خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في تخوف لتبعاته؛ أعلنت “لجنة الصحة الوطنية” الصينية، التوقف عن نشر إحصاءات الإصابات اليومية بفيروس (كورونا)، مع تفشي الوباء بقوة، وقالت اللجنة في بيان، أمس الأحد: “من الآن فصاعدًا، لن ننشر معلومات التفشي اليومية ومعلومات التفشي ذات الصلة”.
وبدلاً من ذلك؛ سينشر “مركز السّيطرة على الأمراض والوقاية” منها، إحصاءات الوباء، لأغراض مرجعية وبحثية. ومركز السّيطرة على الأمراض في “الصين” هو قسم فرعي تُديره “لجنة الصحة الوطنية”.
ولم يذكر البيان؛ عدد المرات التي سينشر فيها “مركز السّيطرة على الأمراض” في “الصين”؛ تقارير (كوفيد-19).
وتنشر مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها؛ في “الصين”، ملخصات شهرية لجميع الأمراض المعدية التي يُنظمها القانون الصيني، بدءًا من (الأنفلونزا) الموسّمية، و(التهاب الكبد الوبائي ب)، و(الطاعون).
تجاوز المليون إصابة..
وفي الوقت نفسه؛ قال مسؤولو الصحة في مقاطعة “تشجيانغ” الصينية، الواقعة جنوب “شنغهاي”، أمس -19 يوميًا، ويبلغ عدد سكان المقاطعة: 64 مليون نسمة، وفقًا لأحدث بيانات التعداد السكاني المنشورة في عام 2021. ووفقًا لحسابات (CNN)، فإن تلك المعدلات تُشير إلى حوالي: 1563 إصابة يومية جديدة لكل: 100000 نسمة.
وقال نائب رئيس لجنة الصحة بمقاطعة تشجيانغ؛ “يو شينل”، في مؤتمر صحافي: “في الوقت الحالي، تجاوز عدد الإصابات اليومية الجديدة المبلغ عنها في مقاطعتنا مليون حالة”.
وأضاف أنه من المتوقع أن تبلغ الموجة الحالية في المقاطعة ذروتها في يوم رأس السنة الجديدة، مع وصول عدد الإصابات اليومية إلى: 02 مليون حالة، وقال إنه من المتوقع أن تستمر فترة الذروة أسبوعًا قبل أن تتراجع.
وبدوره؛ أعلن رئيس الصحة بمدينة تشينغداو، “بو تاو”؛ للصحافيين، يوم الجمعة، أن المدينة التي يبلغ عدد سكانها: 09 ملايين نسمة في مقاطعة “شاندونغ” الشمالية تشهد أيضًا حوالي نصف مليون إصابة جديدة يوميًا، مضيفًا أن الذروة لم تأتِ بعد. ووفقًا لحسابات (CNN)، تُمثل تلك المعدلات: 5556 شخصًا لكل: 100000 نسمة.
ومنذ أن خففت “الصين” بشكلٍ كبير من قيود مكافحة (كورونا)، في وقتٍ سابق من هذا الشهر، لم تكن هناك بيانات واضحة حول مدى انتشار الفيروس على المستوى الوطني.
لا دليل على وجود سلالة جديدة..
وقال مسؤولون في مجموعة عالمية تعمل على تتبع انتشار فيروس (كورونا)، إن تفشي هذا الفيروس في “الصين” يأتي بسبب سّلالات الفيروس التي انتشرت في أنحاء العالم بالفعل، مع عدم وجود علامات حتى الآن على ظهور متحورات جديدة خطيرة.
وأفادت وكالة (بلومبيرغ) للأنباء؛ أمس الأحد، بأن السلطات الصينية كانت قد قدمت: 25 عينة جينية جديدة من “بكين ومنغوليا الداخلية وقوانغتشو”؛ في الشهر الماضي، إلى: “المبادرة العالمية لتبادل البيانات بشأن أنفلونزا الطيور”، وهي قاعدة بيانات يُشارك فيها العلماء من جميع أنحاء العالم تسلسّلات فيروس (كورونا)، كوسيلة لرصد التحورات الجديدة.
وقد سمحت التغييرات الصغيرة، التي تحدث بشكل طبيعي بينما ينتقل الفيروس من شخص إلى آخر، للعلماء بتتبع كيفية تحرك مسّببات المرض في “الصين”، وتقديم الطمأنينة بشأن اتجاهه حتى الآن.
ومن جانبه؛ قال “بيتر بوغنر”، الرئيس التنفيذي لـ”المبادرة العالمية لتبادل البيانات بشأن أنفلونزا الطيور”، في مقابلة هاتفية: “لا يوجد دليل في هذه المرحلة يُشير إلى وجود أي سّلالات جديدة ذات أي أهمية”.
أزمة جديدة تلوح في الأفق..
وقال “شي تشن”، الأستاذ المسّاعد بكلية “ييل” للصحة العامة في “الولايات المتحدة”، إن: “هذه أزمة تلوح في الأفق.. ويتعين على الصين الآن تخفيف الكثير من إجراءاتها خلال فصل الشتاء؛ (المتداخل مع موسم الإنفلونزا)، لذلك لم تجرِ الأمور كما هو مخطط لها”.
وتفتح الإرشادات الصادرة، الأربعاء، فصلاً جديدًا في مكافحة الأوبئة في البلاد، بعد ثلاث سنوات من اكتشاف حالات (كوفيد-19) لأول مرة في “ووهان”، وسط “الصين”، وبعد الاحتجاجات ضد سياسة: “صفر كوفيد” التي عمت البلاد؛ أواخر الشهر الماضي.
وفي حين سّيطرت “الصين” على حالات الإصابة من خلال المطالبة بإجراء فحوص، وفرض قواعد صحية واضحة للدخول إلى معظم الأماكن العامة والسفر المحلي، فلن يتم التحقق من هذه الرموز بعد الآن إلا في عدد قليل من المواقع، مثل المؤسسات الطبية والمدارس.
وسيتم التراجع عن إجراء الفحوص الجماعية باستثناء أولئك الموجودين في المناطق عالية الخطورة.
ويمكن للأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بـ (كوفيد-19)، ولكن أعراضهم خفيفة أو من دون أعراض ويستوفون شروطًا معينة، البقاء في الحجر الصحي بالمنزل، بدلاً من إجبارهم على الذهاب إلى مراكز الحجر الصحي المركزية، كما هي الحال مع المخالطين لحالات إيجابية.
ولا يزال من الممكن إغلاق المواقع التي تُصّنفها السلطات على أنها: “عالية الخطورة”، لكن يجب أن تكون عمليات الإغلاق هذه أكثر تحديدًا ودقة، وفقًا للإرشادات الجديدة، التي نشرتها وسائل الإعلام الحكومية الصينية.
وتُمثل هذه التغييرات تحولًا سريعًا، بعد تصاعد السخط العام، والتكاليف الاقتصادية، وأرقام الحالات القياسية خلال الأسابيع الأخيرة.
تحسّين استباقي وليس رد فعل..
وأشار مسؤول كبير الأسبوع الماضي؛ لأول مرة إلى أن “الصين” يمكنها الابتعاد عن سياسة “صفر كوفيد”، التي ضخت فيها موارد كبيرة منذ فترة طويلة، رغم أن مسؤولًا آخر قال الأربعاء إن الإجراءات كانت: “تحسّينًا استباقيًا”، وليس: “رد فعل”، عندما سُئل خلال مؤتمر صحافي.
لم يُعد للصين خيارات أخرى..
من جهته؛ قال “ويليام شافنر”، أستاذ الأمراض المعدية بالمركز الطبي في جامعة “فاندربيلت”؛ في “الولايات المتحدة”: “اتبعت الصين هذه السياسة لفترة طويلة.. لم يُعد لديهم خيارات جيدة في أي من الاتجاهين بعد الآن”.
وتابع: “لقد كانوا يأملون بأن تأخذ الجائحة مجراها على مستوى العالم، وأن يصمدوا من دون تأثير. وهذا ما لم يحدث”.
