وكالات – كتابات :
اهتمت تحليلات وكتابات عديدة في الفترة الأخيرة باستشراف مستقبل النظام الإيراني؛ في عام 2023، في ضوء الاحتجاجات الشعبية المتواصلة في البلاد.
ومن الملاحظ أن مجمل التوقعات الخاصة بـ”إيران” ترسم صورة قاتمة للأوضاع في البلاد في عام 2023؛ كما تتنبأ بذلك الآلة الدعائية ووسائل الإعلام الأميركية والغربية.
وفي ضوء ذلك؛ سيُعاني النظام الحاكم من تحديات غير مسبوقة، يمكن وصفها بأنها هي الأخطر عليه منذ عام 1979. وفي هذا الإطار، نشر موقع الـ (إيكونوميست) البريطاني، تقريرًا بعنوان: “سيناريوهات متطرفة: آفاق النظام الإيراني في العام المقبل”، في 18 تشرين ثان/نوفمبر 2022.
سيناريوهان متطرفان..
قدم التقرير سيناريوهين متطرفين من المُرجح أن يشهدهما النظام الإيراني في العام المقبل، ويمكن توضيحهما على النحو التالي:
إسقاط النظام..
تناول التقرير سيناريو متفائلاً؛ يرى أن النظام الإيراني في طريقه للسقوط؛ الأمر الذي يفتح الباب لعودة المعارضة من الخارج، ومحاكمة رموز النظام والبدء في إجراء تغييرات جذرية في السياسة الداخلية والخارجية الإيرانية؛ وذلك على النحو التالي:
01 – عودة المعارضين المنفيين قبل “عيد النيروز”..
يعتقد أنصار السيناريو المتصور؛ أن تغيير النظام سيظل مستمرًا؛ فقبل “عيد النيروز” – وهو عيد رأس السنة الفارسية – في 20 آذار/مارس 2023، يتصور الخياليون أن الإيرانيين سوف يتجمعون في “مطار طهران” للترحيب بطائرة من المعارضين المنّفيين، تضم: “مسيح علي نجاد”، وهي ناشطة أميركية/إيرانية دافعت عن إلغاء الحجاب الإلزامي، و”علي كريمي”؛ لاعب كرة القدم المشهور.
وستصطف الحشود في الشوارع لاستقبال المعارضين، في مشاهد تُذَكر بعودة؛ آية الله “روح الله الخميني”، إلى “طهران”، عام 1979.
في غضون أيام؛ سيتّغير اسم المطار، من “الإمام الخميني” إلى: “مهسا أميني”، تكريمًا للسيدة الكُردية؛ البالغة من العمر: (22 عامًا)، التي أدى اعتقالها بسبب إرتدائها الحجاب، ثم وفاتها في الحجز، إلى ثورة.
02 – فرار قادة النظام الإيراني إلى الخارج..
من المُرجح بالنسبة للخياليين؛ أن يّفر العديد من الملالي، ويطلب البعض الحماية من الميليشيات التي رعاها النظام في “العراق وسوريا ولبنان”.
أما ذوو الاتصالات الأفضل، فقد يتوجهون إلى “عُمان” أو “الإمارات”، على حد قول التقرير البريطاني نصًا.
وبالنسبة للمرشد الأعلى المنتهية ولايته المريض بشكلٍ واضح؛ آية الله “علي خامنئي”، سوف يفر إلى “بكين”.
كذلك سوف يضع مجلس من الشباب الإيرانيين، دستورًا جديدًا، وسيحل محل الرمز الموجود في قلب العلم – وهو ترجمة أسلوبية: لـ”الله أكبر” – شعار الثورة: “المرأة، الحياة، الحرية”.
03 – تولي “ظريف” مقاليد السلطة مؤقتًا..
من المحتمل أن يبقى وزير خارجية النظام السابق؛ “محمد جواد ظريف”، وفقًا للسيناريو الخيالي، رئيسًا مؤقتًا بعد تنحي؛ “إبراهيم رئيسي”، في محاولة لضمان انتقال سلس للسلطة.
وقد يلقى “ظريف” استحسانًا في الخارج، من خلال جذب حكومته المنّفيين الذين يتباهون بشهادات الدكتوراه من الجامعات الغربية.
كذلك من المُرجح أن يُوقف “ظريف” إمداد “روسيا” بالطائرات بدون طيار الإيرانية، ويسعى لإجراء مفاوضات مباشرة مع “الولايات المتحدة”، ليس فقط بشأن برنامج “إيران” النووي وإنهاء العقوبات، ولكن بشأن إعادة فتح قنصلية أميركية في “طهران”؛ لأول مرة منذ أربعة عقود.
كما ستتم دعوة شركات الطاقة الغربية، للعودة إلى عطاءات العقود.
أما على المستوى الداخلي، فسيُحاول “ظريف” تهدئة المحتجين، من خلال إلغاء قيود الملبّس التي فرضها نظام الملالي على النساء، كما سيتعهد بإجراء استفتاء، حول إذا ما كان ينبغي أن تظل “إيران” جمهورية إسلامية.
ونتيجة لكل ذلك، ستُعلن وسائل الإعلام الغربية أن “ظريف”؛ هو: “غورباتشوف” جديد.
04 – محاكمة وإعدام رموز النظام الإيراني..
سيكون الإيرانيون أقل تسامحًا، ولن يرغب الكثيرون في التفاوض مع المدافعين عن النظام القديم؛ إذ سيهتفون: “للمحاكمة”؛ فيما يواصل المتظاهرون التجمع في الشارع.
أما بالنسبة لبعض الذين حاولوا التفاوض مع الإصلاحيين، بمن فيهم؛ “محمد قاليباف”، رئيس “مجلس الشورى”، فسيُجبرون على الإدلاء باعترافات علنية.
ولفت التقرير إلى أنه حتى بعد أن تخلى؛ “رئيسي”، عن عمله كقاضٍ حكم على الآلاف بالإعدام في أواخر الثمانينيات، سيظل العديد من الإيرانيين يُطالبون بقتله.
خارج العاصمة، ستتم ملاحقة رجال الدين، وفي بعض الحالات، قد يُستباح قتلهم، هم والنساء اللواتي يرتدين الـ (شادور-Chador)؛ اللباس الإيراني التقليدي الشبيه بالعباءة.
قهر المعارضة..
في مقابل السيناريو المتفائل القاضي بإسقاط النظام؛ يذهب التقرير إلى أن السيناريو الآخر سيكون القضاء على المعارضة وإطلاق النظام عمليات عسكرية خارجية في المحيط الإقليمي، لتوحيد الداخل والقضاء على النزعات الانفصالية؛ وذلك كما يلي:
01 – ترسُّخ النظام والقضاء على المعارضة..
يتخيل المتشائمون سيناريو مختلفًا تمامًا؛ فبعد شهور من التردد، سيُرسل النظام الإيراني قواته للتعامل مع المعارضة، وسوف يصل عدد القتلى إلى الآلاف.
ومن ثم، ستضعف الصفوف. من ناحية أخرى، ستؤجج الانتفاضات الانفصالية في “كُردستان وبلوشستان”، المخاوف من عدم الاستقرار وحتى من اندلاع حرب أهلية؛ ما يُزيد المخاوف بشأن تغيير النظام.
وبعد فترة من الهدوء المؤقت في فرض الحجاب الإلزامي، من أجل استعادة الهدوء، ستعود “شرطة الأخلاق” للانتقام.
وفي سبيل إنهاء سنوات من عدم اليقين، سيُعلن “خامنئي” المنتصر، أن ابنه: “مجتبى” خليفةٍ له.
02 – إطلاق عمليات عسكرية إقليمية متعددة..
وفقًا للسيناريو المتشائم؛ سيمتد أثر حملة القمع تلك إلى الخارج أيضًا؛ إذ سيُطلق النظام سلسلة من العمليات العسكرية الإقليمية لصرف الانتباه عن المعارضة الداخلية، وتعزيز الوحدة ضد الأعداء الأجانب.
ويمكن أن تشمل تلك الأهداف العسكرية، عمليات توغل على الحدود داخل “أذربيجان”، مُتهمًا إياها بإيواء شبكات استخبارات إسرائيلية، جنبًا إلى جنب مع إشتعال القتال حول حقول “النفط”؛ في جنوب “العراق”؛ إذ تُسيطر الميليشيات الموالية لـ”إيران”، أو قد يتم إطلاق صواريخ على “تل أبيب” أو خطوط الأنابيب السعودية أو الأسطول الأميركي الخامس في “البحرين”.
وفي نهاية المطاف، سيرتفع سعر برميل “النفط” لما فوق: 200 دولار.
غياب الوسطية..
وختامًا؛ أوضح التقرير أن الكثيرين سوف يرغبون في إيجاد طريق وسط، لكن بالنظر إلى الاستقطاب الإيراني، سيكون المتشددون من كلا الجانبين أبعد عن ذلك التدرج والوسطية.
وأيًا كان المنتصر، فإن الرجال المسلحين سيكونون هم الضحية، إما كأوصياء لـ”الثورة الإسلامية”، أو العلمانية.