17 نوفمبر، 2024 9:55 م
Search
Close this search box.

العراقيون بين مطرقة المالكي وسندان القاعدة

العراقيون بين مطرقة المالكي وسندان القاعدة

لعل السؤال المطروح الان بشدة في الشارع العراقي هو هل ضاع العراق وبات اندثار خمسة الاف عام من الحضارة مسالة وقت لااكثر ؟ الجواب للاسف الشديد نعم لم يكن يخطر في بالي ان اكون صريحا كما لحظة كتابة هذه السطور فقد سبق ضياع الوطن العراقي  تمزيق الهوية الوطنية العراقية وتفتيت النسيج الاجتماعي لهذا البلد العريق فاختفت مفردة الشعب العراقي وحلت محلها مفردات طارئة (الشيعة – السنة – الاكراد ) لتكون تلك هي البداية الحقيقية لسيناريو التقسيم المنتظر .وهل فقد الشعب العراقي زمام المبادرة للدفاع عن بلده ضد هذا المشروع ؟ الجواب ايضا نعم حيث غيب الوعي الجماعي للعراقيون بامور شتى تبدا بالطائفية وتمر بالامن المفقود وانتهاءا بالخدمات المعدومة ففقد المجتمع قدرته على انجاب الزعامات الوطنية والعشائرية والدينية التي تستطيع ان تقف في وجه تسونامي الطائفية الذي يجتاح الشرق الاوسط وكان الغزو الامريكي للعراق عام 2003 هو المحرك الفعلي له . تبدوا هذه الاسئلة واجاباتها نظرية ولكنها مؤيدة بحجج قوية من الواقع على الارض .
فوسط  استمرار موجة الارهاب الدامي الذي يضرب العراق يبدو المشهد في بلاد الرافدين قاتما وتكاد تكون الانتخابات القادمة ومشروع الولاية الثالثة لرئيس الوزراء المالكي وازمة الانبار هما الحدثان الابرز على الساحة العراقية وهما ايضا سيغيران من المعادلة الداخلية للوضع العراقي فاصرار السيد رئيس الوزراء على ترشحه لولاية ثالثة يبدو بشكل جدي احد اهم اسباب الازمة العراقية خصوصا ان الرجل الذي حكم البلاد طوال 8 سنوات حفلت بالارهاب المنظم والفساد الرهيب والاقصاء للشركاء السياسيين يبدوا في نظر اغلب العراقيين غير قادر على ادارة زمام الامور في البلاد بسبب  جملة من السياسات الخاطئة التي قادت العراق الى وضعه المزري الحالي فقد تفاقمت معدلات الفساد في عهده دون رقيب او حساب و عجز السيد المالكي عن استثمار النجاح الامريكي المتمثل بمشروع الصحوات والذي ادى الى انحسار نفوذ القاعدة بسبب سياساته الطائفية ضد العراقيون السنة لتعود القاعدة من جديد مستغلة ضعف الدولة العراقية والاحداث الدامية في سوريا المجاورة فبات البلد في حالة انهيار امني شامل يرافقه عجز حكومي واضح بينما كرس الرجل جهوده لبسط هيمنته ونفوذه هو وحزبه واقصاء خصومه السياسيين شيعة كانوا او سنة او كردا والاستحواذ على كل مقاليد السلطة (الجيش – الشرطة – المخابرات – القضاء – الاعلام – البنك المركزي   ) وفي ظل هذه الاجواء المشحونة جاءت اعتصامات ابناء الطائفة السنية في العراق للمطالبة بحقوقهم المشروعة وماصاحبها من احداث كمجزرة الحويجة لتزيد الطين بله ولتعزز المفهوم السائد لدى العراقيون بان الرجل غير مناسب ولامؤهل لحكم دولة كبرى ذات تاثير كالعراق فتم التعامل مع الحركة الاحتجاجية بلامبالاة المعهودة وتراشق الاتهامات بين رئيس الوزراء وخصومه السياسيين فبدل الاستجابة للمطالب المشروعة التي اقر فيها هو بنفسه ظل الرجل يكيل التهم والاوصاف الجاهزة بالبعثية والعمالة لكل صوت معارض وصولا الى ازمة الانبار الاخيرة التي قد تفجر شرارة حرب اهلية حقيقية اذا لم يتم تداركها بادراك ان ليس كل من رفع السلاح ضد الدولة هو من تنظيم داعش الارهابي وانما هناك عشائر ومواطنين لهم مطالب يجب ان تنفذ  وان وضع العملية السياسية في العراق بحاجة للاصلاح يكون تعديل الدستور عنوانه الاساسي وانهاء نظام المحاصصة الطائفية اساس كل البلاء العراقي وكرس معاودة داعش لنشاطها بشكل علني عمق الماساة العراقية ليقع المطالبين بالتغيير من النخب وشيوخ العشائر ناهيك عن المواطن العادي بين فكي كماشة ظلم الحكومة وارهاب داعش يبدو الخروج منه صعبا لكنه ليس مستحيلا ان الطريق لحل الازمة العراقية ليس سحريا او مستحيلا لكنه مقرون بتوفر الارادة السياسية الصادقة والوعي الشعبي خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات فتعديل الدستور وانهاء نظام المحاصصة ووقف سياسات الاقصاء والتهميش وان تكون المواطنة العراقية هي الاساس واعادة الموظفين العسكرين والمدنيين لوظائفهم ممن لم تتلطخ ايديهم بدماء العراقيين واجراء حوار مجتمعي حقيقي يفضي الى مصالحة وطنية شاملة تعيد لنا وطن اسمه العراق وعاصمته بغداد .

أحدث المقالات