(( أن العلاقة التي تربط بين الله وعبده هي علاقة اختيارية يختارها العبد له حيث ترك الخالق سبحانه وتعالى العبادة الخالصة الموحدة للعبد طوعية وجعلها اختبارا له في الطاعة والمعصية وجعل حرية الاختيار له بعد ما وضح للعبد الطرق المؤدية له حيث قال سبحانه وتعالى ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ) بعد ما بين له الوسائل الواضحة في الإتباع والأمر متروك للإنسان بعدما أنزل الشرائع والسنن والتعاليم عن طريق الرسل والأنبياء بوحي من الله تعالى وإن كل هذه الشرائع والتعاليم تؤكد على شيئين مهمين أولهما معرفة الله حق معرفته والإيمان به حسب عقليته وتطورها والزمن المعاصر له والمحيط الذي يعيش فيه وثانيا معرفة القيم الحسنة والأعمال الصالحة والعلاقات المؤسسة للمجتمعات الإنسانية التي تتحكم بها الأخلاق التي توصله لله تعالى .
وأن الآية الكريمة ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ) أن كلمة ليعبدون هي من كلمة الأضداد أي تعني الطاعة والمعصية في آن واحد وهي دلالة على حرية الاختيار في الطاعة والمعصية فكل البشر لهم الحرية المطلقة في الاختيار عكس البهائم فأنها مساقة ومأمورة ومذللة لطاعة وخدمة البشر من قبل خالقها وهذا بحد ذاته تكريم لبني البشر في أعطائه العقل بإطار الحرية في ممارسة القيم الحقيقية ضمن التفكير والبحث عن كيفية الوصول إلى معرفة الله تعالى بعقله السليم النقي والبصيرة النافذة والمعرفة بمجريات الأمور وكنه الموجودات من حوله وطريقة استخدام عقله في بناء العلاقات والقيم والمبادئ الخلقية والتعامل الصحيح الإنساني مع بني جنسه في حياته المجتمعية حتى مماته وهي التي توصله إلى مأواه الأبدي وهي الجنة أو النار التي أعدها الله تعالى لبني البشر .ولو أراد الله الطاعة والانقياد المطلق للبشر لخلق الكائنات كلها تأتمر بأوامره ونواهيه بدون عقل وتفكير وجعلهم كالملائكة لغرض التسبيح والتهليل والعبادة لله عز وجل ولو أوصل المسلمون العرب مفهوم الكثير من الآيات القرآنية الواضحة بعيدا عن الأغراض الشخصية والتفسيرات الضيقة وتضافرت وتكاتفت وتكاثفت جهود المفكرين والباحثين ورجال الدين والمنقبين والمنقحين في الكتاب المقدس ( القرآن الكريم ) بطريقة صحيحة بعيدة عن التعصب للعقيدة وكلمة ال ( أنا ) لأصبح العالم برمته تحت راية ونظام الإسلام المحمدي كخاتم للرسالات والأنبياء والعقائد ينهل منه ما يشاء من القيم والمبادئ والعلاقات الإنسانية التي تقيم المجتمع وتسمو به نحو مراد السماء وعلاقات إنسانية تُبنى على المحبة والتسامح والاحترام للقيم والعقل البشري كما جاء في القرآن الكريم ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وكذلك ( خلق الإنسان من علق ..) وهنا تُفسر كلمة علق على أنها جمع كلمة علاقات ( جمع الجمع ) أي مجموعة علاقات التي تجمع بني البشر لكنا الآن نعيش في كنف النظام الإسلامي العالمي ودستوره وعقيدته العالمية بسعادة ومودة وتعاون بعيدا عن المشاكل الدينية والمذهبية على العكس مما أراده الله تعالى من خلقه البشري على أرضه ليعمرها ويبنيها ))