صور تغطي العراق تستعيد “القائد البطل” و”رجل الدين المقدس”

  صور تغطي العراق تستعيد “القائد البطل” و”رجل الدين المقدس”

كتب مشرق عباس : يعتبر القيادي البارز في “حزب الدعوة” حسن السنيد  ان نشر صور رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في الشوارع ونقاط التفتيش والمؤسسات الرسمية والعسكرية “تسيء اليه” .. ويرى ان ثقافة نشر الصور “اصبحت ثقافة قديمة”.
  تلك التصريحات التي ادلى بها السنيد الى شبكة الاعلام العراقي الرسمية، في 4 شباط (فبراير) كانت غامضة وملتبسة، لانها حاولت التهرب من تسمية الظواهر باسمائها،  ففي الاساس ان نشر الصور لرئيس الحكومة داخل مؤسسات رسمية هو اجراء غير قانوني، كما ان ثقافة نشر صور الزعيم السياسي تنتمي الى “اصول دكتاتورية” … وهذا ماتجنب القيادي الذي ينحدر من خلفية ثقافية وادبية الاشارة اليه.
من حسن الحظ ان السنيد تجنب ايضاً الحديث عن عدم مسؤولية الحكومة عن ظاهرة توزيع صور رئيسها منذ سنوات في كل مكان تقريباً، والقاء المسؤولية مثلاً على “محبين” و”انصار” يروق لهم نشر صور كبيرة للمالكي في الساحات وغرف الدوائر الرسمية والعسكرية، وفي نقاط التفتيش، او حتى في غرف نومهم!.
والعراقيون يتذكرون جيداً من مرحلة حكم النظام السابق ان الرئيس العراقي صدام حسين كان في المرات النادرة التي تحدث فيها عن نشر تماثيله وصوره خصوصاً من صحافيين اجانب، يجيب بانه ليس مسؤولاً عن هذه الصور وان الشعب الذي يحبه هو من ينشرها.
القضية الاساسية ان المالكي ليس وحده من يوزع صوره في شوارع العراق وساحاته، فالزعماء الدينيين لم يتصرفوا الى اليوم بشكل حقيقي في ازالة صورهم التي تنتشر في كل مكان منذ اكثر من عشر سنوات على رغم اعلان بعضهم رفضهم لنشر تلك الصور.
وبالتزامن مع معارك الانبار واقتراب الانتخابات نشر انصار المالكي موجة جديدة من الصور الكبيرة تُظهر الاخير يتقدم مجموعة من الاشخاص من المفترض انهم يمثلون شرائح الشعب العراقي مع عنوان كبير حول القضاء على الارهاب.
وبالطبع فأن الحملات الدعائية للانتخابات لم تبدأ بعد بشكل رسمي وقانوني، ما يحيل كل اجراء من هذا النوع الى اعتباره ترويجاً انتخابياً مبكراً.
يمكن الحديث عن ثقافة مازالت تمتلك حظوراً في الشارع العراقي وفي الاوساط السياسية والحكومية ، تنظر الى رئيس السلطة ليس باعتباره اكبر موظف حكومي مكلف، وانما باعتباره “قائداً” و”بطلاً” و”خارقاً” احياناً … والتوجه الى نشر الصور الكبيرة والتماثيل، و نوع من تكريس وترجمة هذه الثقافة الى واقع معاش.
وفيما نسمع من مقربين من اوساط زعماء دينيين تنتشر صورهم في الشوارع ايضاً مبررات عن طبيعة “التقديس الديني” التي تدفع باتجاه هذه الظاهرة، ويمكن ان نصمت ايضاً دون الكثير من التعليق، عندما نرى صوراً تمجد زعماء دينيين ينتمون في الاساس الى دول اخرى تنتشر في شوارع العراق، فقد يتحول التعرض الى هذه الظاهرة الى جريمة كبيرة على غرار “الجريمة” التي ارتكبتها صحيفة بغدادية “تورطت” يوم 10 فبراير في نشر صورة المرشد الايراني علي خامنئي بشكل بورتريه بالتزامن مع ملف يتحدث عن تاريخ الثورة الاسلامية الايرانية، فاستدعت تنظيم العشرات تظاهرات، واستدعت ايضاً تعرض مقر الصحيفة الى تفجير بعبوة ناسفة، وتهديد رسام الكاريكاتور الذي رسم البورتريه.
السؤال الذي لايجرؤ احد على الاجابة عنه مفاده :”هل تمتلك الدولة العراقية سلطة ازالة البوسترات الكبيرة والصور التي تتوسط الساحات وتغزو الشوارع ويتم تجديدها وصيانتها دورياً؟”.
الاجابة : كلا .. فالدولة لاتمتلك سلطة ازالة صورة واحدة الا فانها سوف تتعرض الى هجمات كتلك التي تعرضت اليها الصحيفة البغدادية!.
المفارقة عندما تسأل مقربين من الحكومة عن الاصرار على نشر صور المالكي في كل مكان، تأتيك الاجابة بالاحالة الى صور الزعماء الدينيين وتتحول الى سؤال اتهامي بدوره : “ولماذا يمنع المالكي من وضع صوره فيما تحتل صور رجال الدين الشوارع؟”.
القضية الاساسية ان الحكومة مسؤولة عن معالجة اي ظاهرة غير قانونية، ربما يغفر لها الجمهور ضمناً عجزها وفق امكاناتها المحدودة عن اثارة بلابل اجتماعية بمنع النشر العشوائي لصور رجال الدين، على رغم ان ذلك من واجباتها، لكن احداً لايمكن ان يغفر للحكومة مشاركتها في مهرجان الصور هذا بداعي المنافسة!.
 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة