17 نوفمبر، 2024 11:21 ص
Search
Close this search box.

رواية “مشروع روزي”..  ربما ينتعش الحب مع وجود اختلافات كبيرة

رواية “مشروع روزي”..  ربما ينتعش الحب مع وجود اختلافات كبيرة

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “مشروع روزي” للكاتب الاسترالي “جرايم سيمسيون” ترجمة “محمد عثمان خليفة”، تحكي عن قصة حب غير مألوفة، بطلها رجل غير عادي يمشي بقواعد وضوابط صارمة في حياته، حتى أنه حين يفكر في اختيار زوجة له يقرر عمل استبيان ومشروع علمي لاختيارها.

الشخصيات..

دونالد: البطل، عامل في مجال الجينات، يوشك على إتمام الأربعين، يعمل في جامعة مرموقة في استراليا، يمشي في حياته وفق قواعد وضوابط صارمة لا يخرقها أبدا.

روزي: البطلة، طالبة في الدراسات العليا في قسم علم النفس لنفس الجامعة التي يعمل بها “دونالد”، تتقابل معه بترتيب من صديقه المقرب الوحيد، وتبدأ القصة.

جين : صديق “دون” كما يسمي الكاتب البطل طوال الرواية، وهو أستاذ متخصص في علم النفس، في أوائل الخمسينات من عمره، متزوج ولديه أولاد، لكنه يحب عمل علاقات جنسية متعددة خارج إطار الزواج وبمعرفة زوجته التي وافقت منذ البداية على علاقة حرة.

كلاوديا: طبيبة متخصصة في مجال علم النفس، زوجة “جين”، وصديقة مقربة ل”دون”، تساعد البطل دوما في تفاصيل حياته وفي مشروع الزواج الذي يخطط له، ثم فيما بعد في علاقته المضطربة ب”روزي”.

وهناك شخصيات أخرى ثانوية مثل شخصية العميدة التي تدير الجامعة التي يعمل فيها البطل، وشخصيات الآباء المحتملين ل”روزي”. وشخصية والدها الحقيقي.

 الراوي..

هو البطل نفسه الذي يحكي بضمير المتكلم، والذي يبدأ الرواية بأنه وضع يده أخيرا على فكرة مشروع علمي دقيق يتمكن من خلاله أن يجد شريكة حياته المستقبلية.

والراوي يحكي عن الشخصيات في إطار تعامله معهم وتفاعله معهم، ولا يعبأ بحكي دواخلهم مشاعرهم وأحاسيسهم الداخلية أو أفكارهم أو صراعاتهم النفسية، وإن كانت تتضح بعض منها من خلال فهمه هو لها ورؤيته لها بحكم علاقته بباقي الشخصيات.

السرد..

تقع الرواية في حوالي 365 صفحة من القطع المتوسط، تحكي كلها عن شخصية البطل ومحاولته إيجاد زوجة له، ثم مساعدته ل”روزي” في إيجاد والدها الحقيقي، وتنتهي نهاية سعيدة بعد اكتشاف “دون” لإمكانياته وقدراته وإمكانية تغيير الجوانب التي كانت تؤرقه في شخصيته.

مشروع اختيار الزوجة..

كان “دون” يعاني من التعامل مع الجنس الآخر، وكان يجد صعوبة في عمل مقابلات عادية للتعرف على امرأة، حتى أنه كان يحمل ذكريات محبطة وفاشلة كثيرة في تعامله مع المرأة في الموعد الأول، كما أنه كان لا ينتقل إلى أبعد من الموعد الأول لأن المرأة التي يقابلها كانت تهرب سريعا من الموعد الأول، لذا فكر بشكل جدي أن يقوم بعمل استمارة استبيان يحدد فيها بعض الأسئلة التي توضح الصفات التي يحب أن تكون في الزوجة التي يتمنى أن يعيش معها، ويوزع تلك الاستمارة على نساء ليختار واحدة تناسبه.

وبمساعدة صديقيه المقربين “جين وكلاوديا” قام بتعديل أسئلة الاستيبان بعد أن كان موضوع على أسس صارمة، ثم بدأ في ملء تلك الاستمارات في مواعيد مقابلات جماعية للتعارف، ونشرها بشكل أو بآخر وكان يتابع نتائج المتقدمات بحماس كبير، وهو يمارس عمله المعتاد في قسم علم الجينات في الجامعة، وكان “جين” ينصحه من وقت لآخر بخصوص الاستمارة، وهو يتابعه وهو يقوم بعمل علاقاته المتعددة التي تستهدف جمع أكبر عدد من النساء من بلدان مختلفة، بهدف فهم الاختلافات بين النساء وفق جنسياتهن.

مقابلة “روزي”..

ثم في أحد الأيام أرسل “جين” ل”دون” امرأة قائلا له أنها مناسبة لمشروع الزواج، وذهبت “روزي” إلى مكتبه، ورغم زيها الغريب، الذي لا يتناسب مع ما هو مألوف بالنسبة ل”دون”، إلا أنه وافق على إدراجها ضمن النساء المحتملين لاختيار الزوجة، وفاجأته هي بأن تطلب منه موعد أول في أحد المطاعم الشهيرة، ووافق على الفور واستعد للموعد الأول في نفس اليوم الذي جاءت فيه إلى مكتبه.

فذهب إلى الموعد أمام المطعم بعد أن تحايل وقام بالحجز فيه باسم العميدة لأن الحجز فيه صعب، ولم يستطع دخول المطعم لأنه لم يلتزم بالزي المتعارف عليه لرواد المطعم، مما سبب مشاجرة بسيطة استطاع “دون” فيها أن يتغلب على الحارسين الذين يقفان أمام المطعم. تأتي “روزي” ويكتشف أنها تعمل نادلة في أحد البارات، ورغم ذلك وبعد شعور “دون” أنها غير مناسبة له تصر على هي إتمام الموعد الأول، لكنه يبدو غير متحمس، فيذهبان إلى بيته ليعد الطعام بنفسه مضطرا تحت ضغط إلحاحها . لتكتشف “روزي” عالم “دون” الغريب والمختلف.

عالم “دون” الغريب والمختلف..

في الوقت الذي يشعر فيه “دون” أن “روزي” غير مناسبة له لأنها تتأخر عن مواعيدها، ولأنها نادلة في بار وليست أستاذة أكاديمية مثله، تكتشف “روزي” طباع “دون” وعادته، فهو يخطط ليومه على سبورة يضعها في شقته يخط عليها تفاصيل يوميه بالدقيقة، كما أنه يحدد طعام لكل يوم من أيام الأسبوع لا يحيد عنه أبدا، كما أنه ملتزم بكل شيء بدقة متناهية وصارمة. ورغم ذلك لا تعبأ هي بكلل ذلك وتتصرف على طبيعتها، فتنزع السبورة من على الجدار وتضعها في الشرفة لكي يأكلوا عليها كمائدة، وتطلب منه أن يتناولا الطعام في الشرفة لأن المنظر ساحر، رغم عدم اهتمامه بذلك، كما تفاجئه بأنها نباتية وهو في وسط إعداد الطعام الذي هو عبارة عن استاكوزا.

لكن رغم ذلك يسير العشاء على ما يرام، ويشرب معها “دون” وتفاتحه في أمر عقدتها الحياتية، وهي أنها لا تحب والدها الحالي والذي اكتشفت منذ أن كانت صغيرة أنه ليس والدها، وأن أمها الطبيبة كانت قد ضاجعت عددا من الرجال في حفلة التخرج، مما سبب لها إرباكا شديدا وتحول الأمر لعقدة، لأن أمها ماتت وهي في سن العاشرة من عمرها، ووجدت نفسها وحيدة مع زوج أم لا يهتم بها كثيرا ويعرف أنه ليس والدها.

أثار ذلك الموضوع “دون” كثيرا وقرر أن يساعدها في أن تعرف من هو والدها الحقيقي، وبدأ يضطرب لأنه اضطر لأجل ذلك أن يخالف دقة يومه وتفاصيله، لكنه مع ذلك لم يكن يهتم لأنه كان يسير في مشروع البحث عن والد “روزي” والذي اسماه مشروع “روزي” بثبات.

مشروع روزي..

تجاهل دون مشروعه في البحث عن زوجة والذي كان يسير بمعدل بطيء، وانصرف بكل انتباهه واهتمامه لمشروع البحث عن والد “روزي”، ورغم أنه كان قد قرر منذ اليوم الأول أنها غير مناسبة لأن تكون زوجة إلا أنه اقنع نفسه أن مساعدتها في مشروعها أمر يهمه، وبدأ يقابلها ويسعى إلى مقابلتها ليساعدها في مشروعها، وهي نفسها اندهشت من حماسه في المضي في مشروعها.

وقد حددا الأسماء المحتملة للرجال الذين تعرفهم أمها وقابلتهم يوم حفلة التخرج، وبدأ الاثنان في عمل حيل لكي يجمعا أشياء تخص هؤلاء الرجال لأجل تحليل الدي إن ايه، وقد استخدم “دون” معلل الجامعة الذي يعمل فيه لصالح مشروع “روزي” في مخالفة صريحة لقواعد العمل في الجامعة، ولم يهتم بتأثير ذلك على وظيفته.

ولكنه في منتصف الطريق اعترف ل”روزي” أنها ليست الزوجة المناسبة له، كما اعترفت هي له انه غير مناسب لها، لكنه استمر في مساعدتها حتى أنه كان يقنعها بالاستمرار حين تشعر باليأس وتريد التوقف عن البحث عن والدها، ولأجل تلك الرحلة الطويلة في البحث عن والد “روزي” اكتشف “دو”ن قدرته على تغيير نفسه وتغيير سلوكياته التي كان يعتبرها الناس من حوله غريبة حتى عائلته، وأيضا اكتساب مهارات هامة ظل طوال حياته، التي أوشكت على بلوغ الأربعين، لا يمتلكها وخاصة حين بدأ يشعر بانجذابه نحو “روزي” وفكر في محاولة إرضاءها بتغيير السلوكيات التي لا تعجبها فيه وباكتساب مهارات تعدها هي هامة.

وبالفعل ركز على أن يكتسب مهارات اجتماعية، معتمدا على ذكائه الشديد والمشهود له، لأنه ربما يكون من ضمن المصابين بطيف التوحد كما أشارت الرواية لذلك مرة، كما سعى إلى تغيير تفاصيل حياته اليومية الدقيقة والصارمة، وتغيير نظام نوع طعام لكل يوم في الأسبوع، كما تخلي عن كل تلك الشروط الدقيقة في زوجة المستقبل، وغير من مظهره الخارجي ليتناسب مع “روزي”.

لحظة الاكتشاف..

وفي لحظة اكتشاف أدرك دون أنه يحب “روزي” ويريدها أن تكون زوجته، لكنه كان قد أشعرها بعدم أهميتها بالنسبة له، لذا سعى لطلب الزواج منها لكنها كانت تصر حتى النهاية على أن يكون “دون” يحبها لأنها فهمت أنه غير قادر على الشعور بالحب، وهو أيضا احتار لأنه يعرف جيدا أنه لا يعرف كيف يشعر بالحب كما يفعل باقي الناس، لكنه في النهاية عرف أنه يحب “روزي” وبرهن لها على ذلك، لذا وافقت على طلب الزواج. كما جاءت النهاية سعيدة بالنسبة لمشروع “روزي” حيث اكتشفا أن والدها الذي رباها إنما هو والدها الحقيقي، وأن أمها استندت على حقائق طبية خاطئة تخص علم الجينات في شكها أن “روزي” ليست ابنة لزوجها.

لم تنته الرواية على زواج “روزي” و”دون” كنهاية سعيدة، وإنما استأنفا الاثنان حياتهما بأن تركا استراليا لأن البطل كان يشعر أن المجتمع هناك لا يقبله باختلافه، وذهبا إلى أمريكا مستأنفين مسارهم الأكاديمي، وأيضا كانا يمارسان مهنة تقديم المشروبات في أوقات منتظمة، كما سعيا إلى عمل علاقة زواج ناجحة أساسها التفاهم المتبادل والمشاركة الفعالة. كما كانت النهاية سعيدة ل”جين وكلاوديا” حيث اهتم “جين” لعلاقته الزوجية وترك أمر العلاقات المتعددة. الرواية تتميز بالروعة وتقديمها لقصة حب مختلفة التفاصيل.

الكاتب..

“جرايم سيمسيون” هو مستشار سابق في مجال تكنولوجيا المعلومات ومؤلف كتابين غير خياليين عن تصميم قواعد البيانات، وقرر  في سن الخمسين أن يكتب رواية. نُشرت روايته الأولى The Rosie Project عام 2013 وبيعت حقوق الترجمة بأربعين لغة. تم اختيار حقوق الأفلام لشركة Sony Pictures.والجزء الثاني The Rosie Effect، هي أيضًا من أكثر الكتب مبيعًا ، حيث اقترب إجمالي مبيعات الروايتين من خمسة ملايين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة