الكتاب اودعه مؤلفه سيرته الذاتية من ولادته حتى اخر مرحلة من مراحل عمله السياسي والعسكري، الا انه لم يكن كما يوحي عنوانه يتناول سيرة حياته الخاصة تماما وانما كان في كثير من الاحيان يسترسل بمواضيع جانبية اخرى يصف فيها جملة مواقف واحداث عاصرها في مجتمعه، وقد يكون له نشاط معين فيها، ويمكن القول ان الكتاب كان جوهره وغايته الاساسية هي البحث في طبيعة نشأة اسرائيل والاشارة الى الاساليب الخبيثة والممارسات العدائية التي انتهجتها ضد العرب فكان يتطرق بوصف دقيق للمعارك التي دارت بين العرب واليهود منذ ان وطأت قدم الاحتلال الاسرائيلي ارض فلسطين واستولى بالقوة على الارض العربية.
جاء كتابه في جزأين، اشتمل كل جزء على اربعة اقسام، ففي الجزء الاول تناول في القسم الاول منه- وعنوانه من النشاط السري الى العلني- الحديث عن نشأته وترعرعه في مجتمع اسرائيلي مستقل مشيرا الى دور والديه في بناء دولة اسرائيل وهما كانا قد رحلا من روسيا، لان شعور داخلي يغمرهما بأن محل اليهود الحقيقي ارض اسرائيل ( ويقصد بها ارض فلسطين )، ويتطرق الى الاعمال التي مارسها والده في حياته مؤكدا دوره في تنظيم ( حركة العمل اليهودية ) ثم يتحدث عن والدته وظروف نشأتها في روسيا وانضمامها الى الحزب الاشتراكي الديمقراطي فاستطاعت ان تهضم الافكار الاشتراكية للشبيبة الروسية.
ويستمر في الحديث عن صباه ومراحل نشأته الاولى فيشير الى انه كان يساعد والدته باعمال الحقل وبعض الاعمال المنزلية الخفيفة، ويتطرق الى مواهبه في الكتابة والرسم، وكان مولعا بالتجوال والسفرات الكشافية، وانه منذ طفولته وجد نفسه ان باماكانه مسايرة العرب ومجاراتهم.
بعد دراسته الابتدائية اكمل الدراسة في مدرسة منظمة النساء الصهيونية العالمية، فكان الطالب الوحيد الذي اتم تعليمه في مدرسة للبنات. وحين بلغ الرابعة عشر من العمر انتظم في صفوف منظمة (الهاغانا) وهي منظمة سرية شكلت بوصفها قوة للدفاع عن اليهود في فلسطين، وفي الثاني والعشرين من عمره عمل بصفة دليل مع القطعات البريطانية الموجودة في فلسطين، وكان يقوم بواجبات الحراسة ثم اوفدته منظمة ( الهاغانا ) للالتحاق بدورة تدريبية لامري الفصائل في المعسكر البريطاني وبعدها قام بالتعليم في دورات آمري الحضائر ومن خلالها حاول بلورة طريقة جديدة في التدريب من ابتكاره الخاص والف كراس عنوانه ( مهنة الميدان ).
وعندما كان ضمن افراد دورية حراسة في مستوطنة يهودية صادف ان مرت بهم احدى دوريات الحدود الاردنية فتم استجوابهم واعتقالهم في قلعة حجرية ضخمة للتحقيق معهم بشأن حيازتهم اسلحة غير مرخصة، فشكلت هيأة محكمة وادعاء للنظر في قضيتهم، فادينوا وحكم عليهم بالسجن لمدة عشر سنوات وخفضت فيما بعد الى خمس سنوات، وظل يتحدث عن ذكرياته وهو في السجن واصفا احوالهم وطبيعة الظروف التي عاشوها والمواقف التي مرت بهم. وبعد انهائه مدة الحكم خرج الى الحياة الفسيحة وهو تواق للعمل فعاد لممارسة مهماته العسكرية مع منظمة (الهاغانا) ثم استدعي لتسلم مهمة قيادة وحدة عسكرية تقوم بواجبات دورية استطلاع في الاراضي السورية، وبسبب صعوبة التعرف على طبيعة المنطقة فقد استعان بعدد من الادلاء العرب، حيث قسم وحدته الى مجموعات صغيرة يصاحبها دليل وانفرد هو مع دليل خاص له باستطلاعاته الخاصة.
استمرت المهمة مدة اسبوع تعَّود فيها افراد الوحدة على السير في الاراضي الوعرة واصبحوا عارفين بطبيعة الارض السورية الممتدة على الحدود، واسند اليهم واجب الاستيلاء على عدد من الجسور المهمة، فتم الاتفاق على موعد الهجوم، ونفذ الواجب بسهولة وبدون رمي اية اطلاقة، لان الجسور كانت امينة وسليمة وخالية من الحراسة ويقع على مقربة من الجسور مخفر للشرطة، ففكر دايان بالاستيلاء عليه فتقدمت مجموعته باتجاهه وكان جنود فرنسيون يحرسونه فتم تبادل النار معهم وجوبهت القوة بنار كثيفة من افرادالمخفر، فطلب دايان تأمين نار الحماية له ولشخص اخر يدعى (مارث) ليقفز على مقربة من المخفر، فقذف دايان قنبلة يدوية على شباك كانت تنطلق منه نيران رشاشة، الا انه اخطأ الهدف، فاعقبها باخرى اصابته مما سهل مهمة تقدم افراد القوة نحو المبنى وتطويقه فتمكنوا من احتلاله واسر الفرنسيين الذين كانوا في داخله وتم الاستيلاء على اسلحة واعتدة وتم استخدامها في مقاومة الهجمات المتوقعة من المفارز الفرنسية، وتوالت التعزيزات الفرنسية فطوقت المبنى واخذ موشي دايان حصته من المقاومة باطلاق النار من رشاشته فجوبه بنيران كثيفة، تناول الناظور ليحدد الموقع الذي تنطلق منه النيران فاصيب ناظور البندقية بطلقة حطمت العدسات والناظور واستقرت في حجر عينه اليسرى ففقد وعيه وارسل الى المستشفى لتلقى العلاج اللازم.
واخذ يتحدث عن معاناته مع آلام الاصابة وقلقه على مستقبله وكيف انه اصبح عاطلا، حتى التقى مدير قسم الخدمات الخاصة في الدائرة السياسية للوكالة اليهودية، وهي السلطة العليا لادارة شؤون اليهود في فلسطين ومن واجباته في هذا القسم اعداد تقارير استخبارات عن فلسطين الى قوات الحلفاء في حالة احتلال الالمان للبلاد، وقد عهدت اليه مهمة تنظيم وادارة شبكة جمع المعلومات واتصالاتها، وتم تقديم خطة مفصلة تقتضي انشاء محطة مركزية في القدس ومحطات ثانوية في مدن اخرى، فوافق البريطانيون عليها، وكان الاسم الرسمي الذي اطلقوه على الشبكة هو (PS) اي (مشروع فلسطين) الا انها كانت تعرف بصورة عامة باسم (شبكة موشي دايان) ومع انها كانت تعمل تحت الادارة البريطانية المباشرة، غير انها بقيت على اتصال وثيق بالهاغانا لان افرادها كافة هم اعضاء في هذه المنطقة.
وفي اواخر عام 1942 سافر الى بغداد وهناك سمع بوجود قافلة من الحافلات تعود الى شركة نقل يهودية استأجرتها القوات البريطانية لتنقل فوجا من الهنود الى بغداد وتجلب فوجا من البريطانيين الى فلسطين فاتصل موشي برئيس سواقي الحافلات وطلب الذهاب معهم بصفة مساعد سائق وتم له ما اراد وحين علم مستشار (الهاغانا) بالخبر طلب منه حمل ثلاث حقائب ملابس مملوءة بالاسلحة لتسليمها الى خلية (الهاغايا) الموجودة في بغداد والتي شكلت لغايتين الاولى لتنظيم الدفاع عن الجالية اليهودية والثانية للتغلب على العقبات التي وضعت بوجه مغادرة اليهود من العراق ودخولهم الى فلسطين.
استغرقت السفرة حوالي ثلاثة ايام وبعد جهود مضنية تم الوصول الى احد المعسكرات البريطانية الواقع خارج بغداد، وقرر دايان التسلل من سياج المعسكر للدخول الى بغداد فاختبأ بين قافلة من الحمير محملة بالمحاصيل الزراعية في طريقها الى اسواق بغداد لاجتياز نقطة التفتيش، وكان يتحين لمقابلة مبعوث (الهاغانا) السري المقيم في احدى فنادق بغداد، فتمكن من الالتقاء به، وتم عقد لقاء مع اعداد من الجالية اليهودية التواقين للسفر الى فلسطين ونقلوا في احدى الحافلات.
وفي عام 1944 استدعاه رئيس (الهاغانا) للحضور الى تل ابيب وعرض عليه الخدمة بصفة ضابط دائمي في مؤسسة الدفاع السرية فاصبح مسؤولا في واجبات الاستخبارات وكان قد التقى مع قادة منظمة (ارغون) الارهابية وعلى راسهم مناحيم بيغن مكبرا فيهم روح التضحية والفداء لقيامهم باعمال انتقامية ارهابية ضد العرب.
في عام 1946 التحق بوفد حزب العمل (ماباي) بصفة مراقب لحضور المؤتمر الصهيوني العالمي الثاني والعشرين الذي انعقد في مدينة (بازل) بسويسرا. وفي يوم 29/ 11/ 1947 اعلن قرار الامم المتحدة بتقسيم فلسطين والذي عده موشي دايان احد الانجازات السياسية العظيمة الذي لعب فيه بن غوريون دورا كبيرا. وبعد رفض الدول العربية لقرار التقسيم بدأت الهجمات العربية تتوالى على المستوطنات اليهودية، وفي حينها كان موشي تواقا لترك عمله في الاستخبارات وتسلم دوراً فعالا في المعارك الجارية، وعلى الفور قام بتشكيل فوج من المغاوير بعد تكليفه من قبل اسحاق زاده احد اعضاء القيادة العليا (للهاغانا).
اما القسم الثاني من الكتاب فجاء تحت عنوان ( الاستقلال 1948- 1952) اذ بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين اعلن عن تأسيس دولة اسرائيل والتي تعرضت لهجوم من قبل الجيش العراقي والسوري واللبناني وارسلت بعض التشكيلات من الاردن ومصر والسعودية تحت القيادة المصرية، فعبرت هذه القوات حدود فلسطين واجتازت المواقع اليهودية، وفي هذه الاثناء كلف تشكيل قوة المغاوير الذي يقوده موشي دايان بالقيام بمهمات خاصة خلف خطوط القوات العربية وقد وصف تفاصيل المعارك التي دارت بين القوات العربية والقوات اليهودية
(الصهيونية ) وكان يتحرك بنشاط لمتابعة الموقف.
وبعد عودته من مهمة في وادي الاردن بدأ بتشكيل فوج آلي واعطى الرقم (89) واريد له ان يكون قوة مغاوير خاصة.
وبعد فترة استدعاء رئيس الوزراء (بن غوريون) وكان راغبا في تكليفه بمهمة قيادة القدس لان قائدها لم يكن حازما ومغامرا بما فيه الكفاية، فرفض ذلك، لانه كان يفضل البقاء امرا لفوج المغاوير وقد كلف هذا الفوج بالقيام بمهمة اختراق نحو النقب الذي كان محاطا بخط دفاعات عسكرية مصرية، وبعد سلسلة من المعارك تم احتلال الهدف المقصود.
