سماحة السيد صالح السيد مهدي السيد باقر الحكيم في رسالته إلى #الدكتور_صاحب_الحكيم
، المنشورة في ترجمته ، في الجزء الرابع 4 من ( موسوعة عن قتل و اضطهاد مراجع الدين و علماء و طلاب الحوزة الدينية لشيعة بلد المقابر الجماعية ” العراق” ) و التي نصها :
” بسم الله الرحمن الرحيم
العزيز الفاضل الدكتور السيد صاحب الحكيم دام توفيقه ..
ليس بمقدوري ان اكتب اليكم دون ان اعبر عن مدى شوقي و تلهفي لرؤياكم و خصوصا ً حين أتطلع للشمس في كوبنهاكن و اتذكر انها قد رافقتنا في اطلالتها الصيف الماضي و نحن بخدمتكم و قد حلمت انها سوف تستهويكم في صيفها الجميل هذا و لكن ما رجاء محقق بالتمني و حياة محدودة بالتواني فلك كل حبي و اشواقي اوزعها بينك و بين من تحب في لندن العلوية الفاضلة و الاخت الكاملة ام علي و الشموس علي و هادي و المنتظر داموا لك و دمت لهم.
سيدي الكريم اعتذر لبطء استجابتي لطلبكم بالكتابة و ذلك لعدم توفر الوقت حيث الكتابة للأحبة تحتاج الجو الهاديء الذي لا يعكر صفوه الكدر و كنت ابحث عن ذلك في دفاتر ايامي و ليالي فلم اجد و لكن اتصالكم بالهاتف صباح هذا اليوم دفعني للكتابة دون مراجعة الزمن سائلا ً المولى العزيز ان ينجح مقاصدكم الخيرة و يرعى غرسكم بلطف عنايته .
ايها العزيز اسمي الكامل كما هو معروف لكم صالح مهدي باقر الحكيم.
ولدت في 18/1/1959 حيث قدر لي ان اكون الولد البكر للشهيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد السعيد السيد مهدي فلم يرزق الوالد بالذرية قبل هذا التاريخ رغم مرور احد عشر سنة على زواجه من العلوية الشهيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدة بنت خاله آية الله السيد حسن الحكيم.
كانت اسرتي تسكن مدينة الكوفة و فيها و في النجف الاشرف الذي لم يكن بينها و بين الكوفة الا بضع كيلومترات قضيت طفولتي و لا زالت اجواء مسجد الكوفة الذي كنت ارتاده مع جدي السيد باقر و كلمات حجة الاسلام و المسلمين السيد موسى بحر العلوم محفورة في ذاكرتي و اضطر والدي للهجرة الى بغداد بعد ان اممت السلطات الحاكمة تجارة الحبوب التي كان والدي و معه الكثير من التجار في الكوفة و النجف يسترزقون من خلالها.
و في بغداد واصلت دراستي في الصف الثالث المتوسط و نهلت من فيض الشهيـــــــــــــــــــــــــــــــد السعيد الشيخ عارف البصري و غيره من علماء الكرادة الشرقية و فيها انفتحت عيناي على مكتبة حسينية الزوية و على الثلة الطاهرة من شباب الكرادة المؤمنين فعشت فرحهم و لهوهم البريء و عشت معهم محنة الكرادة الشرقية حيث تعرضت للحملات الجائرة التي توجها البعث الكافر بإعدامه سماحة الشيخ الجليل عارف البصري و الثلة الطاهرة من اخوانه.
و في الكرادة الشرقية بدأت دراستي للعلوم الإسلامية متزامنة مع انفتاحي و اهتمامي بالقراءات المسرحية و الفلسفية فترعرت في ذلك الجو الإيماني المفعم بعطر الإنفتاح و التحرر.
ثم انتقلت الى الحوزة العلمية في النجف الأشرف لاكمال دراستي و لم اكمل العطلة الصيفية في النجف حتى استدعاني ابي و طلب مني الرجوع الى بغداد و مواصلة دراستي الاكاديمية فيها و قد درست في الفترة القصيرة في النجف الفقه على يد الحجة الشهيــــــــــــــــــــــــــــــد السيد عبد الصاحب نجل آية الله السيد محمد حسين الحكيم و العقائد عند الحجة السيد رياض نجل آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم و المنطق عند الشيخ عبد الرضا النعماني ، و حرصت على قصر المدة التي قضيتها في النجف أن احضر الساعة اليومية عند الشهيــــــــــــــــــــــــــــــد السيد محمد باقر الصدر الذي كان يجيب على اسئلة حضاره و زواره ساعة قبل اذان الظهر فكنت اسجل ما يلقي و بقيت ذاكرتي تسجل عطفه و محبته التي كان يغمر به حضاره.
ثم عدت الى بغداد و كأني على موعد مع آية الله السيد محمد طاهر الحيدري فبدأت ادرس عنده العربية و الفقه و استشف من رحيق لطفه و كرم اخلاقه فقد ترك هذا العملاق آثاره و بصمات من كرم اخلاقه في كياني و بدأت أدرس في اكثر من منطقة في بغداد و اتسع نفوذ الاسلام في صفوف الشباب المثقف و بدأت نشاطتنا الاسلامية تدخل الجامعات في بغداد لتغمر طلاب الجامعة و طالباتها فقد مارست التدريس لطلاب الجامعة و مجموعة من طالبات جامعة المستنصرية و كنا نحرص على التكتم في تلقي الدروس و القائها خشية ً من بطش النظام و خصوصا ً في السنوات الأخيرة أعني 78- 79 حيث احتدم الوطيس و استكلب النظام الحاكم و خصوصا ً بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران و انخرطت انا في صفوف حزب الدعوة الاسلامية ظنا ً مني بان التنظيم هو القناة الوحيدة التي تربطني بالقيادة المرجعية في النجف الأشرف.
و في صيف عام 79 ورد اسمي بالتحقيقات التي تجريها المخابرات العراقية مع بعض المعتقلين و تكرار سؤالهم عني فطلب مسؤولي في حزب الدعوة ان اتخفى او اسافر خارج العراق و قد اتفقت مع جماعة من ابناء الكرادة الشرقية على أن أرسل َ مبعوثا ً عنهم للتحري عن امكانية التدريب على السلاح في لبنان فسافرت متخفيا ً إلى سوريا و منها الى لبنان صيف 1980 و استكمل المهمة التي سافرت من اجلها حتى جاءت الحرب العراقية الايرانية.
و في اسابيعها الاولى داهمت المخابرات العراقية بيت والدي لتسأل عني و قبلها اعتقل مسؤولي في حزب الدعوة و ادلى باعترافات كاملة عني كما اخبرني بعد سنين بعض الناجين من مذبحة النظام و معتقلاته .
ثم تواصلت الأحداث و تعرض منزلنا في بغداد للمداهمة مرة أخرى.
في هذه المرة اعتقلت عائلتي بالكامل
والدي
و والدتي
و اخوتي السيد حميد
و العلوية زينب
و السيد مجيد
و اخي الصغير عادل الذي أطلق سراحه بعد شهرين من اعتقاله.
و بقي أفراد العائلة في عداد المفقوديـــــــــــــــــــــــــــن طيلة السنين الستة عشر الماضية…
و إلى يوم كتابة هذه السطور لم يصلنا منهم اي خبر سوى طلب تعرض احد اقاربي في بغداد حيث طلبت المخابرات العراقية من اقاربي ان ياتي الى دائرة المخابرات ليستلم شهادة وفاة للعائلة و نتيجة لخوفه لم يذهب و لم يستلم اي خبر مكتوب يدل على استشهـــــــــــــــــــــــــــادهم .
غادرت سوريا الى ايران لاستكمال دراستي و استقر بي المقام في قم المقدسة لم ابرحها إلا لفترات التبليغ المتعارفة في حوزة قم او للمساهمة في نشاطات المعارضة العراقية.
و قد زرت الدانمارك نهاية عام 1989 فوجدت المنطقة بحاجة الى مبلغ فبقيت امارس عملي التبليغي في الدانمارك و جنوب السويد ممثلا ً للعديد من مراجع الدين العظام و حاملا ً لهموم قضيتي التي صبغت بلونها الرمادي حياة كل الشرفاء من ابناء العراق الجريح و غرس جرح الوطن في قلوب الكثير منا شجيرات الحقد و براكين الحيرة و طفقنا نرتأي بين ان نصول بيد جذاء او نصبر على طخية عمياء لا يمكننا ان ننفصل عنها او نتبرء منها بشعورنا او باللا شعور و سلوانا و نحن في قلب المحنة ان المؤمن السائر نحو ربه لا يعرف الخسران و ان التجارة مع الحق لا تفتأ تأتي اكلها و ان الزبد لا بد ان يذهب جفاء و اما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
ختاما ً لرسالتي لا انسى ان اشد على يديك و أبارك لك روح الشباب المتجدد فيك و في زوجك العلوية أم علي .
و لا أبالغ في القول اذا ادعيت أني لا انساك في دعائي في كل وقت احتمله في مضان الاجابة و السلام
المخلص
صالح
في السابع من ربيع الثاني 1417 ” .