18 ديسمبر، 2024 10:11 م

من المسؤول عن ( حرب الإبادة ) في العراق الجديد

من المسؤول عن ( حرب الإبادة ) في العراق الجديد

إن من بين القضايا الجوهرية التي انحرفت فيها الجمهورية ( العراقية ) كان سببا لان تهوى هذه الأمة من عليائها وتهبط من مقام السيادة والريادة والقيادة لتصبح ذلك الغشاء الذي تتداعى عليها الأمم من كل جانب , إن هذه القضية المصيرية هي من أهم القضايا التي خلفت الخلائق من اجلها اندثار تاريخ العراق المجيد المعطر بدماء الشهداء الأبطال , وقليلون هم الذين توقفوا عند الأرقام الصادمة التي تحصي عدد الشهداء في العراق الجديد نتيجة للاحتلال الأمريكي والإيراني ، بينما التزم الكثير من المثقفين و السياسيين العراقيين الذين أيدوا وساندوا الغزو عام ( 2003 ) الصمت المطبق وكأن هؤلاء الذين قتلوا ، وفاق عددهم أكثر من مليوني مواطن ، ليسوا من أبناء جلدتهم ناهيك عن كونهم بشراً عرباً ومسلمين , هذا الرقم مرعب بكل المقاييس ، لأنه يعني أن واحداً من كل عشرين عراقياٌ قد استشهد ، أي ما يعادل 4.5 في المائة من أبناء العراق , وإذا قدرنا عدد الجرحى بأربعة إضعاف هذا الرقم على اقل تقدير فان الصورة تبدو مأساوية , تخيلوا لو قتل 4,5 في المائة من الشعب الأمريكي إي 14,5 أكثر من خمسة مليون مواطن ، أو النسبة نفسها من الشعب البريطاني إي ثلاثة مليون وربع المليون , ما يجري في العراق حرب إبادة تخوضها الحكومتان الأمريكية والإيرانية ، وبعض المتعاونين معهما من العراقيين لإفناء الشعب العراقي ، وتدمير بلاده بالكامل ، وتقطيع أوصالها، حتى لا تقوم للعراق قائمة لعدة قرون قادمة , وحتى نقرب الصورة أكثر لفهم إبعادها ، نذكر بان عدد الشهداء من العراقيين من جراء هذا الغزو الأمريكي الوحشي يبلغ ضعفي نظرائهم اليابانيين الذين سقطوا ضحايا قنبلتي ناغازاكي وهيروشيما النوويتين في نهاية الحرب العالمية الثانية ، الفارق يكمن في تعاطف العالم مع الضحايا اليابانيين ، وغياب إي تعاطف مع العراقيين حتى من قبل بعض أبناء جلدتهم ، من العراقيين والعرب في الحكومة العراقية والحكومات العربية , فالعراقيون ، وكل العرب والمسلمين الآخرين ، لا يعتبرون بشراً في نظر الإدارة الأمريكية الحالية ، وحتى إذا اعتبروا بشراً في نظرها ، فإنهم من درجة متدنية كثيراً بالمقارنة مع نظرائهم الأمريكيين والغربيين , لا احد يريد في هذه الإدارة ، أو المتواطئين مع عدوانها ، خاصة من العراقيين والعرب ، إن يعترف بالنتائج الكارثية التي تحدث حالياً في العراق ، حتى لا يقال أن العراق في زمن السابق , كان أفضل كثيراً مما هو عليه الحال الآن , فهؤلاء على استعداد إن يذبح الشعب العراقي بأسره على أن يتم الاعتراف بهذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس , ومن المؤسف أن كل شخص ، خاصة من المعسكر العربي الرافض أساسا لهذه الحرب ، يحاول أن يصرخ مذكراً بالوضع الآمن والمستقر الذي كان عليه العراق قبل الغزو والاحتلال ، رغم الحصار التجويعي المأسوية ، يتهم فوراً بأنه عميل للديكتاتورية ، ومساند للمقابر الجماعية ، وهي اتهامات إرهابية أخرست الكثيرين على مدى الأعوام الأخيرة , دلونا على مقبرة جماعية واحدة مثل تلك المقبرة الجماعية التي ارتكبتها أمريكا وحلفاؤها في العراق وبلغ ضحاياها حتى الآن أكثر من مليوني عراقي بريء , أو المقبرة السابقة التي ضمت رفات مليون ونصف المليون عراقي سقطوا نتيجة الحصار الظالم وغير الإنساني والقانوني الذي فرض تحت أكذوبة كبرى اسمها أسلحة الدمار الشامل ثبت بالأدلة القاطعة ، وتقارير الكونغرس نفسه بطلانها , القوات الأمريكية لم تعد قادرة على حماية نفسها في الدول العربية ، فكيف ستحمي الشعب العراقي الذي تعتبر حمايته ، وأمنه ، من مسؤوليتها بمقتضي اتفاقية جنيف جديدة , الوجود الأمريكي في العراق بواسطة ما يسمى بالسفارة الأمريكية بات مصدراً لإثارة الصراع .. ولله – الآمر.