وفي يوم 23 تموز 1948 عين قائدا لمنظمة القدس بناء على مؤهلاته القتالية، غير ان نشاطاته الرئيسية تحولت الى سياسة التفاوض مع القادة العرب في القدس فحصل لقاء بين دايان وعبد الله التل الذي كان قائدا لموقع القدس، ويبدو ان دايان قد تأثر تأثيرا بالغا في شخصية التل، لانه كان متفوقا على باقي الضباط والسياسيين العرب الذين سبق ان تعامل معهم، اذ تم معه تأمين وقف اطلاق النار وعقد اتفاقيات ثنائية وتطورت العلاقة بين الاثنين الى ود متبادل وصداقة متينة، وكان اللقاء مع عبد الله التل قد هيأ المجال للتباحث مع عبد الله ملك الاردن، اذ كان التل ممثلا لشخصية الملك في المباحثات للاتفاق على الترتيبات المتعلقة بموضوع العلاقة بين الاردن واسرائيل وحول المواقع المتنازع عليها، واقترح التل قيام الاردن بتسليم الحي اليهودي في القدس الى اسرائيل بتسليم الحي العربي في القدس الى الاردن، ثم تم ترتيب اجتماع ضم دايان والملك عبد الله في 16/ 1/ 1946 للتباحث في بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك .
بعد انتهاء المعارك مع الجانب المصري كانت هناك محاولات للتفاوض مع المصريين وحين سمع الملك عبد الله طلب من الاسرائيليين بأن لا تكون غزة من نصيب المصريين وقال مخاطبا الاسرائيليين: خذوها انتم اعطوها للشيطان ولكن لا تدعوا المصريون يأخذونها.
رقى الى رتبة لواء وعين قائدا للجبهة الجنوبية وقام بسفرة استعراضية تفقد فيها طبيعة المنطقة التي تحت قيادته والتي وصفها بكونها عالما جديدا فكان فسيحا اجرداً جافا كثير الصخور ويختلف عن شمال اسرائيل، وقد وضع برنامج عمل للقيام باجراءات تطوير المنطقة وتأمين مستلزمات دفاعاتها، وقد التحق في اوائل عام 1952 بدورة الضباط الاقدمين في انكلترا، وكان معظم الملتحقين بها من الجيش البريطاني.
بتاريخ 7/ 12/ 1952 عين رئيسا لشعبة العمليات في الاركان العامة، ثم اصبح رئيسا للاركان وكرس جهده لتطوير القابليات القتالية للجيش بوصفها العنصر الجوهري في بقائه، وعمل على تقوية وحدات الجيش على حساب وحدات الخدمات فتم فتح دورات تدريبية للضباط والحاق عدد منهم في الجامعة للدراسة للتزود بشؤون الفكر والمعرفة في مختلف الاختصاصات.
وكان الغرض من تأمين الاجراءات الضرورية لبناء الجيش وتنظيمه هو مواجهة احتمال قيام الحرب والتهيؤ لمنازلة التحدى المصري بعد ان تدفقت الاسلحة السوفيتية على مصر مما جعلها قوة عسكرية هائلة، جعلت عبد الناصر يشعر شعورا عظيما من الثقة بالنفس، وهذا ما كان يخيف اسرائيل وقاداتها وبدأت الاتصالات مع الجانب الفرنسي حول تنسيق العمليات مع اسرائيل ضد مصر الى جانب الخطط البريطانية، وبعد مداولات ومباحثات متعددة تم تهيئة الجو للقيام بعمل عسكري ضد مصر بعد تأميم قناة السويس وكان البريطانيون والفرنسيون يحتاجون الى حجة مسبقة للقيام بعمل عسكري ضد مصر، وقد استمرت الاتصالات مع الجانب الفرنسي والبريطاني من خلال لقاءات واجتماعات كثيرة للوصول الى الصيغة المثلى للبلدء في عملية الهجوم المسلح ضد مصر.
