17 نوفمبر، 2024 6:41 م
Search
Close this search box.

بداياتهم .. الشاعر والصحفي عبد السادة البصري

بداياتهم .. الشاعر والصحفي عبد السادة البصري

عبد السادة البصري قامة شعرية عراقية شامخة شموخ نخل البصرة تشم منه رائحة ( حناء الفاو ) وطيبة البصرة وتلوح على محياه عذابات العراقي الصابر وأن وجد وطن فالغربة شريكا معه .. كيف لا وهو الذي عانى التهجير والغربة واليتم جراء الحروب العبثية وحمل غربته جرحا ينزف شعرا وقوافي كل حين وكل ذات وجع .. برع في كتابة ( الإنشاء ) يوم كان على مقاعد الابتدائية والحق به الخواطر ثم استوى على جادة الشعر حتى أصبح من فرسانها وأصدر الديوان تلو الديوان وعمل في الصحافة والمسرح حتى حفر اسمه بأحرف من ثبات ..
يقول عبد السادة البصري عن بداياته ..
البداية والتجربة الشعرية :ــ
لم تكن البداية سهلةً ، إنها بداية فتىً ريفيٍّ يعيش في قريةٍ بأقصى جنوب القلب العراقي ، تلبّسه هاجس القراءة والبحث عن الوعي والمعرفة منذ بواكير سنواته الغضّة ، ليبدأ خوض تجارب حياتية صعبة في بادئ الأمر لفقر الحال ، مع توجّهات أبيه عامل الميناء اليساري صوب القراءات الحقيقية للفكر والمعرفة الصحيحين جداً ، لهذا سلكتُ سبيل البحث عن الحقيقة دائماً راسماً لوحات محبّة وتفاؤل في كل لحظة !
تمخّضت رحلة البحث هذه عن كلماتٍ وجملٍ رحتُ أسطّرها على الورق وأنا في سنوات الابتدائية ، حتى صرت أكتب مقاطع من الشعر الشعبي ، وأشارك في مسابقات الخطابة لأحرز المرتبة الأولى في قضاء الفاو أوائل السبعينات من القرن المنصرم ،في المتوسطة جرّبت الكتابة بالفصحى على شكل خواطر بادئ الأمر ، وعند امتلاكي ناصية الوزن بعد دراسته بشكل وافر شخصيا وبمساعدة بعض الأساتذة لي صرت أكتب الشعر العمودي ثم التفعيلة وصولاً إلى قصيدة النثر ، لإحساسي بأنها المتمردة دائما على السائد المألوف في كل شيء ، وإنها التي تجعلك تحلّق في سماوات الرؤيا والخيال وتسيح في رحلات هنا وهناك رغم أنها الآن مبتلاة وتعاني من كل مَنْ هبّ ودبّ ممن لا يعرفون حقيقتها أبدا ،، وهكذا تستمر التجربة ،،،،
بعد التجارب المتلكّئة والمترددة والمرتجفة بدأت أعي مسؤولية الكتابة جيداً ، لأكتب قصيدة ثم أخرى وأخرى ، وتحديداً بدأت كتابة الشعر عام 1974 ، لكنني لم أكن مقتنعاً بما أكتب حينها ، وفي عام 1979 نُشرتْ لي أولى قصائدي من خلال إذاعتها في برنامج الظهيرة من إذاعة دولة الكويت ،كانت بعنوان ( هناك عند الساقية )، لتكون حافزاً ومشجّعاً لي في الخوض بهذا المضمار أكثر وأعمق ،، رحتُ أقرأ كل ما يقع تحت يدي من كتب ومجلات أكثر أيضاً ، أكتب وانشر بعض كتاباتي في مجلات كويتية ولبنانية ( عبر البريد العادي طبعا ) ، حيث نشرتُ في مجلات ( اليقظة والنهضة والرسالة والعربي ) الكويتية وفي مجلة ( ألوان ) اللبنانية ،ثم في الصحف والمجلات العراقية ، وعند اشتعال الحرب العراقية الإيرانية اللا معنى لها سوى سفك الدماء والخراب والدمار لكلا البلدين نزحنا قسراً من قريتنا في جنوب الجنوب ( ناحية الخليج العربي في قضاء الفاو )لأبقى نازحاً لحد هذه اللحظة ، مات أبي على اثر نزوحنا القسري بعد أيام من هَجْرِنا البيت ، هذان الحدثان ( نزوحنا وموت أبي ) أحدثا شرخاً كبيراً في روحي واعتقد انهما السبب في تغيّر مسار حياتي بالكامل ، فصرتُ أكتب بكثرة وبقسوة على نفسي لاعناً الحروب والموت ،كانت وقتها قصائدي سوداوية ومأساوية جداً ، لم أنشر منها سوى القليل لكنني صرت أعيش الذكريات وكأنني في حالة اغتراب دائم وما أزال حيث الذاكرة امتلأت وتمتلئ كل يوم بأحداث وحكايات في شتى مجالات الحياة ، ما أن أكملت دراستي الجامعية حتى سيقَ بي إلى العسكرية كأي خشبة ترمى في أتون محرقة ، أصبت في إحدى المعارك برأسي ليضعف بصري وسمعي وتتأثر قدمي !!
لم تنته الحرب بعدُ ، اعتقلوني عام 1987 لأُحتجز أولاً ضمن المشمولين بالتحقيق المشترك من قبل المخابرات والأمن والحزب ، ثم الإعدام ، لم أعدم بل أحالوني إلى المحكمة العسكرية فحُكِمتُ حينها بالإعدام أولاً ثم كسروا القرار حسب قولهم لأُسجن سنة كاملة ، سنواتٌ من الحرمان والحروب والتشرّد والتعذيب والسجن أفرزت عندي قصائد كثيرة مشبّعة برائحة الحنين إلى الطلع والنخل والملح والحرية والفرح !!
اشتركت مع زملائي ( كريم جخيور ، عبد الرزاق صالح ،علي نوير ، عزيز داخل ) بإصدار منشور مشترك عام 1991 ، وتم اعتقالنا عام 1992 حيث ساقونا إلى سجن الرضوانية سيّء الصيت لنقبع بين سجون ( الرضوانية ، الانبار ، الأمن العام ، الرشيد سجن رقم واحد ) سنة كاملة ذقنا بها أصناف التعذيب والهوان والخوف والقلق والموت في كل لحظة ، بعد خروجي من الاعتقال أواخر عام 1993 قمت ومجموعة من زملائي الشعراء بإصدار مجموعات شعرية مشتركة بطريقة أدب الاستنساخ وهم ( عبد الرزاق صالح ، عبد الكريم العامري ، خضر حسن خلف )للأعوام ( 1995 ، 1996 ، 1997 )وصلت نسخٌ منها إلى مصر والمغرب وتونس والخليج العربي وفلسطين والأردن ، وكتب عنها الكثير هناك !!
عام 1998 أصدرت مجموعتي الشعرية الأولى ( لا شيء لنا ) عن دار أزمنة فلاقت صدى كبيرا وكتب عنها أكثر من 65 مقالة كما ترجمت قصائد منها إلى الصربية وأعيد طبعها مرة ثانية بنفس الدار عام 2004 ، وأصدرت عام 2000 مجموعتي الشعرية الثانية ( تضاريس ) فلاقت استحسانا كبيرا أيضاً وكتب عنها العديد من المقالات في الداخل والخارج وصدرت عام 2002 عن بيت الشعر الفلسطيني في غزة ،وتوالت الإصدارات بعد ذلك حتى قاربت( 14 كتابا بين الشعر والنقد ) وما تزال في أدراج مكتبتي الكثير من المخطوطات تنتظر الصدور ،، وهذا ما ستجده في سيرتي الذاتية !!
مع الشعر عملت في الصحافة والإعلام والمسرح منذ سنوات وما أزال اعمل لحد هذه اللحظة .

أحدث المقالات