17 نوفمبر، 2024 9:25 م
Search
Close this search box.

الشعب الذي يعيد انتخاب اللصوص لا يستحق الحياة

الشعب الذي يعيد انتخاب اللصوص لا يستحق الحياة

كانت أنظار الشعب العراقي مشدودة قبل سقوط النظام الديكتاتوري المجرم , إلى ما يسّمى في حينها بأحزاب المعارضة العراقية , في إقامة نظام ديمقراطي بديل يعيد بناء شخصية الإنسان العراقي اليائسة والمحّطمة بسبب حروب النظام الديكتاتوري العبثية والحصار الاقتصادي الجائر وسياسات النظام القمعية والدموية , وحينها كان الشعب يتطلع لقيام نظام مدني ديمقراطي قائم على اساس المواطنة وتحكمه مؤسسات ديمقراطية قائمة على أساس القانون , لكنّ هذه التطلعات و الأماني التي حلم بها الجميع , سرعان ما تبّخرت وتلاشت , لتحلّ محلها الشعارات الطائفية و القومية في عملية غسيل ممنهجة للعقل الجمعي العراقي , شاركت بها أحزاب سياسية ومؤسسات دينية مهدّت الطريق لما يسمى بأحزاب الإسلام السياسي التي أحكمت قبضتها على مقاليد الأمور في البلد , لتقدم أسوء وأفسد نموذج للإدارة في تأريخ العراق السياسي الحديث .

وشعوب العالم قد مرّت بمحن وأزمات وكبوات مختلفة , لكنّ الإرادة الوطنية والصلبة لهذه الشعوب وتحمّلها  الصعاب قد خفف كثيرا من تبعات هذه المحن والأزمات والكبوات , ومحنة العراقيين اليوم هي في هذه الأحزاب التي سيطرت على مقاليد الأمور في العراق بأسم الإسلام , وهي في الحقيقة أقرب للعصابات المافيوية منها إلى الأحزاب السياسية , فأحزاب الإسلام السياسي في العراق لم تقدّم للعراقيين سوى برامج الفساد والتزوير والنهب المنّظم للمال العام والثراء على حساب الشعب المنهك والمتعب من الديكتاتورية التي حكمته لخمس وثلاثون عاما , وهذا الكلام ليس موّجها لحزب سياسي دون آخر أو لمذهب دون آخر , فأحزاب الإسلام السياسي برّمتها الشيعية منها والسنّية , فاسدة ولصوصية بامتياز , وجميعها تشترك بصفات الكذب والخداع والنفاق والفساد ونهبها للمال العام .

والكرة الآن في ملعب الشعب العراقي , فهو الوحيد القادر على إجراء التغيير , وهو الوحيد القادر على إزاحة هذه الطغمة اللصوصية الفاسدة والمنافقة , من خلال رفضهم وعدم إعادة انتخاب كتلهم وأحزابهم الفاسدة , وأعتقد جازما أنّ تجربة العشر سنوات الماضية كافية لاستلهام الدروس والعبر من هذه التجربة المأساوية , فليس من المعقول أن يدرك الآخرون أسباب معاناتنا ومسبباتها , ونحن لم نشّخص هذه الأسباب حتى هذه اللحظة , وما نشرته صحيفة الديلي ميل البريطانية في تقرير لها بأنّ مجلس النوّاب العراقي هو أفسد مؤسسة في التأريخ , هو الحقيقة بعينها , فهل من المعقول أنّ الشعب العراقي سيعيد انتخاب أحزاب هذه المؤسسة الفاسدة ؟ .

أنا واثق أنّ الشعب العراقي يدرك تماما الخطأ التاريخي الذي وقع فيه بانجراره وراء شعارات هذه الأحزاب الكاذبة والمخادعة , وواثق أيضا إنّه سيذهب هذه المرّة للانتخابات من أجل التغيير والثورة على الفساد والتخلف والطائفية المقيتة , ولا بديل عن التغيير , فالتحالف الذي ادّعى أنّه وطنيا أثبت بالأدلة والبراهين أنّه تحالفا لصوصيا وبعيد كل البعد عن الوطنية , وعودة هذا التحالف لا سامح الله للحكم من جديد , هو انتحار للشعب العراقي وليس انتخاب , والشعب الذي يعيد انتخاب اللصوص هو شعب ميت ولا يستحق الحياة .

أحدث المقالات