خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
التقى رئيس الإمارات؛ “محمد بن زايد”، وولى العهد السعودي؛ “محمد بن سلمان”، رئيس الوزراء، مع أمير قطر؛ الشيخ “تميم بن حمد آل ثان”، خلال كأس العالم في “الدوحة”.
ويكشف وجودهم في “قطر” عن البيئة الجديدة في منطقة الخليج؛ إذ لم يكن من المتصور أساسًا رؤية هكذا مشهد بعد أزمة “مجلس التعاون الخليجي”؛ في الفترة: (2017 – 2021م)؛ بحسب “جورغيو كافيرو”؛ في تقريره المنشور بصحيفة (ریسپانسیبل استیت کرفت)؛ وأعاد موقع (الدبلوماسية الإيرانية) نشره.
فقبل خمس سنوات؛ كانت “الولايات المتحدة” قلقة بشأن عمليات عسكرية سعودية محتملة ضد “قطر”، مما دفع وزير الخارجية؛ آنذاك، “ريكس تيلرسون”؛ إلى تحذير “ابن سلمان”، في اتصال هاتفي لم يجري على نحو جيد، من تداعيات هكذا خطوة.
بل بلغ القلق بالقيادة الأميركية حد إرسال مُسيّرات للتحليق فوق الحدود “السعودية-القطرية” ومراقبة الوضع المتوتر. لذلك لم يكن من الممكن تصور أن يظهر ولي العهد السعودي بصحبة أمير “قطر” ملفتًا الأنظار بوشاح مزين بألوان العلم القطري ويحمل علم “السعودية”؛ خلال مباراة المنتخب السعودي ضد “الأرجنتين”.
ورغم عدم حل المشكلات القطرية مع بعض دول “مجلس التعاون الخليجي” بشكلٍ كامل، لكن العلاقات بين الدول الخليجية أصبحت أكثر دفئًا، مع إمكانية حقيقة لبدء فصل جديد من العلاقات الأخوية؛ حيث يبدو أن “كأس العالم” قد ساهم في تسّريع وتيرة هذه العملية.
يقول “نيل كويليام”؛ عضو برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز (تشاتام هاوس للأبحاث)؛ بـ”لندن”: “من الواضح أن (الرياضة) عززت الروابط بين شعوب الدول الستة، أو على يمكن القول: ساهمت في إحياء العلاقات بعد فترة من التوتر. وتعمل الرياضة على نحو جيد في خلق شعور بالانتماء على مستوى الأندية، والبلد، بل والمستوى الإقليمي. لقد أفضت بطولة كأس العالم في قطر إلى خلق شعور مشترك بالانتماء بين الأصدقاء والزملاء في الخليج والفخر بنجاح المنطقة في تنظيم المونديال”.
وسائل الإعلام الدولية..
التغطية الإعلامية الغربية السلبية عن “قطر”، سواءً قبل أو أثناء هذا الحدث العالمي، أثار ردود فعل حكومات وشعوب “مجلس التعاون الخليجي”.
يقول “عبدالله باعبود”؛ الباحث العُماني والأستاذ بجامعة “واسيدا” بطوكيو: “شعرت الشعوب الخليجية باستياءً كبير من طريقة تعامل بعض وسائل الإعلام الغربية مع قضايا تتعلق بكأس العالم في قطر، بينما تجاهلت قضايا حقوق الإنسان، وقضايا الشرق الأوسط وأوروبا، والقضية الفلسطينية وغيرها من قضايا حقوق الإنسان. لقد تجاهلوا كل ذلك وركزوا على قطر. وقد وصف الكثيرون من أبناء قطر والمنطقة؛ هذا التعامل، بغير عادل والمزدوج”.
يُذكر أن دول “مجلس التعاون الخليجي” كانت قد رفضت؛ بالإجماع، ما وصفوه بحملة إعلامية: “خبيثة” ضد “قطر”.
تقول الإماراتية؛ “ميرا الحسين”، باحثة ما بعد الدكتوراه بجامعة “أكسفورد”: “بالنظر إلى أن الانتقادات ضد قطر تُشير إلى انتهاكات منتشرة على نطاقٍ واسع بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي، فقد كان من الطبيعي أن تختار دول الخليج دعم قطر”.
وأضافت: “على كل حال سوف تستضيف دول الخليج أحداثًا عالمية أخرى، ومؤكد لا ترغب في التعرض إلى نفس المستوى من الانتقادات”.
العلاقات بين الدول..
من الصعب في هذه المرحلة التنبؤ بالعواقب السياسية لاستضافة “قطر”؛ كأس العالم، ومشاركة “ابن زايد” و”ابن سلمان”. وهذا الحدث واللقاءات التي واكبت هذا الحدث؛ وإن كانت إيجابية من حيث خلق حالة من الوحدة والانسجام بين دول “مجلس التعاون”، لكن تُجدر مراعاة أن العلاقات بين دول الخليج لطالما واجهت تحديات خاصة.
وحذر “ديفيد روبرتس”؛ أستاذ بجامعة “كينغز كوليدغ لندن” من القراءات المتعددة عن صور الشيخ “تميم” مع “ابن زايد” و”ابن سلمان”، وقال: “القراءات التي تعكس أن كل شيء جيد، نابعة عن عدم إحاطة كاملة بالمنطقة. ذلك أن دول مجلس التعاون لطالما كانت خلال العقود الماضية؛ بل وأبعد من ذلك نقطة مد وجزر مستمرة، لذلك فإن كانت الأمور هادئة نسبيًا في الوقت الراهن، إلا أن التاريخ يُثبت أنه لا يمكن التفاؤل باستمرار الهدوء في هذه المنطقة إلى فترات طويلة”.
ويُعلق “كويليام” على هذه النقطة بقوله: “يبدو أن كأس العالم قد كسر الحواجز غير المرئية بين قادة البلدين. ووجه ارتداء؛ ابن سلمان، وشاح بألوان العلم القطري، رسالة قوية إلى السعوديين بأن الخلاف قد انتهى، وأن المصالحة قد اكتملت نسبيًا. مع هذا لا تزال هناك بعض القضايا التي تفصل بين الدوحة والرياض”.
وتطرق “باعبود” للحديث عن اختلاف وجهات النظر بين “الدوحة” و”أبوظبي”، وقال: “لاتزال شكوك البلدين قائمة، وسوف يستغرق الأمر وقتًا حتى يمكن القول إن العلاقات أصبحت أقوى مما كانت عليه، رغم اللقاءات بين قيادات البلدين”.
وأشار “كويليام” إلى أن زيارة “ابن زايد”؛ إلى “الدوحة”، كانت رمزية أكثر منها جوهرية، إلا أنها كانت خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، وإن اختلفت رؤى قيادات البلدين لمستقبل المنطقة”.
أخيرًا يمكن القول: “أهمية كأس العالم، وفخر دول الخليج بالاستضافة القطرية، هيأ فرصة حقيقة لقيادات المنطقة للعمل على ترويج الوحدة والتعاون والتضامن في ظل هوية عربية خليجية مشتركة؛ بالإضافة إلى تضميد جراح الماضي”.