لو استعرض أي منا بنود الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بدأ من المادة ٣٩ وصولا إلى المادة ٥١ منه سوف لن يجد أي نص يجيز لمجلس الامن صلاحية ترسيم الحدود ، والسبب ببساطة يعود إلى أن معاهدات الحدود وفقا لقواعد القانون الدولي هي معاهدات ببنية ،، أي بين الدول ذات الحدود المشتركة ،، وهي بعبارة أخرى ليست معاهدات شارعة تجيز لمجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية أو أي محكمة أخرى تحديد الحدود أو ترسيمها بين الدول المتنازعة . للدول فقط حق الاتفاق على ترسيم الحدود وفقا لحقائق ووقائع تاريخية تعرفها الدول ، وقد تكون معاهدات ثنائية أو ثلاثية حسب تعدد أطراف النزاع . عليه فإن قرار مجلس الأمن رقم ٨٣٣ لعام ١٩٩٣ القاضي بترسيم الحدود بين العراق والكويت هو قرار باطل لا يتفق ومقاصد الميثاق لانه سيكون محل نزاع دائم بين العراق والكويت ، وها هي اليوم مشاكل الصيد أو استغلال المنابع النفطية محل نزاع مستديم تعمل العلاقات بين البلدين على التقليل من آثار تطبيق القرار المذكور ، والمتتبع للعلاقات العراقية الكويتية منذ ولاية الدولة العثمانية لغاية تاريخه ، يجد أن الكويت تسعى دوما للتوسع على حساب الأراضي العراقية ، فبعد أن كانت حدود العراق مع الكويت تنتهي عند المطلاع كما يشير القاضي وائل عبد اللطيف ، صارت بعد حين تنتهي عند العبدلي وبعدها بموجب القرار أعلاه الصادر غيلة عن مجلس الأمن صارت حدودنا معهم عند منفذ سفوان الأمر الذي يضييق على العراق مجاله المائي ويحرمه من الإطلالة على الخليج ، وصارت الكويت بعد الغزو الغادر لها عام ١٩٩٠ تتحامى. بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة للوصول إلى أهداف لم تكن تحلم بها قبل الغزو المشين وصارت تمسك بتلابيب السياسة العراقية وصار لها ذيول مطوية تتلاعب وفق رشا معروفة بمصير هذا البلد العتيق .
أن التاريخ لا يسير مغمض العينين وهو الكاشف بعدم ثبات السياسة الأمريكية لأنها سياسة تقييح عندها الإمبريالية الامريكية ، فهي اليوم مع هذا الطرف وغدا مع ذاك ، وان ما يبنى على باطل فهو باطل ، وقرار تحديد الحدود تعلم الكويت قبل غيرها أنه صار مثار خلاف دائم لا تهدئة بين الشقيقين ، وأنه جاء ظالما لشعب العراق الذي لم يكن اصلا راضيا على صدام أو سياساته المتهورة ، وان المناورات المشتركة الأخيرة بين البحرية الأمريكية والبحرية الكويتية والبحرية العراقية هي بمثابة التحسس الأمريكي لفداحة الخطأ الذي جاءت به نتيجة الضغط على مجلس الأمن ، كما هو خطأها في احتلال العراق بحجة امتلاكه للأسلحة الكيمياوية وما سببه هذا الاحتلال من خراب لا يعالج إلا بعشرات السنين ، ويعلم الجميع أن العراق تعرض طوال التاريخ للكثير من الغبن ، ولكنه في كل مرة يستعيد قواه ويستقيم ، وإشارة الإبهام يفهمها الحليم …..