23 ديسمبر، 2024 8:04 م

ليرمنتوف … بطل زمانه

ليرمنتوف … بطل زمانه

عام 1980 في الاداب جامعة بغداد . قرأ علينا الاستاذ ضياء نافع , نحن طلبة المرحلة الاولى في الادب الروسي . مقطعا من قصيدة وصفها أنها هزت أركان المجتمع الروسي , لشاعر يعد مغمورا في مجتمع ما زال يئن تحت وطأة نظام القنانة والامبراطورية القيصرية , ولقصر عمر الشاعر الادبي والشعري .ما زال أنتشاره محدودا وعلى نطاق قلة قليلة من الادباء والمتابعين , لكن قصيدته هي التي عرفت روسيا على بكرة أبيها باسم الشاعر ونتاجاته ومواقفه وسيرته الذاتية .لكن نحن طلبة القسم الروسي عرفنا عليه الاستاذ ضياء نافع من قراءة قصيدته بعنوان  ………..                                                         
 . .
موت شاعر ….
         سقط الشاعر عبدأ للشرف .
سقط وكان مفتريء عليه .
بافتراءات خبيثة .
كتب الشاعر ميخائيل ليرمنتوف , هذه القصيدة لموت شاعر روسيا الكبير ألكسندر بوشكين في مبارزة مبهمة عام 1837. كانت أنذاك سائدة في تقاليد وأعراف المجتمع الروسي لعبة المبارزة … مما أودت بحياة العديد من أدباء ومشاهير روسيا , ولم تكن تخلى من دوافع سياسية لتصفية هؤلاء البشر المبدعيين والسائرين على خطى قيم الانسانية  .. والشاعر ليرمنتوف نفسه راح ضحية مبارزة سخيفة . ما زالت عالقة في ذهني ألية قراءة القصيدة من قبل الاستاذ ضياء  وروح التفاعل مع روح القصيدة والحدث وتراجيدته . قرأهاعلينا باسلوبه الهاديء والمعبر عن مرحلة تاريخية كاملة . أنتشر خبر موته كالنار في الهشيم في عموم روسيا بموت الشاعر بوشكين من خلال قصيدة ليرمنتوف , الذي لقب بشاعر القوقاز  .. مما وضع في حسابات سلطة القياصرة , ونفيه الى القوقاز وهناك تعرف على الديسمبريين ومشاريعهم وأنتفاضتهم 1825 .ولد ميخائيل ليرمنتوف في 15 أكتوبر 1814 وتوفي في 27 يوليو 1841 في عائلة تعد من طبقة النبلاء وفي الثالث من عمره توفيت أمه , فاحتضنته جدته من أمه ولقي أهتماما خاصا في التربية والاهتمام شرط أن لا يتدخل والده في تربيته , وأرسل الى جامعة موسكو , وهنا بالذات بدأ بكتابة الشعر والقراءة , وكانت أول قصائده ( الشيطان ) في عام 1829 . لكنه لم يوفق في دراسته أو ربما لم تلبي طموحاته , والتي بدأت تتفجر في وقت مبكر من عمره فتركها غير نادما , وألتحق بالمدرسة العسكرية ليتخرج منها ضابطا في صفوف الحرس الامبراطوري عام 1834 . هنا بدأت مرحلة مهمة وجديدة في حياة ليرمنتوف على كافة الاصعدة والميادين في مواكبته للحياة السياسية والثقافية وتطوراتها ورسم لنفسه خطا مغايرا له في الدفاع عن المثل الروسية والجانب الانساني من خلال قصائده ومسرحياته  , مما وضعته السلطات في حساباتها للتخلص منه  , فدبرت له مبارزة مع أبن السفير الفرنسي , فنكل بابن السفير .. مما أجبر السلطات على نفيه الى جبال القوقاز مرة أخرى , بدلا من أن يقوم القيصر نيقولاي الاول بتثمينه لانه أبلى بلاءا حسنا في ساحة المعركة . عاد بعدها من القوقاز الى العاصمة بطرسبورغ بفضل مساعي جدته وشفاعة الشاعر فاسيلي جوكوفسكي .. وهنا تعرف على مجموعة من طبقة النبلاء والادباء والمتنورين  .. وعمل في مجلة المذكرات الوطنية .
رغم قصر عمر سيرته الادبية والتي لا تتعدى الى 13 عاما من عمره الذي لم يعبر الى 27 عاما .. كتب العديد من القصائد .. أسير القوقاز .. الخريف .. الشراع .. النبي …  ومجموعة شعرية تطول , كما كتب مسرحيتي حفلة تنكرية والشقيقان . وتوج أعماله برواية بطل زماننا أو بطل من هذا الزمان .. كما ترجمت الى العربية على يد الكاتب والدبلوماسي السوري سامي الدروبي . دخل من خلال روايته هذه تاريخ الادب الروسي من اوسع أبوابه كشاعر لامع ومؤلف مسرحي .
الناقد الديمقراطي بيلينسكي .. يصف رحيله بالخسارة الكبيرة والمؤثرة في الحركة الشعرية الروسية بعدما كان يعد خليفة للشاعر بوشكين ووريثا له بعد الشاعر ديرجافين . بالاضافة الى مملكة الشعر عند الشاعر ليرمنتوف . كان يجيد الرسم والعزف على البيانو وعلى الكمان .
نيكيتا خروشوف رئيس الدولة والحزب في الاتحاد السوفيتي في مطلع الستينيات .. تسأل بتعجب… كيف ولماذا لم يكن لهذا الشاعر تمثالا في البلد ؟؟ . فامر بنصب تمثالا له في ضواحي موسكو , وهو الذي ساهم في ترسيخ القيم الوطنية والانسانية والابداعية في تاريخ روسيا من خلال قصائده وأعماله الادبية , والتي مازلت مؤثرة على مسيرة الادب والشعر والحياة ليس على روسيا وحدها وانما على مسيرة الادب العالمي والانساني  .