مع كتابات.. رنوة سامي نصير: الشعر هو الرئة التي أتنفس منها هذا العالم

مع كتابات.. رنوة سامي نصير: الشعر هو الرئة التي أتنفس منها هذا العالم

 

 

خاص: حاورتها- سماح عادل

“رنوة سامي نصير” شاعرة سورية، تعيش في ألمانيا. صدر لها مجموعة شعرية بعنوان “أبجدية العشق”.

كان لي معها هذا الحوار الشيق:

* ماذا يمثل الشعر بالنسبة لك؟

– الشعر فن من فنون الأدب, له غاية وهدفه كشف العورات, الشعر هو ذاك الكائن الذي يتمتع بكل مايحتويه هذا الكون من قضايا إنسانية وجمالية، هو اللحظة التي نقف فيها عاريين تماماً مع ذواتنا, متصالحين مع مساحة اللاوعي التي تتبلور فيها أسمى حالات الشّعر, هو طرح رؤية يُراد بها حث القارئ على الإستقصاء والبحث بإسلوب مدهش كأن يجعل المتلّقي يرى نفسه داخل النص أو أنه هو من كتبه, باختصار هو الرئة التي أتنفس منها هذا العالم.

* كيف هي صورة الرجل في شعرك؟

– الرجل هو من المؤثرين جداً في إلهام العقل الباطني لكتابة القصيدة, والكثير من الأحيان أميل إلى الرمزية في الكتابة عنه, وهنا يأتي دور القارئ وما يتمتع به من حس معرفي وأدبي في الكشف عن المقصود.

* هل يعبر شعرك عن لحظات من انهزام الذات في العالم الواقعي؟

– مفردة إنهزام قد تكون فضفاضة نوعاً ما أمام من يكتب الشعر, وهذا الأمر لا يدفعني أن أنكر ما نمر به من ظروف تجعل ذواتنا تائهة في لحظة ما ليأتي دور الشعر الداعم لتلك الذات، لنراها لاحقا تحلّق على جناحين من الشعر.

* هل تشعرين بالحنين إلى الوطن وهل يظهر ذلك في نصوصك؟

– جميعنا يشعر بالحنين إلى وطنه وأنا أرى أمي ذاك الوطن المفقود, الوطن بالنسبة لي ليس قطعة أرض بل أعمق بكثير, الوطن عاطفة وذكريات,

وأماكن وأحبّة نشعر معهم بالأمان ومن خلال كل ما ذكر نعي وجودنا, هذا الوجود هو الوطن الذي نبحث عنه والذي يتجلّى أيضاً في بعض النصوص التي أكتبها.

* هل واجهتك صعوبات في النشر وما رأيك في النشر التجاري؟

– نعم أواجه جداً بعض الصعوبات وأولّها ماديّا, وثانيها أن هناك دور نشر تقوم بطبع مؤلف ما لكنها في الوقت نفسه غير مسؤولة عن النشر والتوزيع, إذاً المعادلة لا تجني ثمارها لأن التوزيع والنشر من وجهة نظري أهم خطوة على دار النشر أن تكون مسؤولة عنها ولهذا السبب أراني في مكاني مازلت أحلم, أما عن النشر التجاري أراه مجحفاً لدار النشر ولصاحب العمل لأنه يقضي على العمل قبل ولادته للعامة.

* ما تقييمك لحال الثقافة في سورية وهل يدعم الكاتبات؟

– أنا بعيدة عن الأجواء الخاصة بحال الثقافة في سوريا كوني في الخارج منذ زمنن لكن أظن أن للحرب دور كبير إلى جانب الظروف التي أفرزتها الأحداث في عدم وصول المثقف للتطلعات المنشودة وهذا ينطبق على الفن والأدب بكل تجلياته, والمرأة بشكل عام كاتبة كانت أو عاملة لا أحد يدعمها إلّا نفسها لذلك ترى صعوبات كثيرة تمنعها من أن تظهر في المقدمة للأسف, والحديث هنا يطول.

إلى جانب أن هنالك الكثير من الدراسات التي تؤكد نظرة المجتمعات إلى الأدب النسوي نظرة دونية لاتضاهي الرجل أبداً.

* هل خبا نجم الشعر في مقابل السرد وخاصة الرواية التي أصبحت رائجة تجاريا وعلى مستوى القراء؟

– لا أظن, الكل يلعب في ملعبه والشعر مازال مقابل الرواية, لم يتأثر أحدهما بالآخر سلباً, لا على العكس تماماً.

* هل وسائل التواصل الاجتماعي توفر لك التواصل مع قراء عرب وتواصل مع الوسط الثقافي العربي؟

– وسائل التواصل الاجتماعي كان لها الفضل الأكبر على تعريف القارئ بما أكتبه, كانت النافذة الوحيدة لتظهر كتاباتي على الملأ أمام شاشة صغيرة يراها معظم الناس، ومن هنا كانت نقطة الانطلاق حيث كانت ساحة الشعر كبيرة من خلالها تعرفت على كبار الشعراء الذين لهم الفضل الكبير على مثابرتي وتوجيهي بالشكل الصحيح, كما زودوني بكمّ معرفي هائل من خلال إرسالهم لي بعض العناوين لأهم الكتب كي أقرأها وحتى الآن مازلت أكنّ لهم كل الاحترام مع الكثير من الود والشكر الكبير.

* هل تتفاعلين ثقافيا في ألمانيا أم تجدين صعوبات في ذلك؟

– سنحت لي الفرصة هنا كوني في بلد أوروبي يحتوي كم هائل من الجاليات السورية والعربية التي تهتم بالأدب والفن بكل أنواعه, أن أتواجد أيضاً في عدة روابط أدبية, أقمنا من خلالها عدة نشاطات أدبية على مستوى ألمانيا وشارك فيها الكثير من المبدعين والمبدعات من بلادنا وسجلت صدى لا بأس به. هنا في ألمانيا يشجعون كل من يقوم بمنتدى أدبي أو إبداعي, لذا لم يكن لدينا أية صعوبات أو بروتوكولات لايمكن القيام بها.

* هل توجد اختلافات بين الكتابة لدى النساء وبين الكتابة لدى الرجال في رأيك، وما هي ملامح هذه الاختلافات؟

– الإختلاف أبداً ليس على أساس الجنس بل هناك اختلاف بين كاتب وكاتب أو بين كاتبة وكاتبة أخرى وذلك الإختلاف قائم على تقييم النص ومدى رداءته أو جودته بين كلّ منهما.

إنما هناك نقطة يجب أن نكون واعيين أمامها كل الوعي, وهي أن مساحة الحرية للرجل تسمح له بما لاتسمح به للمرأة وهذا الأمر لا يعطي الأحقية للرجل بأن له الحصة الأكبر في التقييم على أنه الأعمق.

*ماهو رأيك في مصطلح “الأدب النسوي” وهل تسعين في أدبك إلى الدفاع عن قضايا المرأة وحقوقها وكشف التمييز الواقع على المرأة في المجتمع؟

– لا أميل كثيراً إلى هذا المصطلح أو هذه الخصوصية في التسمية فهناك مفكرين يدافعون عن المرأة وهم رجال, قضايا المرأة موجودة في نصوصي نراها  ترثي حالها مرات وأخرى تثور. نعم أحث المرأة على التمرد على ذاتها المقهورة.

أما بالنسبة للأدب النسوي  قرأت كثيراً عن الأدب النسوي الغربي, لكني لم أقرأ مكونات أدبية نسائية في الشعر أو من الممكن أن تكون موجودة وأنا من غفل عنها. لا أعلم.

زيادة على ذلك هنالك الكثير من الدراسات التي تؤكد نظرة المجتمعات إلى الأدب النسوي نظرة دونية لاتضاهي الرجل أبداً ولهذه النظرة دورها في إرهاق النص النسوي وعدم دعمه ليطفو على السطح.

* هل تخافين من الكتابة بجرأة، وتشعرين أن هناك رقيب داخلي يمنعك من تجاوز القيود التي يضعها المجتمع والتقاليد؟

– نعم, بسبب تواجد رقابة لكنها رقابة واعية همّها الكشف عن حالات إنسانية مكبوتة جعلتني لا أتوانى عن إطلاق العنان لكل أفكاري, وبسبب تواجدي في بلد أوروبي أنعم عليّ بمساحة لابأس بها من الحرية التي طالما كنت أتطلع لها, جعلتني أكتب خارج حدود المألوف, نعم هنا تجاوزت كل القيود والأعراف حتى انصهرت في هذا العالم الذي لا استطيع أن أنكر كم كان له دور كبير في جعلي  أكثر جرأة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة