وكالات – كتابات :
نشر موقع (فورين بوليسي) مقالاً للصحافي؛ “بول هوكينوس”، بعنوان: “الجنوب العالمي سئم من لعب دور مستر نايس غاي”، بتاريخ 24 تشرين أول/أكتوبر 2022، يُشير فيه إلى أنه في الفترة من: 06 إلى: 18 تشرين ثان/نوفمبر 2022، سيكون ممثلو البلدان النامية في العالم في مدينة “شرم الشيخ”؛ بـ”مصر”، لحضور “مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ”؛ لعام 2022، الذي يُشار إليه بشكلٍ أكثر شيوعًا باسم: (COP27)، مع هدف مركزي واحد على جدول أعمالهم الجماعي، وهو أن تتحمل الدول الغنية الأضرار التي يتسبب فيها تغير المناخ على دول الجنوب، في شكل الفيضانات، وارتفاع لمنسوب البحار، وموت الحيوانات البرية وأخيرًا الجفاف.
تأثيرات مدمرة..
يُشير المقال إلى أن دول الجنوب العالمي ساهمت بشكلٍ ضئيل في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومع ذلك تتحمل وطأة تأثيرها بشكلٍ أكبر، وهو ما يمكن استعراض أبرز مؤشراته، بحسب المقال؛ وذلك على النحو التالي:
01 – تضرر كبير لـ”باكستان” من جراء الفيضانات..
أدت الفيضانات؛ في “باكستان”، هذا الصيف إلى قتل: 1700 شخص وتشريد: 08 ملايين وتدمير: 1.7 مليون منزل.
وتُقدر الحكومة الباكستانية الخسائر بما بين: 30 و35 مليار دولار. كما تسبب ارتفاع منسوب المياه غير المسبوق في دمار واسع النطاق للمزارع والجسور والسكك الحديدية والطرق والبنية التحتية الأخرى، بما في ذلك المدارس والمستشفيات. واليوم، لا يزال مئات الآلاف من الناس يعيشون في الخيام.
وتُشير الدراسات إلى أن تغير المناخ: “من المحتمل أن يؤدي إلى زيادة هطول الأمطار الموسمية الشديدة في باكستان”، وسيستمر ذلك مع اقتراب الزيادة في درجات الحرارة من درجتَين مئويتَين.
02 – أسوأ موجات الجفاف والجوع بـ”إفريقيا” منذ عقود..
بحسب المقال الأميركي، تُعَد “إفريقيا” القارة الأكثر عرضةً لأزمة المناخ وفقًا لـ”الأمم المتحدة”؛ فقد شهدت للعام الرابع على التوالي هطول أمطار دون المتوسط؛ ما أدى إلى واحدة من أسوأ موجات الجفاف في “شرق إفريقيا” منذ عقود.
وفي “إثيوبيا والصومال وكينيا”، عانى: 18 مليونًا من الجوع الشديد.
03 – مساهمة دول الجنوب بشكلٍ أقل في تغير المناخ..
يُشير المقال إلى أن البلدان النامية تشعر بالاستياء؛ لأنها ساهمت تاريخيًا بشكلٍ ضئيل فقط في العمليات التي أدت إلى إنهيار المناخ.
وفي الوقت الحاضر، تُساهم كل “إفريقيا” بنسبة: 4% فقط من انبعاثات الكربون العالمية. وبالنسبة للفرد، يُصّدر الفرد الكيني العادي: 0.33 طن فقط من “ثاني أكسيد الكربون”.
فيما تبلغ حصة “باكستان” من الانبعاثات العالمية: 0.5% فقط، ويبلغ نصيب الفرد من الانبعاثات: 0.9 طن. وفي المقابل، تشترك “الولايات المتحدة” بنسبة: 14% من الانبعاثات العالمية، وتبلغ الانبعاثات لكل مواطن أميركي: 15.5 طن.
وتاريخيًا، فإن “الولايات المتحدة” مسؤولة عن: 25% من الانبعاثات التاريخية. فيما تبلغ نسبة “الاتحاد الأوروبي” و”المملكة المتحدة” معًا: 22%.
وهكذا يرى المقال أن استياء الدول الفقيرة شرعي وعقلاني. وفي هذا السياق، قال “كونرود هانت”؛ من تحالف الدول الجزرية الصغيرة: “إن أراضينا تُساهم بأقل قدر في أزمة المناخ، ومع ذلك فإننا ندفع الثمن النهائي لانبعاثات الكربون في عالمنا”.
04 – فشل دول الجنوب في التعامل مع أزمة المناخ..
صرح “سليم الحق”؛ مدير “المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية”؛ في “بنغلاديش”، لمجلة (فورين بوليسي)؛ بأن دول الجنوب فشلت في تجنب تغير المناخ، وفي تقليل آثاره؛ لذلك من الضروري الآن التعامل معه، وأضاف: “إذا لم يحدث هذا في مصر، فإن عملية مؤتمر (COP) بأكملها ستُصبح غير ذات صلة، بصرف النظر عن غرضها المعلن”.
أجندة الجنوب..
يُشير المقال الأميركي؛ إلى تعدد أهداف مؤتمر (COP27)، لكن الهدف المركزي على أجندات دول الجنوب المشارِكة في المؤتمر، هي تحميل الدول المتقدمة الأضرار التي يتسبب فيها تغير المناخ بحق الدول النامية؛ وذلك على النحو التالي:
01 – الضغط للحصول على تعويضات من الدول الكبرى..
يُشير المقال إلى أن التركيز الرئيس لمؤتمر المناخ القادم ينصبُّ على إحراز تقدم كبير في قدرات التخفيف والتكيف. ولسنوات حتى الآن، سعت البلدان الفقيرة في جنوب الكرة الأرضية للحصول على تعويضات من الدول المتقدمة عن التداعيات الإنسانية والمادية لتغير المناخ؛ فقد جاهدت من أجل الاعتراف بالانتصاف باعتباره الركيزة الثالثة للمفاوضات بجانب التخفيف والتكيف؛ ولكن من دون جدوى حتى الآن.
ويرى المقال أنه من الناحية الأخلاقية، فإن منطق دول الجنوب محكم؛ وذلك بالنظر إلى مساهماتها الضعيفة في انبعاثات الكربون، مقابل تأثرها الكبير بآثار تغير المناخ. ومن ثم، تُمّلي العدالة المناخية أن الباعثات التاريخية يجب أن تكون مسؤولة عن الأضرار.
ومن ناحية أخرى، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة؛ “أنطونيو غوتيريش”، خلال هذا العام، بفكرة التعويضات باعتبارها: “مسألة أساسية تتعلق بالعدالة المناخية والتضامن والثقة الدوليَّين”، مضيفًا أن: “الملوثين يجب أن يدفعوا الثمن”؛ لأن: “البلدان الضعيفة تحتاج إلى إجراءات هادفة”.
02 – حث الدول الكبرى على تخفيف آثار أزمة المناخ..
أكدت وزيرة المناخ الباكستانية؛ “شيري رحمن”، لصحيفة (الغارديان) البريطانية، أن هناك الكثير من الخسائر والأضرار مع القليل جدًا من التعويضات للبلدان التي ساهمت بقدر ضئيل في البصمة الكربونية العالمية، كما شددت على أن الدول النامية بحاجة إلى الضغط بشدة لإعادة ضبط الأهداف؛ لأن تغير المناخ يتسارع بشكلٍ أسرع بكثير مما كان متوقعًا.
03 – دفع الدول المتقدمة للاعتراف بمسؤوليتها التاريخية..
يرى المقال أنه لم تأتِ البلدان النامية إلى مؤتمر الأطراف وهي تأخذ التعويضات فقط في الاعتبار، بل لتوسيع جدول أعمال (COP27) من خلال إنشاء وسيلة تفصِّل الخسائر والأضرار؛ فعلى الرغم من أنها تُطالب أيضًا بوجود مجموعة منفصلة من الأموال لمعالجة التكاليف التاريخية، فإن ما تريده أولاً هو الاعتراف بمبدأ المسؤولية.
في هذا الإطار؛ قال الباحث “ليان شالاتيك”، من مؤسسة (هاينريش بول) الألمانية: “ما هو مهم بالنسبة للبلدان النامية، هو وجود أموال إضافية من خلال مرفق للخسائر والأضرار لدعم التخفيف والتكيف الذي تقدمه البلدان المتقدمة بالفعل”.
آمال مستبعدة..
بحسب المقال، لم يتمكن الجنوب العالمي؛ في السابق، من تحويل مطالبات التعويض إلى جزء دائم من عملية المناخ في “الأمم المتحدة”.
ويتوقع المقال أن يستمر ذلك في مؤتمر (COP27)؛ وذلك في ضوء الاعتبارات التالية:
01 – خوف الدول المتقدمة من تحميلها المسؤولية القانونية عن أزمة المناخ..
يؤكد المقال أنه لا تخشى “الولايات المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي” شيئًا أكثر من تحميلهما المسؤولية القانونية عن مساهماتهما التاريخية في أزمة المناخ.
وتُقدِّر إحدى الدراسات؛ أنه بحلول عام 2030، تتطلب البلدان النامية: 290 – 580 مليار دولار في شكل: “أضرار متبقية” سنوية؛ أي الأضرار الناجمة عن تغير المناخ التي لا يمكن منعها من خلال تدابير التكيف.
02 – مقاومة “واشنطن” مناقشة قضية تعويضات تداعيات أزمة المناخ..
على عكس حكومتي: “أسكتلندا” و”بلجيكا” – ومؤخرًا “الدنمارك” و”ألمانيا “- المنفتحتين على مناقشة التعويضات، يؤكد المقال أن “الولايات المتحدة” تُقاوم ذلك؛ إذ يقول مبعوث “الولايات المتحدة” للمناخ؛ “جون كيري”، إن مفاوضات المناخ يجب أن تتطلع إلى الأمام، وتنفق الطاقة والأموال على عمليات إزالة الكربون، بينما تُساعد البلدان الأقل ثراءً على التكيف بأفضل ما يمكن مع الظروف المتغيرة.
فيما يقول “شالاتيك”، من مؤسسة (بول)؛ إنه: “إذا لم تلتزم البلدان المتقدمة بتمويل الخسائر والأضرار، فقد تحتاج البلدان الفقيرة إلى بعض إلتزامات التمويل الأخرى بشأن التكيف؛ لإظهار جهود حسن النية ولمنع فشل (COP27)”.
03 – رفض الدول النامية تحقيق أهداف المناخ دون الحصول على تعويضات مالية..
يعتقد المقال أنه في حالة حدوث الأسوأ، قد ترفض البلدان الفقيرة المشاركة في تحقيق أهداف المناخ؛ ما يُعرِّض للخطر التقدم في القضايا الرئيسة المتمثلة في إعادة تنشيط الأهداف المناخية الوطنية، وإعادة ضبط أهداف خفض الانبعاثات لعام 2030؛ تماشيًا مع هدف “قمة باريس” 2015؛ المتمثل في الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة دون: 1.5 درجة مئوية.
وفي هذا الإطار، يرى “شالاتيك”؛ أنه لا يمكن أن يُتوقع من البلدان الأفقر رفع مستوى إلتزاماتها المتعلقة بالانبعاثات دون زيادة كبيرة في الدعم المالي.
ختامًا؛ يُشير المقال إلى أنه على الرغم من الضرورة الأخلاقية، فإن آمال دول الجنوب في إضفاء الطابع المؤسسي فعليًا على سلة تمويل أخرى محكوم عليها بالفشل، حتى لو وجدت طريقها إلى جدول الأعمال؛ ففي عام 2009، إلتزمت البلدان الغنية بتعبئة: 100 مليار دولار سنويًا للبلدان النامية لدفع تكاليف تدابير المناخ، لكنها لم تلتزم بذلك.
أما في عام 2020، فقد اقتربت البلدان المتقدمة من تحقيق هدفها في تعبئة ما بين: 21 و83 مليار دولار لتمويل المناخ في الجنوب العالمي.