خاص: حاورتها- سماح عادل
“فدوى سعد” كاتبة سودانية، صدر لها مؤخرا رواية “جدارية العاج” والتي نالت اعجاب العديد من القراء، وتناولت العلاقات الإنسانية المتشابكة في السودان.
كان لي معها هذا الحوار الشيق:
* متى بدأ شغفك بالكتابة وهل وجدت الدعم من الأسرة؟
– البيئة القارئة أولى ركائز الدعم التي تتوفر لطفل داخل محيطة الأسري المحدود. رؤية والدين تقلب أصابعهم صفحات الكتب والمجلات اعتقد أنها بداية الشغف بلون، حجم ورائحة للحبر والورق. لتغرس قيمة الصداقة الصامتة الهادئة بين الكتاب والإنسان. وهذا مانشأت عليه مكتبه فكرية للوالد الأستاذ “سعد أحمد يوسف” ومكتبة مجتمعية تثقيفية (روايات ومجلات) خاصة بوالدتي العزيزة “نعمات عمر الطيب”، هذه الخلطة خلقت وكونت شغفي بالكتابة من الصف السادس الابتدائي كمحاولات كتابية في دفاتر اللغة العربية. ووجدت الاستحسان من قبل المعلمين وخاصة الأستاذة “سمية الهادي” كأول مشجع حيث طلبت مني قراءة موضوع الانشاء على زميلاتي في الفصل بصوت مرتفع.
أسرتي هم أول القراء وأساس الداعمين لي في مسيرتي الكتابية، من تشجيع لمراجعة المسودات معي ثم النقد والتعليق. جميع حالاتي الكتابية بأمزجتها المختلفة وماتصاحبها من مزاجيه كتابية وصمت تجد التقدير والدعم والتفهم بحب وتشجيع.
* في روايتك “جدارية العاج” اهتميت بالعلاقات الإنسانية أكثر من رصد أحداث وتفاصيل الثورة السودانية. حدثينا عن ذلك؟
– من خلال كتابتى النقدية دوما أتوقف في هل الكاتب استغل الحدث ليكتب روايته؟ هل أعطى الحدث حقه؟ هل كان موثق أم مؤلف روائي؟ الثورة السودانية تعمقت وتجذرت داخل الروح السودانية تناولتها داخل “جدارية العاج” بقيمتها المجتمعية الأخلاقية (الصدق، المشاركة والتعاون) كقيم إنسانية سودانية أصيلة، كما اسلفتي “جدارية العاج” رواية إنسانية تخاطب الذات والنفس البشرية بكل اختلاجتها واضطراباتها .
* في روايتك “جدارية العاج” كان الموت لطيفا وغير مرعب، والموتى ينظرون إلى ذويهم ويشتاقون إليهم ويراقبوهم احكي لنا؟
– موت (منير) فجائي خلق الفجيعة وغير المسار الحدثي للرواية لم يكن الهدف أن تكون حبكة الموت لطيفة أوغير ذلك لكن هل كانت متوقعة؟ هل خلقت دهشة؟ هل تركت أثر عند القارى إيجابي أو سلبي؟
اختفاء المعز الذي كان من (مفقودي فض الاعتصام) وأحاديث البرزخ وتلاقي الأرواح وإن اختلفت حتمية النهايات هى سلوى تلجأ لها القلوب المفجوعة بالفقد سماع ومحادثة، وفي بعض الأحيان اشتمام روائح من فقدوا لتخفف من ثكل القلوب، لذا أحست القارئة الجميلة والصحفية سماح عادل به لطيفا.
* في روايتك “جدارية العاج” لما جاءت الثورة على الهامش رغم أهميتها حتى في مجرى الأحداث؟
– نحن نتعامل مع عدد من أنواع القراء فنجد القارئ الحدثي الذي يرى أن تسليط الضوء يجب أن يكون بسرد مفصل توثيقي، مرجعيته أن الأدب مرآة المجتمع، ومنهم من يرى أن الاختزال في تسليط الضوء أكثر دهشة. رواية “جدارية العاج” خاطبت القيم الثورية وحب الوطن إنسان ومكان وتكاتف.
* هل أحدثت الثورة السودانية تغييرا كبيرا وما توقعاتك بشأنها؟
– الانفتاح الكتابي في جميع ضروب الكتابة، كان أول منجزات الثورة السودانية واختفاء قانون عدم إجازة الكتب والمؤلفات. الآن نمتلك الحرية الكتابية دون الارتياب من المصنفات الأدبية. الثورة السودانية غير خاضعة لمقاييس التوقعات هى روح جديدة سكنت الأرض والإنسان السوداني، التغيير نبض يسري ليكتمل التعافي بإذن الله.
* هل واجهتك صعوبات في النشر وماهي هذه الصعوبات؟
– الصعوبات المادية دوما هي ماتقف في وجه الكاتب وسياسات دور النشر بتحمل الكاتب لجميع النفقات أخر من صدور “جدارية العاج” قليلا، وبعدها كان التعامل سهل ومنضبط مع دار النشر التى صدرت منها في السودان.
* هل تجدين مشاكل في حضور فاعليات ثقافية في الوسط الثقافي في بلدك بسبب كونك امرأة؟
– نعم التزامي كأم لثلاثة أطفال وموظفة دولة يصعب علي إيجاد وقت لحضور فعاليات ثقافية، هو أمر صعب جدا ويتطلب ترتيب لكن وسائل التواصل ومنصات وغرف الزووم منحتنا فرص حضور مشاركة الفعاليات ونحن بين ابنائنا.
* ما تقييمك لحال الثقافة في بلدك وهل يدعم الكتاب والكاتبات؟
– جميع الحال الثقافي في المحيط الاقليمي يعاني خاصة مع محاولة التوازن بين ضغط الحياة المعيشي والإنتاج الأدبي، وأيضا من سيطرة المؤسسات الشمولية ذات التوجه النمطي القح. وكذلك الترهل والرتابة داخل دور الثقافة الحكومية جعلها تدور في دائرة عتيقة او مأدلجة. الكاتب أصبح داعم لنفسه مع رفقته وأصدقائه والأجهزة الافتراضية التي تعمل كشريك أصيل في النشر والانتشار. لكن نشهد للحركة النقدية الطوعية من قبل كتاب وأدباء سودانيين في منصات وورش نقد الرواية والقصة السودانية في خلق روح وحياة في الوسط الثقافي السوداني.
* هل توجد اختلافات بين الكتابة لدى النساء وبين الكتابة لدى الرجال في رأيك، وما هي ملامح هذه الاختلافات؟
– الاختلاف يرجع لنمط الطرق الكتابية والتناول فنجد فترة طويلة من الزمان إن الكتابات النسوية قوامها القصص المجتمعية متمثلة في العادات والتقاليد. المعروف أن للمرأة مقدرة عالية على الحكي. الآن نجد أن الكتابات النسوية خرجت لأطر مختلفة جدا مشبعة بالخيال وجودة السرد.
* ماهو رأيك في مصطلح “الأدب النسوي” وهل تسعين في أدبك إلى الدفاع عن قضايا المرأة وحقوقها وكشف التمييز الواقع على المرأة في المجتمع؟
– نعم هى مصطلحات متداولة لكن أكتب حسب الحالة الكتابية التي تتقمصني من غير وضع خطة ما أو إطار لحصر العمل الكتابي في مؤسسية (نسوية، ذكورية) فالعمل الجيد يظل. مثلا إذا تم حجب أسماء الكتاب وقدمت الكتب لقراء ستتم القراءة بحرية دون إسقاط الترسبات المجتمعية لأحكام على الكتابة النسائية أو الذكورية .التجويد والمواكبة المجتمعية وأنماط السرد والطرق الكتابية تنتج إنتاج أدبي لا يهم من كاتبه بقدر الاهتمام بجودة محتواه والفائدة العامة وتقدم الحركة الأدبية والثقافية.
* هل تخافين من الكتابة بجرأة، وتشعرين أن هناك رقيب داخلي يمنعك من تجاوز القيود التي يضعها المجتمع والتقاليد؟
– كما أسلفت بعد ثورة ديسمبر المجيدة حدث تحول في إمكانية التقبل لكل مايكتب سلبا أو إيجابا. الإنسان البشري قابل للتغيير. الجدال من إشارات لفت النظر لما كان مسيطر ومسلم به. أما بالنسبة للرقيب الداخلى يغذية فكر الكاتب واتجاهاته المعرفية ونظرته تجاه مسئولية الكاتب نحو المجتمع وتجاه مسئولية الكاتب نحو المجتمع وهو أمر نسبي. الكتابة تعنى الحرية دون قيود.
* هل في رأيك يواكب النقد غزارة الإنتاج وهل يحتفي بإنتاج الكاتبات؟
– بدأ الإنتاج غزيرا جدا والإعلام والانتشار محدود وهنا نجد الفجوة معاناة للجميع كتاب وكاتبات. الكاتب يعمل على تسليط الضوء على منتجة بنفسه مع أصدقائه أو الصدفة. وهنا أحب أن أشكر ملتقي السرد العربي بقيادة د. “حسام عقل” والكاتبة الجميلة “عزة عز الدين”. كانت صدفة وتنسيق جميل من العزيزة “عز الدين” بإقامة ندوة ل”جدارية العاج” وأنا في رحلة علاجيه للقاهرة. الصدفة لعبت دور كبير هنا فكانت الندوة التى أعطتني الفرح والحب، أم الدنيا ستظل الأمل السعيد لكل دول الإقليم.