5 نوفمبر، 2024 5:41 م
Search
Close this search box.

من سرق “ماطور” المتقاعدين ؟

من سرق “ماطور” المتقاعدين ؟

يحكى والعهدة على الحاكي ان رجلا ضريرا في احدى القرى إعتاد الاستيقاظ فجرا للصلاة بالجامع القريب من منزله. ولكنه يوميا وقبل توجهه الى الجامع يذهب الى ماطور مزرعته لكي يفتحه لسقي مزروعاته. في احد الايام توجه الرجل الضرير الى مكان ماطوره الذي يعرفه جيدا فلم يعثر عليه وبقي يتخبط حتى جاءه مستطرق فاخبره ان ماطوره قد سرق لانه ليس في مكانه. عندها توجه الى المسجد للصلاة. وبما انه جاء متاخرا فلم يجد صفا فارغا يقف فيه للصلاة. وهنا صرخ باعلى صوته .. اذا كانت القرية كلها تصلي في المسجد فمن سرق ماطوري اذن؟ هذه الحكاية تصح الى حد كبير على قانون التقاعد الموحد. فبرغم غياب متحدون واطراف اخرى من القائمة العراقية وبتاييد صريح للقانون من قبل التحالف الكردستاني  فان النصاب قد اكتمل للتصويت على قانون التقاعد وفي مقدمته الفقرة 38 منه الخاصة بالامتيازات لكبار المسؤولين.   
ومكمن المفارقة في هذه القضية ان هناك فتوى للمرجعية الدينية تحث المواطنين على عدم انتخاب النواب الذين صوتوا لصالح هذه الفقرة من القانون. وبما ان الاغلبية العددية داخل الجلسة هي لنواب التحالف الوطني بكتله المختلفة فان القانون او فقرة الامنيازات بالذات ما كان لها ان تمر لولا تصويت الغالبية منهم بنعم. لكن ما نلاحظه الان ان جميعهم ينفون انهم صوتوا. والاعذار مختلفة. فمنهم من يحلف باغلظ الايمان انه قال كلا. ومنهم من اعلن اعتراضه على القانون ومنهم من قال انه كان مريضا ومنهم من على سفر.
الدليل الاوحد الذي من شانه كشف الحقيقة هو  “الصندوق الاسود”  الذي يتضمن اسماء من قالوا نعم اولا والذي هو الان بحوزة رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي. ما يلفت النظر ايضا انه وفي ضوء ما شاهده الناس وفقا للوحة التصويت الالكتروني فان هناك نائبين فقط قالا كلا. وهناك ثمانية امتنعوا عن التصويت وهو ما يعني وفق سياقات المنطق ان القانون حظي باغلبية مريحة. بالمحصلة النهائية فان النواب الاسلاميين في التحالف الوطني سواء من مقلدي المرجعية الدينية او ممن يعلنون دائما الاسترشاد بنصائحها هم الان في حرج كبير امام حواضنهم الانتخابية.  ففي حال تم الكشف عن وقائع الصندوق الاسود فان النواب الذين مرروا القانون هم ليس نواب كتلة التحالف الكردستاني بل هم نواب التحالف الوطني. بل حتى النواب الاكراد لم يحضر منهم وقائع تلك الجلسة سوى 30 نائبا من 58 نائب. مكمن الحرج هنا ان غالبية هؤلاء النواب كانوا قد اعلنوا خلال الشهور الماضية وعبر بيانات وتصريحات ومؤتمرات صحفية وغيرها من الفعاليات والممارسات إنهم ضد الإمتيازات الخاصة باصحاب الدرجات الخاصة. هذا ما كان من امر الاعلام اما على صعيد التصويت الالكتروني فقد ظهرت الحقيقة وفي الوقت بدل الضائع حيث اقتراب موسم الاستحقاق الانتخاي. مفتاح الصندوق الاسود عند النجيفي الذي لايزال ساكتا يتفرج وربما .. يضحك بعبه.

أحدث المقالات

أحدث المقالات