17 نوفمبر، 2024 1:44 م
Search
Close this search box.

هذه بدايات حكومة السوداني!

هذه بدايات حكومة السوداني!

أثارت بداية عمل حكومة محمد شياع السوداني ردود أفعال واسعة من الاستهجان والغضب والاستهزاء لدى كافة شرائح الشعب العراقي وهي بعد لم تكمل اختبار المائة يوم الذي يعطى لاي حكومة لمعرفة جدية وافعال تطبيق برنامجها بل الإسراع بتوفير الاحتياجات الضرورية الانية والأساسية من الخدمات والاستجابة للمطالب التي يزيد عمرها على العشرين عاما أي منذ بدء عملية الاحتلال السياسية التي فصلت للأحزاب التي جاء بها الغزو، دون ان تتحقق.
ورغم ان رئيس الوزراء الجديد ليس من الاحزاب السياسية التي جاءت مع الغزو وترك حزب الدعوة ليشكل حزبا فاز بمقعد واحد في الانتخابات ولم يكن مثل أعضائها خارج العراق يعمل لدى الدول الا ان تقديم الاطار التنسيقي له لمنصب رئيس الوزراء وبالأخص من طرف سلفه نوري المالكي وصمه قبل ان يستلم رئاسة مجلس الوزراء لتصبح بداية حكومية لا تبشر بالخير للعراقيين، بل انها اعادت لهم ذكريات اليمة ومفجعة من الأيام والسنوات العجاف التي شهدها العراق حينما فرضت الحرب الطائفية على العراقيين والتي اقترف باسمها مئات الاف الجرائم من اغتيالات واعتقالات وتغييب بالجملة وتهجير عنيف واجرامي بهدف التغيير الديموغرافي الطائفي. ورغم هذا التاريخ المليء بالجرائم والملطخ بدماء العراقيين الأبرياء الذي ما يزال حاضرا وشاهدا لهذه الأحزاب، فأنه كان بإمكان رئيس الوزراء السوداني ان يفتح صفحة جديدة مع الشعب العراقي وإظهار نواياه الحسنة في حكومة الخدمات التي طرحها كبرنامج له وللحكومة التي سيشكلها؟
لكن خيبة العراقيين وحذرهم من شخص رئيس الوزراء ومن دفعه لهذا الموقع قد تأكدا مع اختياره الطاقم الحكومي وتعيين وزراء من قادة الميليشيات ووزراء بشهادات كليات إسلامية مشتراة من جامعات غير معترف بها في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الذي يراد لها التفكيك وإعادة التركيب على منهج الولي الفقيه بتعيين وزير يحمل هذه الشهادة، استهل في اول لقاء له بالقول انه سيفصل بين الجنسين في الجامعات كأول خطوة في عمله، إضافة الى تكليف اشخاص دون خبرة ولا كفاءة لوزارات تتطلب العمل السريع لإنقاذ اقتصاد العراق وزراعته وإعادة المياه الى انهاره والكهرباء التي قطعتها دول الجوار عمدا لاستثمارها لصالحها. ليس ذلك فحسب بل ان فضيحة كبرى انفجرت بوجه السوداني وحكومته لتقضي على آمال العراقيين في أي نوع من الإصلاح ومكافحة الفساد ومن تحقيق المطالب الخدمية التي دفنتها أحزاب العملية السياسية منذ الحكومة الأولى الى يومنا هذا وحكومة السوداني على ما يبدو لن تكون استثناءا من القاعدة! هذه الفضيحة المجلجلة للأحزاب والتي سميت زورا بسرقة القرن ، سبقتها فضائح اكبر في النفط والكهرباء لوزراء المالكي وغيره ،هي سرقة أكثر من ثلاثة تريليونات دينار عراقي، من هيئة الضرائب، يقول كبار الموظفين المطلعين في وزارة المالية انها تصل الى عشرة تريليونات دينار، تمت عملية السرقة بمراحل زمنية منذ العام الماضي بتنسيق مع آخرين … ان ظاهر هذه الشبكة الكبيرة والمتنفذة من السياسيين، هو مجموعة صغيرة منها عضو برلماني من حزب الدعوة وعضو في اللجنة المالية للبرلمان وشخص آخر معه سرق لوحده باعترافه مبلغ 1618 مليار عراقي. وعلى غير انتظار من الشعب العراقي، وفي فضيحة تعد اكبر من فضيحة ما يسمى “بسرقة القرن” يمكن ان تسمى وبجدارة “بفضيحة القرن” ، خرج رئيس الوزراء السوداني ومن حوله كتل من الأموال يعلن وبطريقة مسرحية من القنوات التلفزيونية استرداد جزء من الأموال المسروقة ، اقل من 182مليار دينار واطلاق سراح السارق في سابقة ليست عراقية فحسب بل عالمية! يقول السوداني في تفسير ذلك انه تم بشكل قانوني وفق مادة من مواد العقوبات وذلك لنتمكن من ارجاع باقي الأموال لكن هذا الكلام فنده أساتذة القانون والخبراء الماليين حيث قال عميد كلية القانون في جامعة بابل الدكتور هادي حسين الكعبي وهو ليس من معارضي العملية السياسية : سأكفر بكل حرف تعلمته وعلمته في علم القانون ، سأكفر بكل القيم التي ارشدتني لها القواعد العامة ، سأكفر بكل مدارس الفلسفة والايدلوجيات التي اصلت لمفاهيم العدالة ، سأكفر بحكم القانون وعموميته وتجريده وانطباقه على الجميع ، نور زهير ، السارق، لا يمثل الا استثناء مذل لكل قانوني عراقي ، نور زهير سيظل انموذجا ماثلا لتفاهة المداهنة في تطبيق القانون. اما المواطنين فقد تبادلوا هذا التعليق بشكل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي بعد ان أعلنت الحكومة عن تأخر صرف الرواتب : “عزيزي المواطن ، نعتذر عن سبب تأخير رواتبكم لان الأموال كان عندهن جلسة تصوير مع السوداني، شكرا لتفهمكم ، مع تحيات وزارة المسرحيات العراقية” وهذه السخرية اللاذعة : العملة بالدولار عبرت يغاتي ، بس ما شفنه مال يروح ويرجع عراقي ؟ وهذه:” ارد انشد ابن شياع عن فرد حالة، ليش اللي يبوك
أي يسرق فلوس يطلع كفالة، وهذه: ارد انشد ابن شياع والامر بيده ، منين اشترى كلاوات، أكاذيب، تازة وجديدة” ؟
كما تم إطلاق سراح السارق الاخر النائب السابق من حزب الدعوة بعد احالته للمحكمة التي اكتشفت تضخم هائل في حساباته تصل الى ثمانين مليون دولار ومع ذلك تمت تبرئته من أي جرم؟ … ان هناك أكثر من جهاز حكومي من واجبه وعمله متابعة هذه الجرائم التي لا تمس فقط المال العام للدولة بل امنها الوطني وهي من الجرائم الكبرى وليست جريمة عادية؟ لم تتحرك وزارة الداخلية ولا الاستخبارات ولا هيئة الرقابة المالية بل ان البنك المركزي العراقي الذي يراقب ويدقق بسحب ألف دولار لم يعترض على صرف مليارات الدنانير في يوم واحد؟ ليس ذلك فحسب بل ان الرقابة المالية المستقلة تغيبت عن أداء دورها وكذلك جميع البرلمانيين الذين أغمضوا عيونهم عن بدايات الترتيب لهذه السرقة التي بدأت من اللجنة المالية للبرلمان مرورا بالبنك المركزي ومدراء الضرائب أنفسهم الذين هربوا بالأموال الى دول الجوار. لقد شاهد العراقيون في مناطق المنصور، أرقى احياء العاصمة شاحنات تنقل المال لبيوت اشتراها السارق خصيصا لخزن المليارات دون ان يجذب ذلك انتباه السلطات الحكومية من امنية وعسكرية ولا ان يتم التساؤل عن مصادر هذه الأموال وخزنها في البيوت؟
ان بدايات حكومة السوداني ليس فقط لا تبشر بالأمل في توجه حكومي لتحقيق مطالب الشعب العراقي ولو بالحد الأدنى ليتمكن من العودة لحياة طبيعية وحل المشاكل التي تتراكم منذ عشرين عاما والاهتمام بالبنى التحتية لمدن العراق المتآكلة وإيجاد حلول لمشاكل الماء والكهرباء والتفاوض مع المحتلين بطريقة تتيح للشعب العراقي الحياة والتنفس والنهوض من الضغوط الجاثمة على صدور مواطنية الذين يجبرون بمثل هذه السياسات على ترك العراق وتفضيل العيش بدول أخرى بدل عذاب العيش في واحد من أغنى البلدان النفطية في المنطقة.
بل ان رئيس الوزراء يعلن من طهران التي استدعته للحضور أولوية العلاقات الاقتصادية والأمنية والثقافية بين البلدين فيما الصحيح وعلى ارض الواقع وما يعيشه الشعب العراقي هو التزام رئيس الوزراء كما مع اسلافه باستمرار أولوية العلاقات هذه على المصالح العراقية التي لا وجود لها في عملية الاحتلال السياسية وذلك بدءا بالأفراج عن لصوص فضيحة القرن.

أحدث المقالات