كنا في اخر لقاء ننتظر الجواب الفصل ,اجل جواب يختصر كل ما يمكن ان يقع او يفتح ابواب الجحيم التي ربما لا تغلق.….
الان اواصل الكتابة :
قالت انني بقيت للحظات اتأمل قولها واحسست بكلماتها الطيبة نور يزيل عن سماء افكاري العتمة ويضيئ لي الطريق وبلسما لجرح نفسي فما كان مني الا ان وضعت رأسي بين كفيَّ وارتسمت أمامي صورة ابي وأمي بل صور جميع المقربين والاصدقاء وكدت اسمع الكلمات التي كان يمكن ان تقال في مثل هذه الظروف فامتلأت نفسي خوفا وهلعا وكأنني انظر الى حالتي وانا اقف على شفا هاوية مظلمة رهيبة فتمتمت بنبرة الصوت الواثق :
ابتسمت السيدة ابتسامة تنم عن رضا بل وبدى على ملامحها فرح واطمئنان وهتفت تؤكد اجابتي:
حيتني السيدة وتمنت لي التوفيق ونادت على احد العاملين واوصته بمرافقتنا الى الحافلة التي ستقلنا الى مدينتنا.
ودعتها وشكرت لها كلماتها الطيبة وموفقها الذي ان دل على شيء فإنما يدل على شعورها الانساني النبيل .
مضيت بخطوات واثقة بينما كانت شقيقتي تحاول التمنع وما زاد قلقي ان ذلك العامل راح يستوضح شقيقتي الامر ويحاول ان يزين امر البقاء ويستعرض عضلاته كما يقال فيدعي بأنه سيقف الى جانبنا ويساعدنا في اي شيء ثم أخرج من محفظته صورة لسيدة مدعيا انها خطيبته في محاولة منه لجعلنا نشعر بالاطمئنان له مما اثار شكي الشديد في نواياه وسلوكه فقلت بصوت واضح وبنبرة حادة غاضبة:
لاحظت انه اخفض رأسه الى الارض كمن افلت من يده صيد ثمين فعتبت في سريعلى تلك السيدة التي آمنت به وارسلته معنا وحمدت الله تعالى على ان ايقظنيمما كنت فيه من سورة غضب كادت ان تودي بي الى مالا تحمد عقباه .وهكذا ركبت السيارة التي عادت بنا سريعا الى مدينتنا ودخلت البيت كأنني ادخل مسجدا مقدسا رحت الثم كل زاوية فيه وانا اعد كتبي ودفاتري واحمل حقيبتي وكأنني عائدة من سفر بعيد وودعت حياة اخرى بل كأنني ميت اعيدت له الحياة ووجد كل ما كان يراه قبلا كئيبا او مريرا او مملا او بغيض او قاس فصار الان سارا وحلوا وممتعا ومحبوبا وحنونا ولين …………..كانها حياة اخرى ولأول مرة لم ترتسم على ملامحي سمات الغضب حين قابلتني أمي متجهمةمتوجعة متوجسة وهتفت بي قائلة:
اجبتها بهدوء وبسمة بريئة ترتسم على شفتيَّ:
نعم كنت في زيارة صديقة بعيدة فأنا بقولي هذا كنت صادقة ولم أكذب لأنياعتبرت تلك السيدة التي من الله تعالى علي بلقائها ويسر لي طريق الحديث معها واخرجتني مما كنت فيه من ازمة الغضب الحادة اعتبرتها صديقتي وصديقة مخلصة وصادقة رغم تباين العمر والمنصب والشهادة فليست الصداقة هي الزمن الذي تقضيه مع اي انسان بل هو ان يكون معك صادقا ويقدم لك النصح ويمنعك ان تأتي بفعل قد يجر عليك وعلى الاخرين ضرر فادح والم طويل, هو الناصح الذي يرشدنا ويهدينا الى الخير والنجاح.
في المدرسة احسست بحياة جديدة وبحب جديد لكل ما حولي ما دعاني الى الحديث الى احدى مدرساتي التي كنت اكن لها الحب والاحترام لسلوكها المتميز بالحب والتفهم لما يعترينا من مشكلات باعتبار الامر الذي حدث هو امر حدث لأحدى الصديقات وليس يعنيني بشيء فشهقت المدرسة خوفا واندهاشا ثم ابتسمت وقالت:
صمتت لحظات وهي تراجع صورا في ذهنها ثم عادت للقول
بعين الله تعالى الطيبون الذين يمدون يد المساعدة الصادقة الحقيقية لوجه الله وبسم الله عز وجل فهم بحق جند الله تعالى يقيضهم لعباده ليبعدونهم عما يمكن ان يلحق بهم من تعاسة أو ألم.
في كل يوم اسجد لله شكرا لما حباني من لطفه ورحمته.
شكرا لك يا رب …شكرا لك يا رب …شكرا لك يا رب.
رددت معها عبارتها …شكر لك يا رب وتذكرت كلمات الدكتور علي الوري في كتابه الرائع مهزلة العقل البشري اذ يقول في المرأة:
(المرأة في الواقع هي المدرسة الاولى التي تتكون فيه شخصية الانسان ,والمجتمع الذي يترك اطفاله في أحضان امرأة جاهلة لا يمكنه ان ينتظر من افراده خدمة صحيحة او نظرا سديدا).
وهنا اود ان اشير الى ان المرأة اما كانت او اختا او ابنة او زوجة او حبيبة لا تتحمل وحدها أوزار الجهل بل هو المجتمع الذي يقمعها ويحد من طموحها ويقف حائلا دون تنمية الذات وتحقيق تطورها الادبي والعلمي والثقافي فالمرأة بذرة كلما اجتهدت في رعايتها نشأت طيبة واثمرت طيبا.