22 نوفمبر، 2024 3:22 م
Search
Close this search box.

الله -3-

أدناه ، هو الجزء الثالث من المقال الاول في كتاب ( احترم جدا هذا الدين ) :

تاسعاً:

الخلافات التي تنشأ في المجتمعات المتخلفة والغير متحضرة بين مَنْ لا يؤمنون بوجود (الله) وبين مَنْ يُصرّون على وجود (الله) هي خلافات تَعود الى رغبة مَنْ يُصرّون على صحة وجود الله على فرْض أحكامٍ وقيود دينية أو مذهبية على الآخرين مِن أفراد مجتمعاتهم، حيث أنّ هؤلاء المؤمنين بـ (وجود الله) يَربطون هذا الإيمان بشكل كامل بموضوع آخر يتمثل بـ (الدين) أو (المذهب الديني) الذي توارثوه إجتماعياً.

أغلب القادة المُصرّين على وجود (الله) يكون (الله) لديهم وسيلة لتحقيق هدف آخر مخفي وغير معلن بشكل واضح الا وهو إخضاع الآخرين لواقع إنّ الإعتقاد الفعلي بوجود (الله) لا يتحقق فعلياً الا من خلال الإيمان المطلق بـ (الدين) أو (المذهب الديني) الذي يترأسونه والذي يحوى الأحكام الواجبة التنفيذ مثلما يحوى المؤوسسات ودور العبادة التي تدرّ على اولئك القادة الدينيين والمذهبيين بالسلطة والأموال، وهكذا فهؤلاء القادة الدينيين أو المذهبيين لا يكتفون بمَن يقول لهم بأنّ إحتمال وجود (الله) هو إحتمال قائم، بل أن هؤلاء المُصرّين على وجود (الله) غالباً ما يُوسعون إصرارهم هذا بالقول بأنّ وجود (الله) يُلزِم بالضرورة إعتناق (الدين) أو (المذهب الديني) وما يتطلبه هذا الإعتناق من رضوخٍ لجميع أفراد المجتمع الى الأحكام والتقييدات الدينية أو المذهبية المتوارثة منذ آلاف السنين والتي بات الكثير منها منافياً تماماً لحقوق الإنسان في عصرنا الحاضر.

هكذا يتوضح للجميع أنّ وجود (الله) ليس هو الهدف الحقيقي لأغلب الدينيين أو المذهبيين، بل أنّ الهدف الحقيقي يتمثل بالمصالح المادية والمعنوية الخفيّة لأغلب رجال الدين أو المذهب الديني، فأغلب رجال الدين أو المذهب الديني واثقون أنّ إصرارهم على وجود (الله) سيَعطي شرعية للوجود الإجباري لدينهم أو مذهبهم الديني، وهذا ما يخدم مصالحهم الحقيقية الخفيّة والغير مُعلنة، حيث أنّ السلّطة الدينية ومواردها وإمتيازاتها المادية والمعنوية تزداد بإزدياد عدد المَحسوبين على الدين أو المذهب الديني، ولولا هذه المصالح المادية الخفيّة والغير مُعلنة لكانت مناقشة مسألة وجود الله أو عدم وجوده لا تتعدى كونها نقاشاً فكرياً متحضراً، بل أنّ جميع مثقفي العالم يدركون أنّ الإنسان عموماً (يتمنى) وجود (مَنْ) يساعده في مِحن الحياة على الأرض، مثلما (يتمنى) كل إنسان وجود (مَنْ) يُعيد له الحياة بعد الموت!

عاشراً:

قلة الإلتزام بالتفاصيل الدينية الموروثة وقلّة مظاهر التعبُد والإستجداء من (الله) في المجتمعات التي لا يُلاقي أفرادها صعوبة كبيرة في العيش المناسب لا يعني أبداً أن هؤلاء الأفراد يرفضون فكرة وجود (الله) أبداً مثلما قد لا يعني ذلك أيضا ضرورة تأييدهم لإفتراض وجود (الله)، فأغلب أفراد هذه المجتمعات يحاولون التعامل مع الآخرين في تفاصيل حياتهم اليومية بنفس شكل ومضمون التعامل الذي يتمنون أنْ يعاملهم الآخرون به، وهكذا فأن هذه المجتمعات تسنّ قوانينها وفقاً للمنطق والعلوم التي توفر العدل والحرية والمساواة للجميع بغض النظر عن جنسهم أو لونهم أو دينهم أو معتقدهم أو إيمانهم بوجود الله أو عدم وجوده، حيث أنّ هذه المجتمعات تؤمن بحق كل إنسان في الإعتقاد بما يُناسبه دون أنّ يتجاوز على الحقوق المماثلة للآخرين.

أحد عشر:

يظنّ أغلب أفراد المجتمعات المُتخلفة حضارياً والتي تفتقد وجود العدل والمساواة فيها، بأنه لولا وجود عامل (الخوف) من الله فأن الإنسان لا ولن يتصرف بأخلاق حسنة مع الآخرين، وذلك وفقاً لما توارثه اولئك الأفراد من أصول وثقافة دينية، لذا فهم يعتبرون أنّ قيام أيّ فرد فيهم بمناقشة مسألة الـ (دين) أنساناً منحرفاً ويمكن أنْ يَصدر منه الكثير مِن أخلاق السوء تجاه الآخرين طالما أنه يَشك في مدى صحة أحكام وأصول الـ (دين)، وهكذا تُحارِب مثل هذه المجتمعات كل فرد فيها يحاول أنْ يُناقش صِلة الأحكام والأصول الدينية الموروثة بموضوع تَواصل فُقدان العدل والمساواة والعيش الكريم في المجتمع، حيث يتم إعتقال أو قتْل مثل هؤلاء الأفراد، بينما يَهْجر الآخرون مجتمعاتهم وبلدانهم بحثاً عن حقوقهم الإنسانية في حرية التفكير والتعبير.

