“آرمان ملي” الإيرانية : استعادة الثقة الشعبية مقدمة للإصلاح والتغيير !

“آرمان ملي” الإيرانية : استعادة الثقة الشعبية مقدمة للإصلاح والتغيير !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

كانت الأجواء المجتمعية مشحونة بالتوتر؛ خلال الشهرين الماضيين، ويعتقد الكثير من الخبراء أن السبب هو تراكم المطالب الشعبية دون استجابة. في حين يواجه المجتمع الإيراني؛ وفق آخرون، نوعًا من تغيير الرؤى والأجيال، واختلاف المطالب عن الأجيال القديمة، ومن ثم يبحثون عن لغة مشتركة للتواصل مع السلطة وتلبية متطلباتهم.

ووفق قراءة خبراء علم الاجتماع، لم يُعد بمقدور السلطة إجابة مطالب الجيل الحالي بنفس طريقة التعامل مع الأجيال السابقة؛ حيث يتطلب الأمر نوعًا من الحوار التفاعلي والتبادلي؛ بحسب التقرير التحليلي الذي أعده “حميد شجاعي”، ونشرته صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية الإصلاحية.

كيفية إدارة حوار مجتمعي..

وإذا نتحدث عن الحوار مع المجتمع، فإن أول وأهم مكونات هذا الحوار هو الاعتراف الرسمي بالطرف المقابل وقبول آراءه ومعتقداته، قبل التفكير في إجراء حوار مؤثر ومثمر.

لكن يبدو أن هناك فجوة بين المجتمع والحكومة في بعض المجالات، لذلك حين يطرح الحديث عن الحوار يقول بعض الخبراء إن الوقت قد تأخر.

صحيح أن بعض المسؤولين تحدث عن ضرورة إصلاح مسار الأمور في الدولة، وهو أمرٍ محمود يُثير التفاؤل، لكن يبدو أن علينا في البداية إحصاء المطالب المجتمعية، ثم الإصلاح والتغيير وفق هذه المطالب وفي إطار الدستور والعُّرف.

والمقطوع به أن الشعب حاليًا لا يبدو متفائلًا بما يجري في المجتمع؛ بعد انعدام الثقة في بعض المسؤولين، وينظر إلى المستقبل بعين الريبة والشك. لذلك يجب البدء بالإجراءات المؤثرة والإيجابية لاستعادة الثقة المجتمعية، ثم التفكير في إصلاح المجتمع.

إما أن نصنع المستقبل أو سيُصنع تلقائيًا..

يقول “إبراهيم فياض”؛ عالم الاجتماع، تعقيبًا على جذور الاحتجاجات الأخيرة: “نحن نواجه بدون تنظير مأزق وصدمة. ونحن نرى يوميًا من يخرج ويُطالب بتشدد قوافل الأخلاق، أو تجريم كل من تدخل إلى المصرف بدون حجاب، إلى غير ذلك من التصريحات المشابهة. هكذا قالوا وهذه الحوادث تحتاج فقط إلى الكبريت الذي تمثل في وفاة السيدة؛ مهسا أميني. وبذلك دخلنا في مسألة متشابكة؛ وهو ما يعني تبلور حالة من النقاش العميق تجاه أي شيء، وأن كل شيء سوف يكتسب أبعادًا إعلامية، سواءً في مجال الفكر أو السياسية، أو علم الجمال أو السلطة وغيرها، ولذلك أنا أتنبأ أن يبلغ التنظير المحلي ذروته مستقبلًا على كل المستويات”.

موضحًا: “وبنظرة عامة فقد تقدمنا على نحو يجعل من كل شيء مشكلة شخصية. بعبارة أخرى مهما كانت المشكلة اجتماعية تجد من يربطها بالسياسة بحيث تكتسب صبغة سياسية في حين أن المشكلة بالفعل اجتماعية وليست سياسية”.

وأضاف تعليقًا على دور وسائل الإعلام والفضاء الإلكتروني في ظل هذه الأوضاع: “التكنولوجيا الرقمية تُغير الهيكل الإيراني والعالمي يوميًا. ولدينا حاليًا مصطلح مركب باسم: (الفضاء المجازي)، ونحن نقول باستمرار هذا فضاء مجازي بينما هو حقيقي، وفي الواقع هو التكنولوجيا الرقمية. هذه التكنولوجيا تُغّير الأجواء بقوة لأنها تجعل كل شيء رخيص ومتاح بسرعة وسهولة، وهو ما يعني أن حياتنا سوف تتغير في المستقبل القريب”.

وعن المستقبل السياسي والاجتماعي الإيراني؛ يقول: “الأحداث الأخيرة تسببت في صدمة للكثيرين. وهذه الصدمة لا تقتصر على المواطن العادي الموجود في الشارع فقط، وإنما يتواجد بعض أفراد الحركات الاجتماعية والفكرية في الشارع كذلك. ولا بديل للسلطة عن التماهي مع المطالب؛ لأن الصدمة حقيقية. وعلى كل حال إما أن نصنع المستقبل بأنفسنا أو يُصنع لنا. وصناعة المستقبل تتطلب العلم والرؤية والفكرة، لكن للأسف نحن لا نستفيد من العلم الموجود على الإنترنت. نحن للأسف بصدد الانتقال الممتزج بالعنف إلى المستقبل. ولو لم نصنع مستقبلنا بهدوء فسوف يُصنع مستقبلنا مصحوبًا بالعنف”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة