فقراء البصرة يكابدون شظف العيش : وطن ماحصلنا منه شيئا!

فقراء البصرة يكابدون شظف العيش : وطن ماحصلنا منه شيئا!

تسكن إيمان محمد منذ سنوات مع خمسة من أبنائها السبعة في دوبة (عبارة) بحرية قديمة يعلوها الصدأ رابضة على شاطيء ممر شط العرب المائي في مدينة البصرة بجنوب العراق.
عائلة إيمان محمد واحدة من عائلات كثيرة تعاني شظف العيش وتعيش بلا مأوى في البصرة رغم الثروة النفطية الضخمة في المنطقة.
كانت إيمان (53 عاما) حتى قبل ثلاث سنوات تقيم في مسكن بالإيجار في حي فقير بغرب المدينة لكن زوجها توفي فلم تستطع دفع الإيجار وتركت المنزل وأقامت في العبارة البحرية الصدئة على الشاطيء المقابل لأحد قصور الرئيس السابق صدام حسين.
وقالت إيمان “قاعدة هنا بالدوبة (عبارة) مقابلة القصور هذه وأهل الخير. قاعدة أشوف وأعاين وأتمنى أكون أصير مثل العالم. وهذه البصرة أم الخير.. أم النفط واحنا تعبانين هم بيها. وطن تعبانين بيه. ما حصلنا شي من عندها.”
وتعمل إيمان مع أكبر أبنائها في صيد الأسماك من شط لعرب لتعول الأسرة منذ وفاة زوجها. وتذهب الأرملة إلى السوق مرة كل ثلاثة أو أربعة أيام لتبيع ما صادته وتعود بما بين 30 ألف و40 ألف دينار (25 و30 دولار) تشتري بها طعاما لأسرتها.
وقالت “مر علينا برد ومر علينا جوع. بس مثل ما نقول إيش نسوي. قلت لك أقوم.. أكل.. ما أقوم.. ما أكل. هذه بعد شغلتي وغيرها ما أعرف. شغلتي. أنا أقول لك. أطلع الصبح وأرجع العصر للبيت. أجمع السمكات مال ثلاثة أيام.. مال أربعة أيام.. وأروح بهم للسوق أبيعهم.”
وقالت المرأة إنها تسكن في قمرة صغيرة في باطن العبارة البحرية مع أبنائها الخمسة. وأضافت “والله العظيم بالليل هذه الحديدة تصير شلون قالب مال ثلج والله العظيم وهيج هذولي الجهال (الأطفال) ينصرون تحتها من البرد وأنا بالليل أتلمس بهم. ياهو النائم.. ياهو القاعد. وبالصيف بعد حديد.. تدري حديد وسموم تدك علينا. بس كلها تحملناها. إيش نسوي بعد.”
ويصدر من البصرة قرابة 80 في المئة من إنتاج النفط العراقي الذي يعتمد عليه اقتصاد البلد. لكن كثيرا من العراقيين لا يستفيدون بعد من ثروة بلدهم النفطية الضخمة بعد 11 عاما من الغزو الأجنبي الذي أطاح بصدام حسين وبعد العقوبات الدولية التي ظلت مفروضة على العراق عشرات السنين.
وتقول إيمان محمد إنها وأبنائها يعيشون على الكفاف.
وقالت “عندي خمس أولاد واثنين بنات. ما يوم درسوا حد. حرامات.. حتى الناس قاعدين يلوموني. ليش جهالك مو بالمدرسة. أقول ما أقدر. أنا عشت هذه العيشة بعد شلون أدخل المدرسة اللي يدخل المدرسة يريد ملابس ويريد.. يعني.. يريد يقول مثلا يطلعون الولد يكون لابس.. تكرم حذاء زينة.. لابس ملابس زينة.. أنا ما أقدر عليها. أيام العيد.. عيد أدبرهم.. وعيد ما أدبرهم. صعب علي. عيد أجيب لهم وعيد ما أقدر أجيب هدوم. يقومون يبكون إذا شافوا الجهال لابسين.”
وأبرم العراق مجموعة عقود مع شركات النفط العالمية الكبرى لتطوير حقول الخام. لكن حتى بعد أن قررت الحكومة المركزية نخصيص دولار عن كل برميل من النفط يحري تصديره لمحافظة البصرة ما زال كثيرون مثل إيمان محمد يعيشون في فقر مدقع.
وقالت إيمان محمد “الوقت تغير والبصرة تغيرت والأحوال كلها تغيرت وأنا ما تغير عندي شيء. وأقول بيني وبين نفسي أقول له يارب العالمين عبالي (تخيلت) من تجي سنة أصير أحسن من السنة القديمة. وأنا أظل على نفس الحالة. إيش أسوي بعد. الحمد لله.”
وطرحت حكومة بغداد في نهاية العام الماضي خطة خمسية اقتصادية تتوقع زيادة إنتاج العراق من النفط بنسبة 13 في المئة في المتوسط سنويا وتراجع معدل الفقر من 19 في المئة عام 2012 إلى 16 في المئة بحلول عام 2017.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة