربط شبكة “العراق” الكهربائية بالشبكات في “الأردن ومصر”، وتعهد بتوفير الدعم المالي للمشروع.

ويبدو أن “فرنسا” على قناعة بأن الدور الإيراني في تأمين الكهرباء والغاز لـ”العراق” سببه ارتباط حكومات “بغداد”؛ بـ”طهران”.

في حين أن “إيران” كانت تتمتع من قبل بالنفوذ في “العراق”، عبر “كربلاء” وسائر مدن الزيارة العراقية، وحوزة “النجف”، والشيعة، والأهم المسّاعدات الإيرانية لـ”العراق” في هزيمة تنظيم (داعش) واستعادة الاستقرار.

وقد بلغ هذا النفوذ حد أن “الصدر” تنحى عن السلطة في “العراق”. من هذا المنطلق لن تستطيع “فرنسا” الحد من النفوذ الإقليمي الإيراني بقطع الارتباط بين “العراق” و”إيران”.

في الختام..

كتبت وكالة الأنباء الفرنسية على لسان “ماكرون”؛ ما يلي: “لقد أقتنعت منذ البداية في ضوء النفوذ الإيراني بالمنطقة، أن المسّائل المتعلقة بلبنان وسوريا لا يمكن حلها إلا إذا وجدنا إطارًا للنقاش يشمل إيران”.

وقال “دانايي فر”؛ السفير الإيراني السابق في “العراق”، تعليقًا على مشاركة الرئيس الفرنسي: “طرحت في قمة (بغداد-2) تصريحات تتعلق بالأمن الجمعي، بل وإشارات على انحسار النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما يُثبّت حجم المنافسة في هذه المنطقة. ويبدو أن (ماكرون) يتطلع للقضاء على الضعف الأميركي بالمنطقة”.

لكن الأهم في ضوء ما تقدم؛ هو سلوك “طهران” والتأكيد على خطاب السلام مع دول المنطقة. لقد أعلن الرئيس؛ “إبراهيم رئيسي”، منذ الوصول إلى السلطة، أن دبلوماسية حكومته تعتمد على مبدأ السلام مع دول المنطقة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة