19 ديسمبر، 2024 2:14 ص

الخيانة والوطنية نقيضان لايلتقيان

الخيانة والوطنية نقيضان لايلتقيان

يتفق أحرار العراق والعالم الحر على أن من حكموا العراق بعد 2003 يتمتعون بمواصفات خارج المنظومة القيمية وفقا للحقائق، بل حتى خارج الطبائع البشرية ،مرضى بالحقد والكراهية ، والخيانة متأصلة بهم ،كما الكذب والنفاق، جاءوا للعراق من زَرائب إيران وأرصفة الطرقات ، بعد أن وفر لهم الاحتلال مكانا لتهديم هذا البلد العملاق في حضارته وتاريخه العظيم وشعبه الأصيل ، لقد جعلوا كل شيئا بالمقلوب ، ولم يبقى مجالا إلا ودخلوا فيه لتدميره ، بدء من خرق النسيج الاجتماعي وفقدان سيادة البلد وهيبته إلى سرقة ثرواته وماله العام  بعناوين شتى.

شكلوا تيارات وأحزاب فـَـرْخـَـت أحزاب وتحالفات سياسية بعناوين ” وطنية” وهي عكس ذلك تماما، ليضحكوا على ذقون البسطاء من الشعب طيلة السنوات الماضية ولم يتقدم البلد خطوة واحدة إلى الأمام ، بل أصبح متخلفا في كافة المجالات على مستوى المنطقة والعالم ، ليبقى العراق متربعا على عرش الفساد وتدوير الأزمات على مستوى العالم.

وفي كل دورة انتخابية ترفع شعارات الإصلاح، ومكافحة الفساد ، والحفاظ على سيادة البلد ، وتعزيز قوة القانون ، لكن الحقيقة خلاف ذلك ، حتى فقد الدفاع عن سيادته والطلب بحصته المائية من إيران وتركيا كما معمول في القانون الدولي ، إلى استمرار الاعتداءات العسكرية الإيرانية والتركية دون توقف والتدخل في شؤونه الداخلية لمستوى صناعة الحكومات وتعيين المسؤولين في المناصب الحيوية .

العراق البلد الوحيد في العالم بعد (2003) تجتمع فيه كل النقائض وفقدان المعايير الدولية المهنية سواء بحفظ السيادة والعمل بالمنظومة القضائية والتعليمية والصحية والعسكرية والأمنية وغيرها كثير، وأخذ بعض المواطنين يكتبون عبارات في وسائل التواصل الاجتماعي تمثل السخرية لما يحصل فيه.

منذ 2005 وزعماء الأحزاب ونوابها يتشدقون إعلاميا بـ”الوطنية” وهي براء منهم، وأكثرهم صراخا هو أكثرهم فسادا وخيانة.

ولو استعرضنا بشكل ملخص عن تسلسل الأحداث السياسية الأخيرة لتماسك الموضوع خاصة بعد إعلان النتائج الانتخابية في شهر( تشرين أول 2021) ليصل الى حد اعتراض جميع القوى الشيعية عدا التيار الصدري على نتائج الانتخابات لتنتهي فيها المطاف الى اللجوء الى القضاء ومن ثم إعلان الاطار التنسيقي لمنافسة التيار الذي حصل على 73 مقعدا من اصل 325 مقعد. لتعود المحكمة الاتحادية بتفسير ينسف آمال التيار الصدري في تشكيل حكومته “الأغلبية” تحت مظلة تحالف (انقاذ وطن)  بتفسيرها لمادة دستورية تلزم الاطراف النيابية بحضور ثلثي أعضاء المجلس خلال جلسة التصويت على  انتخاب رئيس الجمهورية ، ولم يتمكن التحالف من تأمين العدد النيابي المطلوب من تشكيل الحكومة ، لحين إعلان التيار الصدري الانسحاب التام  من البرلمان وموت التحالف الثلاثي ، بعد استخدام الاطار سلاح الثلث المعطل ليتبادل الاطار التنسيقي والتيار الادوار في أورقة المحكمة الاتحادية ، حيث شرع التيار الى طلب حل البرلمان لترفضه المحكمة الاتحادية ، ورشح الاطار القيادي في ائتلاف دولة القانون (محمد السوداني) لرئاسة الحكومة المقبلة ليرفضه السيد مقتدى الصدر، ما دفع التيار الى النزول الى الشارع واقتحام البرلمان ،الى ان وصلت المرحلة حد استخدام السلاح واستشهاد واصابة العشرات من طرفي النزاع وتنتهي ببيان غاضب من الصدر تجاه اتباعه، وفشل البرلمان والحكومة في اتخاذ موقف حازم تجاه العدوان الإيراني والتركي في شمال العراق ، ليكتفي البرلمان على لسان رئيسه محمد الحلبوسي يوم (8/10/2022) بمفاتحة ” البرلمان الدولي لحفظ سيادة العراق” !!. وسط تحويل العاصمة بغداد الى سجن تحميه الدبابات والمدرعات والجيوش المتعددة لتوفير حماية للنواب لحضور جلسة برلمانية لا يستفيد منها الشعب.

وإحاطة السيدة بلاسخارت لمجلس الأمن الدولي يوم (4/10/2022) حول الوضع العراقي هو تأكيداً على ما ذهبنا إليه أعلاه، خاصة عندما قالت :-

  • النظام السياسي يعمل ضد مصالح الشعب.
  • بقاء هذا النظام  سيكون القادم أسوأ .
  • الطبقة السياسية غير قادرة على حسم الأزمة.
  • الفساد سمة اساسية في النظام السياسي العراقي .
  • حمام الدم ما زال قائما.
  • الخلافات السياسية بين القوى المتنفذة لايمكن التكهن بنهاياتها.
  • العرقيون فقدوا الثقة بقادة البلاد.
  • المصالح الحزبية أبعدت التنمية الوطنية

إن العراق يعيش اليوم لحظة مفصّلية، تضعه أمام مفترق طرق، إمّا العودة إلى الوراء بنزاعات داخلية أو الانطلاق بإرادة موحّدة تستوعب التحديات الجسيمة وتلبّي احتياجات المواطنين. وأن غياب الاستقرار الدائم ينهك البلد والشعب، ولم يعد مقبولا استمرار الوضع القائم، وتشكيل الحكومات بات يطول، وبنود دستورية تعطل أكثر، وسوء في أحوال المعيشة والخدمات، ولا يمكن المراهنة على صبر العراقيين أكثر. ولن يتحقق الاستقرار والنمو في البلد إلا بتحقيق الدولة المدنية بقيادة وطنية كفوءة، نجدد التأكيد على أن الخيانة  والوطنية  نقيضان لايلتقيان.

أحدث المقالات

أحدث المقالات