ومع تخفيف القيود وانتشار الفيروس في جميع أنحاء البلاد، “سيتعين على الصين أن تمر بفترة من المعاناة لجهة حالات المرض الخطيرة، والوفيات، والضغط على نظام الرعاية الصحية”، كما شوهد في أماكن أخرى من العالم في وقت سابق من الجائحة، حسبما ذكر “شافنر”.
إمكانية ظهور طفرة في الإصابات..
منذ حملة التطعيم العالمية وظهور متحور (أوميكرون)، شّكك خبراء الصحة بإلتزام “الصين” بسياسة: “صفر كوفيد”، وأشاروا إلى عدم استدامة الإستراتيجية، التي حاولت استخدام الفحوص، والمراقبة الشاملة، والإغلاقات، والحجر الصحي لوقف انتقال الفيروس شديد الانتشار.
يصعب التنبوء بسرعة انتشار الفيروس..
ولكن مع رفع بعض القيود؛ الذي يبدو أنه تحول عشوائي بعد سنوات من التركيز على السّيطرة الدقيقة على الفيروس، يقول الخبراء إن التغيير قد يأتي قبل أن تتخذ “الصين” الاستعدادات التي أقر مسؤولو الصحة بالحاجة إليها.
وقال “بن كاولينغ”، أستاذ علم الأوبئة في جامعة “هونغ كونغ”: “إن الجائحة غير المتحكم فيها.. ستُشكل تحديات خطيرة لنظام الرعاية الصحية، ليس فقط من حيث إدارة جزء صغير من حالات المرض الشديدة الناجمة عن (كوفيد-19)، ولكن أيضًا في الأضرار الجانبية للأشخاص الذين يُعانون من حالات صحية أخرى والذين تأخروا للحصول على الرعاية نتيجة لذلك”.
وقال “كولينغ” إنه حتى مع تخفيف القيود، كان من: “الصعب التنبؤ” بمدى سرعة انتشار العدوى عبر “الصين”، إذ ما زال هناك بعض الإجراءات المعمول بها، كما أن بعض الأشخاص سيقومون بتغيير سلوكهم، مثل البقاء في المنزل في بعض الأحيان.
تحول كبير لـ”بكين”..
ويتفق الخبراء على أنّ السماح للفيروس بالانتشار على المستوى الوطني سيكون بمثابة تحول كبير بالنسبة لبلد سجل حتى هذه اللحظة رسميًا: 5,235 حالة وفاة جراء (كوفيد-19) منذ أوائل عام 2020، والذي يُعد عددًا منخفضًا نسبيًا على مستوى العالم كان مصدر فخر في “الصين”.
وتوقعت نمذجة وضعها باحثون في جامعة “فودان”؛ في “شنغهاي”، نُشرت في مجلة (Nature Medicine)؛ في آيار/مايو الماضي، أن أكثر من: 1.5 مليون صيني يمكن أن يموتوا خلال ستة أشهر إذا ما رُفعت قيود (كوفيد-19)، ولم يكن هناك وصول إلى الأدوية المضادة للفيروسات، المُوافق عليها في “الصين”.
ومع ذلك؛ يمكن أن تنخفض معدلات الوفيات كي تقارب مستويات الأنفلونزا الموسمية، إذا تلقت فئة كبار السن جميعها تقريبًا التطعيم واستخدمت الأدوية المضادة للفيروسات على نطاق واسع، وفقًا للباحثين.
وفي الشهر الماضي، أصدرت “الصين” قائمة من التدابير لتعزيز الأنظمة الصحية ضد (كوفيد-19)، التي تضمنت توجيهات لزيادة التطعيم لدى كبار السن، وتخزين الأدوية المضادة للفيروسات والمعدات الطبية، وتوسيع قدرة الرعاية الحرجة.
ومن المرجح أن تقوم السلطات الصينية بتقييم نتائج مثل معدل الوفيات عن كثب لتحديد خطوات سياستها في التعامل مع (كوفيد-19) في المستقبل.