عندما بلغ من العمر احدى واربعين سنة تخلى عن بدلته العسكرية والتحق بالجامعة في كلية العلوم السياسية لدراسة شؤون الشرق الاوسط وبعد سنتين انفتح امامه مجال العمل السياسي، وفي يوم 3/ 11/ 1959 طلب منه الترشيح في انتخابات حزب العمل الاسرائيلي (ماباي) واصبح ممثل الحزب في الكنيست ووزير للزراعة.
وحين ترك منصب منصب وزير الزراعة لجأ الى ممارسة الكتابة الى جانب نشاطاته بوصفه عضوا في الكنيست، فدون كتاباً حول حملة سيناء 1956، وكان قلقا بسبب الاخطار المحدقة باسرائيل ومهتما بقضايا الدفاع والامن، وكان يتوخى الاطلاع على شكل الحرب الحديثة وكيفية استخدام الاسلحة في المعارك، ومن اجل ذلك عين مراسلا حربيا لمتابعة شؤون الحرب الامريكية في فيتنام لتحرير عددا من المقاولات الصحفية، وهذا ما يزوده بخبرة في ميدان النشاط العسكري ليجد نفسه بعد مضي عشرة اشهر امضاها في مشاهدة الحرب وقد عاد الى مركز الشؤون والنشاط العسكري لتوجيه احدى الحملات العسكرية.
ويتابع سرد ذكرياته وعرض سيرة حياته في الجزء الثاني من الكتاب فيتحدث عن الموقف العسكري على جبهة الحدود مع مصر وسوريا متطرقا الى استعدادات مصر وسوريا لشن هجوم كاسح على قوات الاحتلال الاسرائيلي لاستعادة الارض (المغتصبة) في فلسطين، مشيرا الى جملة التحركات والاعمال العسكرية التي سبقت القيام بالهجوم والتي اتخذت طابع المناوشات والفعاليات القتالية المتفرقة لحين اندلاع حرب 5 حزيران 1967 مشيراً الى جملة التداخلات الدولية وطبيعة الموقف السياسي والعسكري لدول اوربا ومنها بريطانيا وفرنسا وموقف الاتحاد السوفيتي السابق.
ويعود موشي دايان مرة اخرى ليتولى منصبا عسكريا فكانت مهمته الاولى رئاسة الاركان، ثم بعد اجتماعات ومداولات كثيرة في مجلس الوزراء ثم تعينه بمنصب وزير الدفاع، وقد بدا نشاطاته في عقد اللقاءات والاجتماعات على الصعيد السياسي والعسكري لغرض التوصل الى اتفاق نهائي لاتخاذ قرار البدء بالهجوم المباغت الذي يؤمن اسلوب المبادأة في دخول الحرب وحسمها لصالح اليهود اذ انه كان يعبر عن مفهومه الاساسي للنصر بان افضل طريقة للنصر هي البدء بالضربة الاولى وهو ما حصل في حرب حزيران.
بعد انتهاء الحرب وهدوء الموقف على محاور القتال كلف دايان بمسؤولية ادارة المناطق المحتلة، وكان الهم الاساسي له موضوع مدينة القدس اذ لا بد من اتخاذ الاجراءات اللازمة لممارسة كل الطوائف لشعائرهم الدينية من دون تدخل اي طرف في شؤون الطرف الاخر، لان العرب المسلمين يرون القدس مدينتهم المقدسة ولا يسمحون باي طائفة دينية اخرى بالدخول اليها، وهذا ما كان يثير نزاعات مستمرة بين المسلمين واليهود ويشكل متاعب حقيقية لسلطة الاحتلال.
رتب موشي دايان عقد اجتماع مع عدد من ممثلي المسلمين للتوصل الى صياغة اتفاق يرسي قاعدة للتفاهم وحل المشاكل لامكان تعايش العرب واليهود في قدس موحدة، فيتحدث عن طبيعة العلاقات التي سادت بين اليهود والعرب ويرى بان اهم اجراء ثوري ومهم هو سياسة (الجسور المفتوحة) متوخياً منها عدم انفصال العرب في المناطق المحتلة عن اخوانهم في العالم العربي وساعدت هذه الخطة على السماح للابناء بالدراسة في الجامعات المصرية والسورية واللبنانية.
ويتحدث عن عقد مؤتمر قمة عربي اكد دعم العرب لمصر والتي تمكنت من اعادة بناء قواتها المسلحة وحصلت على تجهيزات عسكرية هائلة من الاتحاد السوفيتي (السابق) بما امن احتياجاتها من مختلف الاسلحة والاعتدة.
في اوائل كانون الاول 1970 توجه الى واشنطن لمقابلة الرئيس الامريكي نيكسون وكيسنجر مستشار الامن القومي وروجرز وزير الخارجية وميرفن وزير الدفاع وفي لقائه مع القادة الاربعة تم بحث تدخل السوفييت في الحرب وتجديد تجهيز السلاح لاسرائيل واستئناف مفاوضات الوساطة.
ويتابع حديثه عن حرب تشرين 1973 والتدابير التي اتخذتها اسرائيل في مواجهة احتمال قيام تعرض سوري ومصري بعد اكمال الاستعداد للهجوم، وكان هناك قلق في اسرائيل بسبب كون الموقف لا ينسجم مع تركيب الجيش الاسرائيلي وخصائصة وهو مبني على الاحتياط وتعبئتهم المنظمة فالانتقال من المكتب او المزرعة والمعمل الى ساحة القتال خلال 24 ساعة ليس بالامر الهين.
لقد كان هجوم القوات المصرية والسورية في يوم الغفران مباغتة للاسرائيليين وكان دايان يعتقد ان احسن وسيلة لمنع الحرب هي عقد اتفاقية سلام مع مصر، لان هذا يؤدي الى احجام سوريا عن القتال بمفردها، الا ان ذلك كان غير ممكن بسبب اصرار مصر وسوريا على شن هجوم حيث تقوم سوريا باستعادة مرتفعات الجولان وتقوم مصر باستعادة ارض سيناء.
ويواصل حديثه عن مجمل الفعاليات القتالية التي دارت على الجبهتين المصرية والسورية، ويتحدث عن اعداد المقاتلين العرب في حرب تشرين مقارنة بما كانوا عليه في حرب حزيران وكذلك اعداد الاسلحة التي بحوزتهم.
وفي القسم الاخير (الثامن) من الكتاب يشير الى الاحداث التي اعقبت حرب تشرين 1973- 1975 فيتطرق الى موضوع المشاورات التي تمت بين مصر وامريكا واسرائيل وامريكا بشأن التوصل الى اتفاق لفصل القوات والتعايش السلمي، الى محادثاته في واشنطن مع كيسنجر وزير الخارجية الامريكي ومع وزير الدفاع ومع جيرالدفورد نائب الرئيس الامريكي بشأن موضوع تجهيز اسرائيل بالسلاح الامريكي وموضوع الاتفاقات مع مصر، ويتابع حديثه عن الجولات المكوكية الرامية الى تسوية الخلافات وعقد الاتفاق مع الجانب السوري.
ويرى ان من اصعب الايام التي مرت في حياته هي الاشهر السبعة والنصف من المفاوضات المرهقة التي اعقبت حرب يوم الغفران بسبب تزايد نشاط الفدائيين الذين يعملون من لبنان حيث حولوا لبنان الى قاعدة مركزية لعملياتهم بعد احداث ايلول 1970 مع الجيش الاردني.
اتضح له بان ثقة الشعب في شخصه قد تدهورت واكد ذلك في انه في احدى المناسبات مر من امام بعض المتظاهرين فصاحت به احدى النساء- وربما ارملة احد الجنود الذي قتل- (مجرم) فكانت بمثابة خنجرا في قلبه، وبعد سبع سنوات من خدمته في وزارة الدفاع عاد الى الحياة المدنية وبدأ يسرد ذكرياته عن واقع الحال الذي اصبح فيه بعد تركه عمله في وزارة الدفاع.
الكتاب =
* Moshe dayan, story of my life, Sphere Books limited , London, 1976.