خاص: قراءة – سماح عادل
رواية “عناد السعادة” للكاتبة “غابرييل زيفين” تحكي عن قصة حياة إنسانية تتداخل فيها اقتباسات كثيرة من روايات وقصص عالمية شهيرة، لأن صاحب القصة هو صاحب متجر للكتب، ليس هذا فقط فهو مثقف ومتعلم كان ينتوي تحضير رسالة دكتوراة عن الأدب، فهو يتمثل الأدب في حياته وتفكيره وتشبيهاته وكل شيء.
الشخصيات..
فكري: رجل هندي مثقف، وصل في التعليم إلى مرحلة التحضير إلى الدكتوراه ولكنه تراجع عن المضي فيها وقرر أن يفتح متجرا للكتب بصحبة حبيبته وزوجته، ثم تحدث له حوادث كارثية في حياته تغير مسارها وحوادث مفرحة أيضا فحياته مليئة ومزدحمة بالأحداث.
أميليا: زوجة “فكري” الذي تزوجته فيما بعد، وهي مروجة لإحدى دور النشر حيث تقوم ببيع الكتب التي تصدرها دار النشر وتذهب لأصحاب المكتبات ومتاجر الكتب، فتاة شقراء ثلاثينية، أول ما تعرفت على “فكري” حدث تصادما بينهما ثم حدث انجذاب فيما بعد.
ماري: فتاة صغيرة تركتها أمها لدى متجر “فكري”، لأنها قررت إنهاء حياتها بعد أن أصبحت عاجزة على تربية ابنتها التي حملت بها نتيجة مغامرة قصيرة مع كاتب روائي شهير، لتغرق نفسها في البحر الذي يحيط بالجزيرة التي يعيش عليها “فكري”.
وهناك شخصيات أخرى داخل الرواية.
الراوي..
الراوي هو راو عليم، يحكي عن الشخصيات ويحكي ما تشعر وبه وتحسه وتفكر فيه، لكنه مع ذلك يحكي أحداث كثيرة ومتتالية دون التوقف عندها والتعمق فيها ورصد تأثيراتها العميقة على الشخصيات، لذا احتشدت الرواية بالمآسي والمواقف والأحداث.
السرد..
عدد صفحات الرواية 272، وهي تحكي حياة “فكري” بائع الكتب منذ رحيل زوجته التي كانت تشاركه في متجر الكتب وحتى وفاته ثم تختتم الرواية بعد وفاته، قدمت أحداث كثيرة ومحتشدة داخل حياة “فكري” وتناولتها بشكل سطحي، حيث كان تركيز الكاتبة على تقديم شخصية “فكري” وتقديم تشبيهاته للموافق الحياتية مع روايات ومقتطفات من روايات وقصص قصيرة شهيرة أثرت فيه وفي روحه، حتى أنه أصبح يتسعين بها لفهم تفاصيل الحياة، لأنه كان يقتنع أن الحياة بمثابة كتابة جميلة لنص أدبي، وتنتهي الرواية بحياد شديد وباستمرار باقي الشخصيات في حياتهم بعد موت “فكري” الحزين.
الحياة نص أدبي..
أهم فكرة ارتكزت عليها الرواية هي أن الحياة بأحداثها وتفاصيلها ووقائعها ماهي إلا كتابة أدبية، حتى أن تكوين خلايا مخ “فكري” بائع الكتب الهندي الذي يعيش في جزيرة تدعي جزيرة “اليس”، وهي منطقة بعيدة ونائية بعض الشيء. هذا الشخص يتمثل الحياة من خلال مقارنتها بمواقف قابلها في نصوص أدبية سواء قصص قصيرة لأنه شغوف بالقصة القصيرة أو رواية، وهو دوما ما يقارن ما يحدث له في الحياة بنص أدبي رائع أو مقولة أعجبته لأحد الكتاب داخل نص أدبي، حتى أن الكاتبة تبدأ كل قسم في الرواية بمقدمة كتبها “فكري” عن ذلك المقارنات لمواقف الحياة بما كتب في نصوص أدبية، حتى أن ابنته التي تبناها فيما بعد أصبحت كاتبة للقصة القصيرة تأثرا بشغفه الكبير بالأدب.
الأحداث الممتلئة والمزدحمة..
امتلأت حياة “فكري” بائع الكتب وبالتالي الرواية بأحداث كثيرة ومزدحمة، وقد جرت الرواية زمنيا في الفترة ما بين بعد موت زوجته الأولى التي كان يحبها كثيرا ويشاركها إدارة متجر الكتب، وحزنه الشديد عليها لدرجة أنه كان يسكر ويفكر في إنهاء حياته. ثم توالت الأحداث ليجد فتاة صغيرة في عمر السنتين وهو في عمق حزنه على فقدان زوجته وحبيبته، ثم قراره بأن يحتفظ بالطفلة ويربيها كابنته وبالتالي يخرج من حزنه ويتهيأ لحياة جديدة أثرت عليه نفسيا وروحيا وحتى عقليا، فأصبح محبا للحياة متفائلا مستعدا لتربية طفلة.
ثم يسعى إلى الاقتران بفتاة وينجذب نحو”اميليا” التي تنجذب بدورها إليه، ثم تحكي الرواية عن حياتهما الزوجية وتربية الطفلة بشكل سريع ومرور سطحي لا يتعمق في الأحداث ولا تأثيرها على الشخصيات.
موت مأساوي..
تبدأ الرواية بموت زوجة “فكري” المأساوي وحزنه الشديد عليها لأنه موت مفاجئ لها وهي في أوج شبابها، وذلك نتيجة لحادث سيارة، ثم تنتهي أيضا بموت مأساوي وهو إصابة فكري بمرض السرطان في الدماغ وموته البطيء وفقدانه قدرته على القراءة والكتابة والتذكر وأشياء كثيرة. وهو موت مأساوي حزين. ثم تنتهي الرواية على تقبل زوجته وابنته لموته واستكمالهما لحياتهما بدونه، وبيع متجر الكتب الذي يأخذه صديق له يعيش على الجزيرة وهو ضابط شرطة ربطته ب”فكري” صداقة طويلة، ثم تزوج من أخت زوجة فكري الأولى وقررا أخذ المتجر وتطويره والإبقاء عليه مفتوح.
الرواية تناولت عدد كبير من السنين وامتداد حياة “فكري”، وتناولت تأثير الأدب الكبير عليه وكانت تقتبس مشاهد وجمل مأثورة من النصوص الأدبية الشهيرة والمؤثرة في تاريخ الإنسانية، مما يعكس شغفا كبيرا للكاتبة نفسها بهذه النصوص الأدبية، التي ربما أثرت فيها أيضا بنفس الطريقة التي أثرت في “فكري” وحياته وعقله.