أتعلم ما هو أكثر جزء يضج بالحياة في أجزائي كلها… هي أصابعي عندما تشرع في كتابة رسائلي تلك….
أشعر عندها إنها الوحيدة التي تخرج من تلك القوقعة التي أنا فيها منعزلاً عن الضوء والوجوه….
لا أعلم لما كانت رسالتك الأخيرة تفوح منها رائحة البحر والقهوة ! هل كتبتها من شرفتك المقابلة له؟ هل كان البحر هادئً ككلماتك؟…أستطيع تخيلك عندما ترتب الأحرف المكتوبة على الورق الهائج بفعل الرياح الآتية من الموج…كما أستطيع أن أقرأ عادتك عندما تنسى قهوتك حتى بردت وتستشيط غضباً من نسيانك….
أعلم إن رسائلي تصلك وهي مكتضة بالأحاديث الطويلة وإنني أشعرك بحجم الكلمات التي تخرج من موقد قلمي وتهطل إليك كالسيل بلا مظلات توقيك هذا الهطول الكثيف…
سألتني في رسالتك الأخيرة هل أفكر في السفر إلى فلورنسا !؟…كنت أود أن أسير نحو ذاك المقهى الصباحي على جانبي الرصيف المبلل بنكهة الشتاءات الباردة في منتصف شهر كانون الجليدي وأجلس في ذاك المقعد المطل على الخارج وأحتسي فنجانك وأبخرة القهوة تعانق برودة المكان….. ولكن لا لن أكون متواجدة هناك رغم إغراء صفير القطارات….
كنت أود أن أسأل لماذا يختبئ أوريس في منتصف الكتب التي نستعيرها من أدراج المكتبات؟..
هل يمكن أن تكون الزهور شاهداً على نزيف أحاديثنا؟ …..
هل يمكن أن تكون البتلات هي أحرف سقطت سهواً لتواري خيبات كتاباتنا؟….