إثنا عشر:

معظم أفراد المجتمعات التي لا تتوفر لأفرادها فرصة العيش المناسب، يعتنقون لا إرادياً الدين أو المذهب الديني الذي يتوارثوه إجتماعياً من آبائهم وأجدادهم، حيث غالباً ما يتمّ تثبيت أسم الدين أو المذهب الديني في الوثيقة الرسمية لولادة الطفل في تلك المجتمعات، وهكذا تصبح المصالح المادية والإجتماعية هي التي تجعل أفراد هذه المجتمعات غالباً ما يتظاهرون بالإلتزام بإنتمائهم الديني أو المذهبي رغم عدم قناعة الكثير منهم بصحة الأحكام والأصول الدينية والمذهبية الموروثة من آلاف السنين، بينما يحاول البعض من أفراد هذه المجتمعات أنْ يخدع أو يُقنع نفسه بشتى السبل بأنّ أحكام وأصول الدين أو المذهب الديني الذي تَوارثه هي أحكام صحيحة بل هي الأفضل بين أحكام كل معتقدات البشر الأخرى، في حين كان سيشعر ويعتقد بنفس الطريقة لو أنه ولِدَ في عائلة أخرى تعتنق ديانة أو مذهب ديني آخر!

ثلاثة عشر:

تشترك جميع المجتمعات التي تفتقد تطبيق أبسط مباديء العدل والمساواة بين أفرادها بصِفة كثرة إستخدام وتداول وتعظيم أسم (الله) أو أسم (الكتاتور السياسي الحاكم) وأحياناً كلاهما!

أربعة عشر:

هناك أعداد محدودة من رجال الأديان والمذاهب الدينية مِمَن يتصفون بسعة الأفق الفكري والأخلاق الإنسانية الفاضلة، حيث يدركون جيداً إنّ محاولاتهم الدينية أو المذهبية لتأكيد (وجود الله) يجب أنْ تهدف بشكل رئيسي الى منْح كل إنسان قوة نفسية للصبر ومقاومة الكآبة والإنتكاسات الحياتية والتمسك بالمزيد من الأخلاق الفاضلة مع الآخرين من البشر.

هؤلاء القلة المثالية من رجال الأديان والمذاهب الدينية لا يستخدمون محاولات تأكيد (وجود الله) وسيلةً للوصول الى هدف إخضاع الآخرين لأحكام وقيود الدين أو المذهب الديني العائد لهم حصراً، فهم لا يُعقّدون أو يَربطون موضوع وجود (الله) بشرط إنتماء الإنسان الى دينهم أو مذهبهم أو الى أيّ دين أو مذهب آخر بقدر ما يَعتبرون أنّ قيام الإنسان بمعاملة الآخرين بمثل ما يتمنى أنْ يعاملوه هو كل ما يريده (الله) من الإنسان.

غالباً ما تكون سعة الأفق الفكري والأخلاق الحسنة لمثل هؤلاء القادة الدينيين المثاليين متأتية ليس فقط بسبب إيمانهم بـ (الله) أو بأحكام الدين أو المذهب الديني الذي يُمثلونه حسْب، وأنما بسبب تركيبتهم العقلية الشخصية والوراثية ونوع بيئتهم العائلية والإجتماعية والإقتصادية المساندة لتركيبتهم الشخصية وغالباً ما يكون مثل هؤلاء مِن رجال الدين وعوائلهم مَحدودي السلطة والمال، كما يكون أغلبهم مَنبوذين أو مُحاربين مِن قبل زملائهم في المهنة.

خمسة عشر:

هناك نسبة كبيرة من رجال الأديان مِمّن تَفرِضُ عليهم قياداتهم الدينية أو المذهبية أوضاعاً أو شروطاً لا منطقية تكون سبباً مهماً في إعاقة عملهم بشكل كبير، حيث تقوم بعض القيادات الدينية مثلاً بِمنع الذي يُزاول مهنة دينية لديها سواءاً أكان رجلاً أو إمرأة من ممارسة الجنس طوال العمر، حيث تؤدي مثل هذه الأوضاع أو الشروط القاسية بِمُمتهِن مِهنة الدين الى حالة من المعاناة الإنسانية الصعبة والتي غالباً ما تقوده لا إرادياً الى سوء التصرف مع رعيتّه ومع الآخرين.

ستة عشر:

الأغلبية العظمى من سكان الأرض حالياً لا يُمارسون الطقوس الدينية العامة بمناسبات الأعياد وغيرها أو الطقوس الدينية الخاصة بمناسبات الزواج أو الوفاة بسبب إدراكهم صحة تفاصيل وأحكام الدين أو المذهب الديني الذي توارثوه لا إرادياً من آبائهم وأجدادهم وأنما بسبب الإنضمام الجمعي للعادات السائدة إجتماعياً.

سبعة عشر:

الغالبية العظمى من جميع بشر الأرض يتفهمون ويدركون صحة كل ما تمّ ذِكره في النقاط أعلاه لكنهم لا يتجرّأون على أعلان ما في سِرّهُم خوفاً على أنفسهم أو مصالحهم.

في مقالات قادمة سنعرض المزيد مِن الآراء حول الأديان والمَذاهب الدينية!

يتبع ..

أحدث المقالات