مركز بحثي إيراني يرصد .. موقف السياسة الخارجية المصرية من التطورات الإقليمية (1)

مركز بحثي إيراني يرصد .. موقف السياسة الخارجية المصرية من التطورات الإقليمية (1)

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

لطالما لعبت “مصر”؛ باعتبارها أحد الأطراف الرئيسة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، دورًا مفتاحيًا في المعادلات السياسية والأمنية بما تمتلك من حكومة وطنية قوية ومكونات تاريخية.

و”مصر”؛ بما تمتلك من قدرات إستراتيجية، فضلًا عن أهمية موقع “قناة السويس” العسكرية،هي بمثابة مفتاح ذهبي للنفوذ إلى قلب الشرق الأوسط العربي. ولذلك لطالما تتشكل معادلات القوة والتحالفات الجديدة بمحورية مصرية؛ بحسب “داود أحمد زاده”؛ الخبير الإيراني في الشأن المصري، في مقاله التحليلي الذي نشر على موقع المركز (الدولي لدراسات السلام) الإيراني.

كذلك تُسّهم توجهات “مصر”؛ نحو القوة الإقليمية وفوق الإقليمية، في احتدام المنافسات. وقد تبنت “مصر”؛ منذ عصر “جمال عبدالناصر”، ميول اشتراكية الكتلة الشرقية وادعاء قيادة العالم الإسلامي، وتدعي بما تمتلك من إمكانيات سياسية وثقافية القيام بدور أكثر فاعلية في القضايا الإقليمية.

أهمية التحالف مع “مصر”..

و”مصر” كذلك؛ تُمثّل تيار أمني وسياسي في العالم الإسلامي يُعرف باسم “الإخوان المسلمين”، تلك الجماعة التي بدأت قبل أكثر من: (80 عامًا) نشاطها السياسي والثقافي في العالم الإسلامي، تحظى بتأثير كبير؛ رغم التذبذب وعدم الاستقرار على معادلات القوة في “مصر” والمنطقة.

وعليه؛ يُعتبر التحالف مع “مصر” مفتاحًا رئيس في النفوذ إلى منطقة الشرق الأوسط العربي وشمال إفريقيا. وخلال فترة حكم؛ “عبدالناصر”، سعى من خلال الربط بين القومية العربية والاشتراكية إلى إجراء تغييرات جذرية على معادلات القوة بالتقارب مع “الاتحاد السوفياتي” وهزيمة “إسرائيل”؛ الحليف المقرب للغرب. إلا أن حرب “قناة السويس”؛ عام 1956م، والهجوم الثلاثي: “البريطاني-الفرنسي-الإسرائيلي”، على “مصر”، ترك تأثيرًا بالغًا على كل قضايا الشرق الأوسط، وفقدت المُثّل العُليا للقومية العربية بريقها بهزيمة “مصر” في الحرب.

في المقابل؛ تبنى “محمد أنور السادات”؛ خليفة “عبدالناصر”، في السلطة، سياسة التقارب مع الغرب، وحال بإيديولوجية حكومية والعودة إلى الدور المصري التقليدي في العالم العربي، دون استاع دائرة الصراعات المذهبية والإيديولوجية فيما يخص القضايا الإقليمية.

ورغم إقصاءه لفترة عن العالم العربي، حافظت الدول الأصولية العربية على استمرار قوته وحكومته من خلال التعاون مع “مصر”. لكن؛ بعد اغتيال “السادات”، نأى “حسني مبارك”؛ عقب استلام السلطة، عن مثالية “عبدالناصر” والإيديولوجية الثورية، وتبنى طريق التحالف مع الغرب والعرب.

ضد “الثورة الإيرانية”..

ومع اندلاع “الثورة الإيرانية” وعودة الإسلام السياسي؛ وميل “إيران” إلى عودة الإيديولوجية الإسلامية ذات الصبغة الشيعية للمنطقة، وهو ما أثار قلق “مصر” والدول العربية.

وعليه؛ وبخلاف تأسيّس “مجلس التعاون الخليجي” للمواجهة ضد ما أسموه: “تصّدير الثورة الإسلامية” إلى المنطقة، دار الحديث عن دمج المصريين والحرص على التعاون الأمن والعسكري الوثيق.

من ثم وعشية اندلاع الحرب المفروضة؛ ساندت “مصر”؛ إلى جانب العرب الأصوليين، نظام “صدام حسين”، بحيث سّارعت “مصر” إلى إيفاد مستشارين عسكرين رفيعي المستوى إلى جبهة الحرب ضد “إيران”.

الطريف؛ إعلان “مصر” أن دخولها المُعلّن في الحرب يأتي في إطار الأمن الإقليمي والدفاع عن مصالحها في منطقة الخليج، وبرزت هذه المسّألة في سياسات “مبارك” الإقليمية. وإنطلاقًا من استناد السلطة في بلاد الفراعنة على محور الحكومة “العسكرية-الأمنية”، تعترف العقيدة المصرية بحقها في التدخل بمنطقة الخليج والحوزة الإيرانية، وترفض تمامًا الرغبة في مشاركة “إيران” بقضايا العالم العربي.

وهذا الموقف؛ هو نتاج الرؤية الأمنية والأصولية نتيجة دور الأجهزة الأمنية والعسكرية في استمرار السلطة السياسية ومعارضة التيارات الإسلامية. ولطالما اتهمت “إيران” بدعم التيارات الثورية والمعادية للحكومات العربية الأصولية.

الانفتاح “المصري-الإيراني” في عصر “الإخوان المسلمين”..

ومع إنطلاق ثورات “الربيع العربي”، والإطاحة بالقيادات الاستبدادية مثل: “مبارك” و”بن علي” وغيرهم، نبتّت براعم نوع جديد من الحكومات.

ومع وصول؛ “محمد مرسي”، إلى السلطة وعودة الإيديولوجية إلى الساحة السياسية وخفوت دور المؤسسات العسكرية المصرية، أزهرت براعم الانفتاح “المصري-الإيراني”.

وسعى “مرسي”؛ برؤيته “الوطنية-الإسلامية”، والعودة للهوية التاريخية إلى القيام بدور أكثر فاعلية في قضايا المنطقة والعالم الإسلامي.

وقد كان من منظوره أن إلتزام الموازنة في السياسة الخارجية القائم على بناء علاقات بناءة مع العرب و”الولايات المتحدة”؛ بالتوازي مع الدخول في حوار مع “إيران” بهدف إعادة إنشاء نظام إقليمي جديد قد يُفضي إلى الحد من التوترات وتطوير نطاق التعاون.

إلا أن عدم خبرة “الإخوان” بالحكم وازدواجية الحركة الإسلامية والقومية في “مصر”؛ سّاهم في تعميق الفجوة السياسية في هذا البلد الهام وضاعف من التحديات الخطيرة على الساحة الداخلية.

وبالنهاية أفضى تحالف العلمانيين مع الجيش؛ باعتباره عنصر مؤثر في المعادلات السياسية المصرية، إلى الإطاحة بـ”مرسي” من السلطة؛ والتمهيد لانقلاب الجنرال “عبدالفتاح السيسي”، في 2013م.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة