نحكمكم أو نقتلكم سَرديّات هدّامة وأيديولوجيات تبنّتها أنظمة فاشلة وتيارات سياسية قد تكون وسائل تهدف عندهم لِتبرير الغايات، فكان الخَيار الذي لا ثالث له بوجوب الرضوخ لأهون الأمرين إما الإقتناع بالأمر الواقع والإستسلام للذات التي يُريدها هؤلاء أو القتل، وفي كلتا الحالتين فالأمر سيّان، لأن الأولى تعني القتل الرحيم أو البطيء الذي يتسلل بهدوء إلى النفس البشرية، أما الثاني القتل العمد سواء رضيت به أم لا، لأنه في نهايته خاتمة سريعة للنفس البشرية.
لكن سَرديّات شتات المنظومة السياسية في العراق إبتدعت خياراً لايقل غرابة وعجباً عن مبدأ القتل أو الحُكم، وذلك هو خَيار الفوضى أو السُكوت عن الفساد كمن يقول لك “إذا أردت أرنباً فهو لك وكذلك إذا أردت غزالاً فالأرنب من نصيبك” في مُعادلة سياسية غريبة تَفنّن في صياغتها مُخادعين وبارعين في التدليس والغش والنِفاق.
نظرية هجينة ممزوجة بالسُخف وإيجاد التبريرات ومُحاولات إقناع الآخرين لرضوخهم للواقع السياسي أو التسليم به، في مُعادلة حياتية أو وجودية لا تتبّناها حتى شريعة الغاب التي تتوقف عندها في لحظة ما حالة الإنقضاض على الفرائس ولو لفترة لتُعاود الدورة بعد إستراحة، لكن المُعادلة كانت عند هؤلاء مُستمرة ومتواترة بالإنقضاض دون توقف.
المنظومة السياسية التي تُحاول أن تُخيّر شعبها بين الفوضى والسُكوت عن الفساد ربما فاتها أن لِكلا الأمرين نتيجة واحدة تؤدي إلى هدف مؤكد وهو الخراب لأن الأمر في نهاية المطاف سيخرج عن السيطرة والمألوف، فالفساد لايُمكن الإستمرار به إلى ما لا نهاية في حين المؤكد أن حصانته لابد أن يأتي عليها وقت تُرفع عنه، عندما تختلف وتتخالف رؤوس الفساد فيما بينها على السرقات، ولابد في المُحصّلة عند صراع المصالح أن يتحول إلى تنافس مُضني على زعامات الفساد للحصول على أكبر قدر من الغنيمة.
أما الفوضى فيبرز السؤال الأهم وهو..هل غادرت تلك الفوضى بعناوينها المجتمع الساكت عن الفساد؟ وهل غابت الفوضى من المجتمع وهو يعيش حياة الفساد بكل تفاصيلها؟.
في المُحصّلة فإن محاولات التبرير لإيجاد أسباب مُقنعة أو مُبررات تدعو إلى ديمومة النظام السياسي الفاشل لاتعدو كونها حديث عاهر في سوق البغايا، لأنه في النهاية هو مُجرد حديث لايستوفي شروطه حين يُدرك الجميع أن مُقومات هذا السلوك لايُمكن أن تتواجد في هذا السوق، فسواء سكت الجميع عن الفساد أو سمحوا للفوضى فالأمر سيّانٌ للقوم لأنهم في كُل الأحوال تائهون وضائعون في عناوين لإلهائهم وإشغالهم، لكن السُلطة التي تفتعل تلك التبريرات ستكون واهمة لأنها إن برّرت ذلك الفعل بالزمن الماضي أو حتى الحاضر فهو بالتأكيد علامة من علامات سقوطهم المُستقبلية حين لاتجد ماتقنع به، لكنهم حقاً أغبياء وحمقى حين لايُدركون ذلك.